قال وزير المالية السعودي، محمد عبدالله الجدعان، إن مبادرة الاستثمار تقدم رسالتين مهمتين، الأولى أنه بحضور المنتدى يتضح أن العالم أيقن حقيقة التغييرات والتطورات الكبيرة في المملكة، التي لم يكن يتوقع حدوثها بهذه السرعة، وتظهر العديد من المقابلات مع المستثمرين والمسؤولين من كل دول العالم أنهم غير مصدقين لما يحدث، وأن الوعود تتحقق عبر تنفيذ تحول اجتماعي واقتصادي ومالي وهو ما تثبته “أرقام لا تكذب”.
وأضاف في مقابلة مع “العربية”، اليوم الخميس، على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار، المنعقدة في الرياض، أن الرسالة الأخرى هي الحضور الكبير من المجتمع الاستثماري المحلي الذي لديه حماس شديد للاستثمار، حيث نما معدل الاستثمار بنسبة 19% حتى نهاية سبتمبر الماضي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، ويدعم معدل الاستهلاك المرتفع والإنفاق الحكومي تمكين القطاع الخاص، وبذلك تقدم المملكة رسالتها للخارج، أنها دولة تخطط وتعمل بجد وتحقق النتائج.
اقرأ أكثر: وزير المالية السعودي: السنوات الست المقبلة “جيدة جداً” لدول الخليج العربية
وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، قال وزير المالية السعودي، إن وزير الخارجية السعودي والسفيرة السعودية في الولايات المتحدة ووزير الطاقة، أكدوا أن العلاقة مع الولايات المتحدة ليست علاقة سنة أو سنتين أو علاقة صفقة أو صفقتين بل علاقة استراتيجية تمتد على مدى عقود طويلة، وما يحدث من اختلاف في وجهات النظر أمر معروف بين الدول.
وأضاف الجدعان أن المملكة مستمرة في علاقتها مع الولايات المتحدة “ويجب ألا نلام على حماية مصالح السعودية وشعبها، ونتفهم رأي الأطراف الأخرى بما فيها الولايات المتحدة”.
وعن وضع الاقتصاد العالمي، قال الوزير محمد عبدالله الجدعان، إن معدل التضخم وصل في بعض الدول إلى 8 و9%، وارتفعت أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود لمستويات عالية جدا في مختلف دول العالم، ولذلك عملت المملكة مع صندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين على مساعدة الدول الأقل دخلا، وعقدت مؤتمراً مع رئاسة إندونيسيا لمجموعة العشرين في بالي، ومؤتمراً آخر في واشنطن بين وزراء المالية والزراعة بمبادرة سعودية وتأييد إندونيسيا مع تأكيد الحاجة للتعاون الدولي، لأن الزوبعة الحالية لن تحل دون تعاون دولي في ظل الحاجة لمساعدة الدول الفقيرة نتيجة ارتفاع مستوى الديون وأسعار الفائدة التي ستكون صعبة جدا على الكثير من دول المنطقة.
وأضاف الجدعان أن دول الخليج تشهد طفرة اقتصادية كبيرة جدا مدعومة بخطط استباقية وليست ردود أفعال، بدأت تنفيذها من 3 إلى 4 سنوات وتقطف ثمارها الآن، والتضخم لديها في الحدود الدنيا، فيما يصنف اقتصاد المملكة الأعلى نمواً بين دول مجموعة العشرين.
وتوقع وزير المالية السعودي أن ينمو اقتصاد السعودية بنسبة 8% في 2022، وأن ينمو الناتج المحلي غير النفطي في 2023 بأكثر من 5%.
وأوضح الجدعان أن المملكة عملت منذ بداية الأزمة الحالية مع صناديق إقليمية لتوفير دعم لدول المنطقة لمواجهة أزمة الغذاء بقيمة 10 مليارات دولار، وعملت مع صندوق النقد لإنشاء نافذة للدول المتأثرة من أزمة الغذاء وقدمت السعودية دعما كبيرا في هذه النافذة.
وقال إن السعودية عملت مع صندوق النقد على تقديم الدعم للدول المحتاجة، وقدمت 12.7 مليار دولار لدول المنطقة منها مصر وباكستان وتونس وغيرها، منذ نفس الفترة من العام الماضي حتى الآن.
وعن أداء السندات دولياً وتأثيرها على الاستثمارات السعودية فيها، قال الجدعان، إن محافظ السندات الدولية طويلة المدى ولا تنظر إلى التذبذبات قصيرة المدى، لأنها استثمارات لـ 20 و30 سنة قادمة.
اقرأ أكثر: وزير الاقتصاد: نتوقع نمو الاقتصاد السعودي 8% في 2022
وأكد وزير المالية السعودي وجود قطاع مصرفي وبنك مركزي سعودي قوي جدا وقادر على دعم السياسات النقدية، وتدعمه السياسات المالية عبر التنسيق المتبادل بين وزارة المالية والبنك المركزي، ولا يوجد تحد في السيولة، ولدى المالية والمركزي الأدوات اللازمة لدعم الاقتصاد والبنوك المحلية.
وأوضح الجدعان أن الإنفاق الحكومي يدخل البنك المركزي عبر حسابات في البنوك بالتنسيق مع المركزي، والوزارة جاهزة لتوفير أي سياسات لدعم السيولة في الاقتصاد والمركزي قادر بكفاءة على إدارة السيولة في البنوك.
وعن الفوائض المتوقعة خلال السنة الحالية بواقع 90 مليار ريال، قال وزير المالية السعودي، إن توزيع الفائض المالي سيتحدد في الربع الأول من العام القادم، مع انتهاء السنة المالية الحالية، حيث تدرس لجنة توزيع الفوائض سواء لزيادة الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي أو ذهاب جزء لصندوق التنمية الوطني وجزء إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وعن ارتفاع الإنفاق عن المعلن في الميزانية، قال وزير المالية، إن الميزانية وضعت قبل الأزمة الروسية الأوكرانية ولم تكن معدلات التضخم وصلت لمستوياتها الحالية، وبالتالي ارتفعت أسعار الواردات وأعلنت المملكة دعماً للمواطنين عبر برنامج حساب المواطن ودعم الضمان الاجتماعي، وزيادة المخزون الاستراتيجي الغذائي وتعجيل بعض المشاريع.
وأوضح أن الإنفاق الرأسمالي في الميزانية ارتفع بنسبة 30% عن المعلن في الميزانية لتنفيذ مشاريع المياه ومشاريع الخدمات اللوجستية لتعويض التخفيض فيها خلال فترة الجائحة.
وأكد الجدعان على أن الإصلاحات ثابتة لا تتغير والسياسات المالية تعتمد على الوضع الاقتصادي بما فيها الضرائب، ولذلك سيتم مراجعة ضريبة القيمة المضافة في وقتها المناسب، “والوقت الآن لسنا جاهزين لوجود زوبعة عالمية ولذلك يجب الحرص قبل اتخاذ قرارات”.
وقال محمد عبدالله الجدعان، إن الوزارة لديها سياسة واضحة في مسألة الدين البالغ 900 مليار ريال، ونظراً لأن جزءا كبيرا من الديون يستحق في السنة القادمة وجزء في 2024 و2025 و2026، ولذلك خطة الوزارة هي “عدم أخذ مخاطر إعادة التمويل في سنة واحدة بمبالغ كبيرة جدا لأنك لا تعرف ما سيحدث في الاقتصاد العالمي”، ولذلك عندما توجد فرص لإعادة تمويل بعض الديون لا سيما التي تستحق في 2023 أو 2026 لأنها الأكبر، ستنفذ على الفور”، متابعاً: “ونفذت تمويلاً استباقياً لجزء كبير من المستحق في 2023 بنحو 40 إلى 50 مليار ريال والرقم الأعلى في 2026 بنحو أكثر 100 مليار ريال يستحق إعادة تمويله استباقيا”.
وأكد الوزير، على أن الجزء المتغير الفائدة من إجمالي الدين قليل ويبلغ 18% من وسيتقلص في 2023 إلى 14%.