يلتقي ممثلو عالم منقسم وفي خطر، اعتبارا من الأحد ولمدة أسبوعين، في شرم الشيخ للبحث في المواضيع التي تهدد كوكب الأرض مع ما يشهده من كوارث طبيعية، وفيما لا يزال متجها إلى احترار كارثي.
وينتظر وصول أكثر من مئة من قادة الدول والحكومات الاثنين والثلاثاء للمشاركة في “قمة القادة” خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين حول المناخ (كوب27) على ما أفاد المنظمون المصريون في أجواء تشهد أزمات عدة مترابطة من حرب أوكرانيا والضغوط التضخمية واحتمال حصول ركود عالمي فضلا عن أزمات الطاقة والغذاء والتنوع الحيوي.
ويعول كثيرا على نتائج المحادثات فيما العالم قلق على مستقبله جراء المشاكل المناخية مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وعواصف في أنحاء مختلفة من العالم تعطي لمحة عن أسوأ السيناريوهات المحتملة.
كذلك تسيطر على مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) الذي يستمر من السادس من نوفمبر إلى الثامن عشر منه حاجة الدول الفقيرة للمال لمواجهة التداعيات المستقبلية لا بل تلك التي أصبحت من الآن تحصد أرواحا وتعيث فسادا بالاقتصاد.
وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من “عدم توافر مسلك موثوق” راهنا لحصر ارتفاع حرارة الأرض بالهدف المحدد في اتفاق باريس للمناخ والبالغ 1.5 درجة مئوية.
ومع أن مسار الاحترار العالمي بات أفضل منذ بوشرت مفاوضات المناخ في الأمم المتحدة العام 1995 إلا أنه في ظل السياسات الراهنة يتوقع أن ترتفع حرارة الأرض 2.8 درجة مئوية وهو أمر كارثي. وقد ترتفع الحرارة 2.4 درجة مئوية حتى لو احترمت الدول كل تعهداتها على صعيد خفض استخدام الكربون بموجب اتفاق باريس.
قمة المناخ كوب 27
“أزمة متعددة الجوانب”
وقال ألدن ميير كبير محللي “إي 3جي” والخبير بشؤون المناخ منذ 30 سنة: “حصلت مراحل مشحونة في السابق”، ذاكرا حروبا أخرى ومشارفة عملية التفاوض برعاية الأمم المتحدة على الانهيار العام 2009 وانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس في عهد دونالد ترمب.
وأكد: “لكننا أمام العاصفة المثلى. وقد استحدث مصطلح جديد لوصفها: أزمة متعددة الجوانب (بوليكرايسيس) Polycrisis”.
ويفيد خبراء كثر بأن ما يلقي بظلاله أكثر ولفترة أطول على المفاوضات في مصر ليس الغزو الروسي لأوكرانيا إنما التراجع المتواصل في العلاقات الصينية الأميركية فيما ساهم البلدان في السابق بحصول اختراقات على صعيد الدبلوماسية المناخية بما في ذلك اتفاق باريس.
تعبيرية
“مرحلة مفصلية”
خلال كوب26 في غلاسغو، حيّد أكبر اقتصادين في العالم المناخ عن خلافاتهما الشائكة الأخرى العالقة، وأصدرا بيانا مشتركا.
إلا أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس الماضي أدت إلى وقف قنوات التواصل بين البلدين على صعيد المناخ. وقد تفاقم الوضع مع فرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قيودا قاسية على تصدير الشرائح التكنولوجية المتطورة إلى الصين.
وقال لي شوو المحلل السياسي مع غرينبيس إنترناشونال ومقره بكين “نحن في مرحلة مفصلية. إذا كان الوضع السياسي بهذا السوء بحيث لا تَواصُل بين أكبر مسبّبين للانبعاثات، لن نحقق 1.5 درجة مئوية”.
ويُتوقع أن يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ قمة مجموعة العشرين في بالي قبل أيام من إنجاز المفاوضات في مصر. وأكد لي “في حال التقى الزعيمان، فإن هذه الدينامية ستؤثر على ما يحصل في شرم الشيخ”.
تعبيرية
شؤون المال
وستركز أعمال كوب27 على ثلاث أولويات متداخلة هي الانبعاثات والمساءلة والمال.
وتتعلق المسألة الرئيسية التي تحدد نجاح المفاوضات من عدمه باستحداث صندوق منفصل خاص بـ”الخسائر والأضرار” وهي تعويضات تدفع عن الأضرار المناخية التي لا عودة عنها.
وتماطل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يخشيان اعتماد آلية مفتوحة للتعويضات، على صعيد هذه القضية منذ سنوات وتشككان في الحاجة إلى آلية مالية منفصلة، إلا أن صبر الدول المتضررة بدأ ينفد.
وقال منير أكرم سفير باكستان لدى الأمم المتحدة ورئيس مجموعة الـ77 +الصين، وهي كتلة تفاوضية نافذة تضم أكثر من 130 دولة نامية، إن “التوصل إلى اتفاق حول آلية الخسائر والأضرار ستكون مقياس نجاح كوب27 أو فشله”.
وأكد أكرم خلال مقابلة مع وكالة “فرانس برس”: “الإرادة تصنع المعجزات”.
كذلك يتوقع من الدول الغنية أن تضع جدولا زمنيا لدفع مئة مليار دولار سنويا لمساعدة الدول النامية على جعل اقتصادها أكثر مراعاة للبيئة وتعزيز مقاومتها للتغير المناخي في المستقبل.
وكان ينبغي البدء بدفع هذا المبلغ قبل سنتين ولم يجمع بالكامل بحسب منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي (لا يزال يحتاج إلى 17 مليارا).
وخلال كوب26 في غلاسغو العام الماضي، أعطيت الأولية لخفض التلوث الكربوني خصوصا عبر اتفاقيات جانبية هندستها المملكة المتحدة مضيفة المؤتمر، لخفض انبعاثات غاز الميثان ولجم قطع أشجار الغابات والرفع التدريجي للدعم على الوقود الأحفوري وتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
واتفقت الدول على مراجعة تعهدات خفض الكربون سنويا وليس كل خمس سنوات إلا أن حفنة من الدول قامت بذلك في 2022.
وستتواصل الجهود لخفض الانبعاثات في شرم الشيخ مع تقييم أعضاء الوفود والمراقبيين للتقدم المحرز على صعيد وعود العام الماضي.
وسيكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقييما حول تعهدات الشركات والمستثمرين والسلطات المحلية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي عموما.
وقال الأسبوع الماضي “لا يمكن للعالم أن يتحمل مزيدا من الغسل الخضر أو التحركات الزائفة أو المتأخرة”.