متابعة: علي نجم
كان يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 1989 تاريخياً بالنسبة لمنتخب الإمارات الذي تعادل مع كوريا الجنوبية 1-1 في المباراة الأخيرة بالدور الحاسم من التصفيات الآسيوية، وأسهمت في صعوده إلى مونديال 1990 في إيطاليا، وهو التواجد الأول والأخير ل «الأبيض» في الحدث الكروي الكبير.
كان المشهد «سوريالياً» في ملعب يورونغ ستاديوم في سنغافورة حيث أقيمت مباراة كوريا الجنوبية والإمارات، بعدما تقدم «الشمشون» بهدف كوان في الدقيقة السادسة، وعادل «الأبيض» برأسية عدنان الطلياني في الدقيقة 26، ووسط ضغط رهيب من الكوريين، حافظ «السوبر مان» محسن مصبح بتصديات خرافية على نظافة شباكه، في هذا الوقت كانت قطر تصنع معجزة في مباراتها مع الصين وتحول تأخرها بهدف إلى فوز بهدفين في آخر 3 دقائق عبر محمود الصوفي ومنصور مفتاح، ليتأكد تأهل «الأبيض» إلى النهائيات برفقة كوريا الجنوبية.
مع إعلان الحكم صافرته النهائية، بدأ صوت المعلق عدنان حمد يصدح عبر الأثير والدموع تخالجه «إني أرى أضواء روما الآن».
يتذكر عدنان حمد في حديث ل«الخليج الرياضي» ما حصل للمنتخب في سنغافورة، ورحلة الأيام ال16 بين بداية التصفيات في 12 أكتوبر 1989 وختامها في 28 منه.
يقول: قبل مباراة كوريا الجنوبية وصلت برقية عاجلة من «فيفا» تفيد بإيقاف عبد الرزاق إبراهيم (أحد نجوم المنتخب والمتألق في تلك الفترة)، وذلك بسبب عقوبة نالها خلال مشاركته في بطولة العالم العسكرية، وهذا الإيقاف سبب صدمة كبيرة للبعثة، وعدا عن ذلك كان هناك العديد من الإصابات.
ويستطرد: فوزنا على كوريا الجنوبية كان يحسم تأهلنا مباشرة، والتعادل يفرض خسارة الصين أمام قطر، كل هذه الأمور جعلت مهمة منتخبنا صعبة ان لم نقل مستحيلة، لذلك كانت الأعصاب مشدودة، وبأمانة شديدة فان الورقة والقلم لم يفارقا يدي على مدى 4 أيام لوضع احتمالات تأهلنا.
وأنهى حمد في هذا الجانب: الحمد لله تعادلنا وفازت قطر على الصين ليتأهل منتخبنا بمعجزة رغم انه ذهب إلى سنغافورة من أجل المشاركة فقط في التصفيات، بالنظر إلى الأحداث التي سبقتها وأهمها استقالة اتحاد كرة القدم وتعيين لجنة مؤقتة.
سر هدف خالد
وخاض منتخب الإمارات النهائيات وسط مجموعة صعبة، وبدأ مشواره بالخسارة أمام كولومبيا صفر-2 ثم سقط أمام ألمانيا الغربية 1-5 ويوغسلافيا 1-4.
ويكشف عدنان حمد سراً يرويه للمرة الأولى عن خالد إسماعيل صاحب أول هدف في تاريخ كرة الإمارات في المونديال وذلك في مرمى ألمانيا الغربية.
يقول حمد: بعد مباراة كولومبيا انتقلنا إلى مدينة ميلان لملاقاة ألمانيا في استاد السان سيرو، وليلة المواجهة وبينما كنت جالساً في غرفتي أحضر برنامج التغطية التلفزيونية، إذا بالجرس يرن في ساعة متأخرة من الليل، نظرت من عين الباب السحرية فإذا هو خالد إسماعيل واقفاً خلف الباب، ورغم ممانعتي بداية من دخوله كونه تنتظرنا مباراة في اليوم التالي، أصر علي بالدخول وقال لي إنه لن يكون في التشكيلة حتى الاحتياطية بسبب خلافه الشهير مع المدرب البرازيلي كارلوس ألبرتو.
ويتابع حمد: طلب خالد إسماعيل الشاي وأخذنا نتحدث حتى وصلت الساعة الثالثة صباحاً، وكانت المفاجأة وقت المباراة أن خالد كان في التشكيلة الأساسية، وقد وفقه الله وسجل يومها الهدف التاريخي للإمارات في شباك ألمانيا.
نظرة تشاؤمية
يملك صاحب كتاب «سنغافورة أسرار لم تحك.. رحلة من الإنجاز إلى الإخفاق» نظرة تشاؤمية للمستقبل، ويرى أن منتخب الإمارات بوضعه الحالي سيكون عاجزاً عن التأهل إلى مونديال 2026 حتى بعد رفع عدد المقاعد.
ويعدد عدنان حمد العديد من الأسباب التي تجعل تأهل منتخبنا في 2026 صعباً هي:
1- العدد الكبير من الأجانب في الدوري (8 لاعبين لكل ناد) وعدم الاستفادة الحقيقية من اللاعب المقيم ومميزاته التي من أجلها تواجد في دورينا.
2 – هبوط المستوى.
3 – عدم وجود استراتيجية واضحة طويلة الأمد.
4 – التخبط في التعاقد مع المدربين، ولو حسبنا عدد المدربين الذين تعاقد المنتخب معهم في آخر 4 سنوات، فان الأمر يثير الاستغراب.
5 – المدرب الحالي الأرجنتيني رودولفو أروابارينا، ما هو فكره وتاريخه وإنجازاته، وماذا قدم وماذا يقدم الآن؟ وهل هو رجل المرحلة أم جسر عبور للمشاركة في كأس الخليج وبطولة غرب آسيا؟
6 – المدير الفني الذي يقيم المنتخبات والذي كان يعمل مساعداً لمارفيك، هل هو الرجل المناسب للوظيفة.
7 – من هو الجيل الذي سيمثل منتخب الإمارات في 2026 بعدما وصل معظم الجيل الحالي إلى عمر تجاوز 30 سنة.
كل هذه الأمور والأسئلة تجعل عملية الصعود تكاد تكون صعبة إن لم تكن مستحيلة.
وقال حمد:استشهدت في كتابي أن كرة الإمارات على مر التاريخ تقدم منتخباً جيداً كل 20 سنة، لذلك بعد جيل مونديال 1990 ظهر جيل موهوب ومبدع لكنه لم يستمر طويلاً، وأعتقد ان دخول الاحتراف في نفس الوقت الذي ظهر فيه هذا الجيل، بدلاً من أن يكون إيجابياً له مثّل حالة سلبية وصدمة للكثير من اللاعبين، فأصبح الأداء متواضعاً وباهتاً،والرغبة والشغف للمشاركة في المنتخب وتقديم مستويات كبيرة لم يكن بذلك الشغف والحب والانتماء والتضحية التي كان عليها الجيل السابق، من هذا المنطلق كانت نظرتي تشاؤمية وستبقى كذلك.