أكد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تزايد الأسباب والدوافع التي كانت وراء إنشاء تحالف الحضارات، مشدداً على أنه «لم يسبق لحضارتنا أن كانت معرضة لمثل هذا الكم الهائل من المخاطر، ولم يسبق للعيش المشترك أن واجه مثل ما يواجهه اليوم من تهديدات يومية».
ويشارك مجلس حكماء المسلمين، في فعاليات المنتدى الدولي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات الذي افتتح، أمس الثلاثاء، في مدينة فاس بالمغرب ويستمر ليومين تحت عنوان: «نحو تحالف من أجل السلام: لنتعايش جميعاً كإنسانية واحدة».
وقال العاهل المغربي، إن عقد الدورة التاسعة للمنتدى العالمي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات على أرض إفريقية يعطي إشارة قوية على استمراريته وبعده الكوني، وأنه يلتئم حول توجه مشترك للمضي قدماً نحو «تحالف للسلام»، ولبلوغ هدف مشترك يتمثل في الاستجابة لمطلب «العيش المشترك» في ظل «قيم الكرامة الإنسانية.
وقال الملك محمد السادس، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المنتدى: «أشكال التطرف باتت تهيمن على النقاشات وتقصي الخطابات المعتدلة، وغالباً ما يتم توظيف الديانات لأغراض غير بريئة، ناهيك عما تتعرض له من وصم وتوصيفات مسيئة، الشعبوية تثير القلاقل والاضطرابات داخل المجتمعات وتختلق الأسئلة دون الإجابة عنها، لا لشيء إلا لتوظيف الهجرة فزاعةً وأداة انتخابية وجعل المهاجر كبش فداء». وتابع: «جائحة كوفيد-19 جاءت لتعلن عن عودة الانعزالية والانغلاق على الذات، في الوقت الذي كان يجب أن تشكل فرصة لترسيخ الوعي بالمصير المشترك».
وشدد العاهل المغربي على أن الإرهاب ينتعش من نزعات الانفصال ويتحين الفرصة، حيثما يسهم انعدام الاستقرار السياسي، في تعطيل وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مؤكداً أن الوقت مناسب دوماً للحديث عن السلام.
وأضاف: «الحوار، يعد نجاحاً في حد ذاته وفي جوهره. وفي ظل تجدد النزاعات والصراعات، يبقى الحوار مفتوحاً على مآلات إيجابية. فحتى إن لم يفلح في تسوية الخلافات، فحسبه أنه يعزز التعارف».
ورأى أن الدين يجب أن يكون حصناً ضد التطرف لا مطية له، حيث دأبنا على الدفاع عن هذه القناعة في كل المحافل، من خلال الدبلوماسية الدينية للمملكة.
وأشار العاهل المغربي، إلى أنه وقع نداء القدس بمعية البابا فرنسيس، الذي يدعو إلى المحافظة على المدينة المقدسة باعتبارها أرضاً للقاء بين أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ورمزاً للتعايش السلمي والحوار والاحترام المتبادل.
وقال: «في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ البشرية، والتي ننكب فيها على التصدي للتغيرات المناخية، ومحاربة الإرهاب، ونبذل قصارى الجهود من أجل تحقيق التنمية المستدامة والأمن المائي والطاقي والغذائي، ومن أجل التنمية بصفة عامة، ينبغي لنا أن نعود إلى ما هو جوهري وأساسي في هذا الشأن، ألا وهو العيش المشترك، من أجل إنسانية واحدة تعيد وضع الكائن الإنساني في صلبها». ومن المقرر أن يعقد مجلس حكماء المسلمين جلسة حوارية، اليوم الأربعاء، خلال فعاليات المنتدى، لمناقشة دور القادة الدينيين في تعزيز السلام والاحترام المتبادل والوئام الاجتماعي «مناقشة تفاعلية بين القادة الدينيين من مختلف الطيف الديني»، يشارك فيها الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، إلى جانب عدد من القادة الدينيين حول العالم، ويديرها أداما ديانغ، المستشار الخاص لمجلس حكماء المسلمين ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة السابق، والمستشار الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية.
(وكالات)