سوف يتذكر عالم الموضة أن نهاية العام 2022 كانت أيضاً تاريخ رحيل المصممة البريطانية المتمرّدة فيفيان ويستوود، التي رحلت عن عمر 81 عاماً واستطاعت طوال مسيرتها أن تستعمل الموضة للتعبير عن آراء اجتماعيّة وسياسيّة مثيرة للجدل.
خبر الوفاة أعلنته دار أزياء Vivienne Westwood في بيان قالت فيه “رحلت فيفيان ويستوود بسلام مُحاطة بأسرتها في منزلها الواقع بجنوب لندن، في وقت يحتاج فيه العالم إلى أشخاص مثلها لتغيير الأمور نحو الأفضل”.
– صاحبة الشعر البرتقالي:
عُرفت فيفيان باستعمالها الموضة لغة للتعبير عن آرائها في مواضيع مثل التبدل المناخي، والتلوث، والدفاع عن جوليان آسانج مؤسس “ويكيليكس”. وهي كتبت الشعارات التي تؤمن بها على قمصان ارتدتها الفتيات اللواتي شاركن بتقديم الأزياء خلال عروضها. رأيناها تُجسّد شخصيّة رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر على غلاف إحدى المجلات في العام 1989، كما قلّدتها الملكة إليزابيت الثانية وسام الإمبراطوريّة البريطانيّة في العام 1992. وهي نشرت سيرة حياتها في العام 2014 التي قالت فيها “السبب الوحيد الذي يجعلني في عالم الموضة هو لتدمير مفهوم الامتثال، فلا شيء مهم بالنسبة إليّ في غياب هذا الهدف”.
تميّزت إطلالة المصممة فيفيان ويستوود بالشعر البرتقالي الذي تحوّل فيما بعد إلى أبيض. وهي برزت في سبعينيّات القرن الماضي من خلال اعتمادها موضة “البانك” في فترة كان الاتجاه السائد خلالها لموضة “الهيبيز”، فرأيناها تعتمد تصاميم مستوحاة من موسيقى الروك تمّ تنفيذها بخامات اللاتيكس، والأقمشة الممزقّة التي تزيّنت بالسلاسل، والمسامير، والسحابات البارزة، ودبابيس الأمان.
– مفاهيم سابقة لعصرها:
شجّعت فيفيان ويستوود منذ بداياتها على تبنّي مفاهيم ترشيد الاستهلاك والاستدامة، فهي ولدت في العام 1941 وعايشت فترة التقشّف التي عرفتها مرحلة الحرب العالميّة الثانية وما بعدها. تبنّت مبدأ إعادة التدوير منذ بداياتها في عالم الموضة وشجّعت المستهلكين على “حسن الاختيار” و”الحدّ من الشراء”، حتى إنها اعتمدت مبدأ التقشّف حتى في حياتها الشخصيّة إذ عاشت لمدة 30 عاماً من حياتها في شقة صغيرة جنوب لندن وكانت تذهب إلى عملها بالدراجة.
تابعت فيفيان خلال صباها دروساً في صناعة المجوهرات والفضّيات قبل أن تنتقل للعمل في مجال التعليم بمدرسة ابتدائية إلى جانب عملها في بيع المجوهرات، أما أول عرض أزياء حمل توقيعها فقدمته في العام 1981 عندما كانت في الأربعين من عمرها. تميّز أسلوبها في مجال تصميم الأزياء بإطلاق مفهوم جديد للرومانسية وبالاعتماد على الأبحاث التاريخيّة. وقد تكرّر في أزيائها ظهور الكورسيه وأثواب الحفلات المصنوعة من التفتا، أما أحذية البلاتفورم التي اشتُهرت بها فلفتت أنظار العالم أجمع في العام 1993 عندما ارتدتها العارضة نعومي كامبل وسقطت بها على ممشى العرض.
– الموضة للدفاع عن قضايا عالميّة:
تقول المصممة فيفيان ويستوود في مذكراتها “تصاميمي تحمل قصة، وهويّة، وشخصيّة، وهدف ولذلك فهي تتحوّل إلى قطع كلاسيكيّة كونها تستمر بسرد القصص”. وقد عرفت تصاميمها ازدهاراً في تسعينيّات القرن الماضي عندما بدأ الجمهور بالتهافت على عروضها الباريسيّة وعلى متاجرها لشراء الأزياء، والأكسسوارات، والعطور.
خلال مسيرتها، استعملت فيفيان اسمها الذي أصبح معروفاً في مجال الموضة للدفاع عن عدة قضايا منها نزع السلاح النووي، قوانين مكافحة الإرهاب، السياسات النقديّة التي تؤثّر على الفقراء. وقد رأيناها تحمل لافتة بعنوان “ثورة المناخ” في الحفل الختامي للألعاب الأولمبيّة الخاصة بالمعاقين التي أقيمت في لندن خلال العام 2012 وهي حوّلت عارضاتها إلى مُدافعات عن البيئة على منصّات عرضها في أكثر من مناسبة. وسوف يتذكر العالم دائماً ما قالته في إحدى مقابلاتها الصحافيّة خلال العام 2018 “لطالما كان لديّ أجندة سياسيّة، وقد استخدمت الموضة في أكثر من مناسبة لتحدّي الواقع الراهن”.