دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– حقّقت مصر رقمًا قياسيًا في صادرات الغاز الطبيعي بلغت 8 ملايين طن خلال عام 2022، بقيمة 8.4 مليار دولار، وزيادة نسبتها 140% عن عام 2021، مُستغلةً زيادة أسعار تصدير الغاز المسال عالميًا، فيما أكد خبراء أن مصر تسعى لاستغلال أزمة نقص إمدادات الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية بزيادة حجم صادراتها من الغاز، متوقعين استمرار زيادة حجم الصادرات خلال الفترة المقبلة بعد الاكتشافات الجديدة وتوقيع اتفاقية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي.
وحسب تقرير لوزارة البترول والثروة المعدنية، بلغ إجمالي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 50.6 مليون طن عام 2022، و1.1 مليون طن بوتاجاز، و27.8 مليون طن زيت خام ومتكثفات.
قال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، إن مصر حققت رقمًا قياسيًا في صادرات الغاز الطبيعي نتيجة اتباعها خطة لترشيد استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء وتشغيل المصانع من خلال استخدام بدائل أقل سعرًا، مثل المازوت في إنتاج الكهرباء وتوفير فائض الغاز لتصديره لدول الاتحاد الأوروبي، وحققت نجاحًا في هذه الخطة حتى بلغت الزيادة في قيمة الصادرات 140% العام الماضي.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية، في أغسطس/ آب الماضي، عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز الطبيعي لتصديره للخارج وزيادة العائد من النقد الأجنبي.
وتوقع “يوسف”، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تنجح مصر في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لتحقق مستهدفها البالغ 12 مليار دولار خلال عام 2023، معتمدة في ذلك على استمرار ترشيد استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وتنمية حقول إنتاج الغاز، على أن يتم توجيه صادرات الغاز لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، وتركيا وباكستان والهند وإندونيسيا.
وقال “يوسف” إن مصر كانت إحدى البدائل الهامة لدول الاتحاد الأوروبي لتعويض تدفق الغاز الروسي للقارة العجوز، واستغلت مصر هذه الفرصة بزيادة حجم صادرات الغاز المسال، كما تم توقيع اتفاقية خلال زيارة المفوضية الأوروبية لمصر لزيادة حصة صادرات الغاز المصري لأوروبا.
في يونيو/ حزيران الماضي، وقعت مصر والاتحاد الأوروبي وإسرائيل مذكرة تفاهم ثلاثية بالقاهرة تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط، التي تهدف لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا باستخدام البنية التحتية والتسهيلات المصرية.
من جانبها، قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد والطاقة، إن الحكومة المصرية عملت على تنمية قطاع البترول والثروة المعدنية من خلال 3 محاور؛ الأول ضخ استثمارات ضخمة للبحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول، سواء بصحراء مصر الشرقية والغربية والبحرين الأحمر والأبيض المتوسط؛ بهدف زيادة إنتاج مصر من الثروة البترولية، والتأكيد على احتياطات مصر المرجحة منها، ونجحت الدولة في التعاون مع كبرى الشركات العالمية العاملة في هذا الصدد، بفضل اهتمام القيادة السياسية بالملف وحرصها على أن تتحول مصر من دولة مستهلكة إلى منتجة للطاقة.
وانتهت وزارة البترول من تنفيذ 4 مشروعات لتنمية وإنتاج الغاز من الحقول المكتشفة بهدف إنتاج كميات من الغاز الطبيعي تصل إلى حوالي 185 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، بالإضافة إلى 1000 برميل متكثفات يوميًا، بإجمالي تكلفة استثمارية 183 مليون دولار، وفقًا لبيان رسمي.
وأوضحت “علي”، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، المحور الثاني المتمثل في زيادة القيمة المضافة على اكتشافات البترول من خلال صناعة البتروكيماويات، التي تحتل فيها مصر مكانة رائدة ولديها خطة واضحة المعالم حتى عام 2035. أما المحور الثالث فهو اعتماد مصر على أحدث التقنيات في البحث والاستكشاف، مشيرة إلى أن مصر تتعاون مع كبرى الشركات العالمية لاستخدام أحدث الحلول التكنولوجية في التنقيب والاستكشاف والمسح السيزمي، في إطار سعيها لأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، من خلال زيادة إنتاجيتها من الغاز وإسالتها لتصديرها للخارج، إضافة إلى دورها السياسي من خلال قيادة منتدى غاز شرق المتوسط.
وفي عام 2022، تم تنفيذ 5 مجمعات ومشروعات جديدة لتكرير وتصنيع البترول في محافظات الإسكندرية، وأسيوط، والسويس؛ لإنتاج منتجات بترولية عالية الجودة لتغطية احتياجات السوق المحلي بتكلفة إجمالية تزيد عن 8 مليارات دولار.
وذكرت وفاء علي أن مصر أمامها فرصة لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة لتحقيق أمن الطاقة للقارة، مشيرة إلى زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية لمصر منتصف العام الماضي من أجل لتأمين إمدادات الطاقة لأوروبا، التي تعاني من أزمة في الطاقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية. إلى جانب تبني مصر خطة للتحول إلى مصادر للطاقة منخفضة الكربون وخفض الانبعاثات الكربونية، بحسب “علي”.
توقعت أستاذ الاقتصاد والطاقة أن تنجح مصر في سعيها لزيادة حجم الصادرات من الغاز الطبيعي خلال عام 2023، من خلال زيادة الكميات التي يتم إسالتها، سواء بالمصانع أو الوحدات العائمة، وزيادة إنتاجية الآبار الحالية وبدء إنتاج آبار جديدة، لافتة إلى الكشف حقل نرجس 1 في البحر المتوسط، الذي سيدخل الإنتاج خلال الفترة المقبلة.
وسبق أن أعلن وزير البترول المصري، طارق الملا، عن اكتشاف جديد للغاز الطبيعي بمنطقة النرجس بواسطة شركة شيفرون الأمريكية.