طوكيو- أ.ف.ب
من اتفاقيات تشمل الدفاع الجوي ونشر قوات أمريكية إضافية في أوكيناوا، إلى معاهدة «بالغة الأهمية» مع بريطانيا، تشكل جولة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الدبلوماسية المكثفة مناسبة تتخطى مجرّد التقاط الصور التذكارية.
هيمنت مسألة الدفاع على جدول أعمال كيشيدا هذا الأسبوع خلال لقاءات مع قادة مجموعة السبع، حلفاء بلاده في أوروبا وأمريكا الشمالية، وسط مساعيه لتعزيز العلاقات في مواجهة تنامي الضغوط من الصين، على ما يقول محللون.
وقالت الأستاذة المساعدة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدفاعية في جامعة أستراليا الوطنية إيمي كينغ، إن اليابان تريد تكريس «دورها كقوة عظمى».
وتبحث اليابان عن «شراكات استراتيجية وعلاقات دفاعية» وهو توجّه طبيعي لدول أخرى، «لكنه كان إلى حد كبير ممنوعاً عن اليابان» بسبب دستورها السلمي المطبق منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وناقش كيشيدا أيضاً مختلف الموضوعات من التجارة إلى المناخ، في مؤشر يدل على مساعيه لتعزيز علاقات طوكيو مع حلفائها. وقالت كينغ إن اليابان «تحصن نفسها أمام تراجع في قدرة الولايات المتحدة، وتعمل على جذب دول ديمقراطية كبرى أخرى إلى آسيا».
وقال الأستاذ في جامعة نيهون المختص في إدارة الأزمات ميتسورو فوكودا: إن جهود كيشيدا الدبلوماسية «تشير إلى أن الدفاع الوطني الياباني لا يمكن أن تضطلع به اليابان وحدها».
وأضاف: «في الماضي كانت اليابان قادرة على فصل الاقتصاد عن السياسة» وإقامة علاقات تجارية مع دول مثل الصين وروسيا بموازاة حصولها على حماية أمنية من تحالفها مع الولايات المتحدة.
لكن التوتر المتزايد، الذي فاقمه الحرب في أوكرانيا، يعني أنه «لا يمكننا الاستمرار في ذلك».
وتستضيف اليابان قمة مجموعة السبع هذا العام، ويزور كيشيدا جميع دول التكتل باستثناء ألمانيا في جولة يختتمها بمحادثات، الجمعة، في واشنطن مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. ووافق وزراء الخارجية والدفاع الأمريكيون واليابانيون على توسيع نطاق معاهدات بلديهما الأمنية المشتركة وأعلنوا عن نشر وحدة للتدخل السريع من سلاح مشاة البحرية الأمريكية (المارينز).
في بريطانيا وقع كيشيدا «اتفاق وصول متبادل» يتيح قانونياً للطرفين نشر قوات في أراضي كل منهما. وأبرمت اليابان اتفاقية مماثلة مع أستراليا العام الماضي، وتجري محادثات بشأن اتفاقية أخرى مع الفلبين. والعام الماضي وافقت طوكيو أيضاً على تطوير طائرة مقاتلة من الجيل التالي مع بريطانيا وإيطاليا وزيادة تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون الدفاعي مع أستراليا.
وتابعت بكين التطورات بشيء من الانزعاج وحذرت اليابان العام الماضي من «الانحراف» عن مسار العلاقات الثنائية. غير أن محللين يقولون: إن طوكيو تسير بحذر لتجنب تحدي جارتها القوية بشكل مباشر. وقال الباحث لدى معهد اليابان للشؤون الدولية دايسوك كاواي إن «توسيع (اليابان) شبكتها العسكرية هو بالتأكيد طريقة فعالة لمواجهة الصين أو محاولة ردعها».
لكن بما أن الاتفاقيات لم تصل إلى حد التحالفات الكاملة مع التزامات دفاعية متبادلة، ينبغي أن تظل «مقبولة في الوقت الحالي» بالنسبة لبكين، وفق كاواي.
وبينما فسر البعض إصلاح السياسات الدفاعية اليابانية والإنفاق على أنه قطيعة مع الماضي، يرى آخرون أنه تحوّل تدريجي.
وقال أستاذ الأمن الدولي في كلية الدراسات العليا للسياسة العامة بجامعة طوكيو إن هذه الخطوات «ستؤدي على الأقل إلى تعقيد الحسابات الصينية بشأن المدى الذي يمكنها من خلاله توسيع مدى أنشطتها في المنطقة».
ويمنع الدستور الياباني الذي وضع بعد الحرب، طوكيو من شن حرب، وقد أثارت خطط الحكومة لشراء صواريخ قادرة على ضرب منصات إطلاق للعدو، جدلاً حول حدود الإطار القانوني لذلك.
لكن الاستطلاعات تشير إلى أن الرأي العام الياباني يؤيد ذلك التحول وإن كانت الآراء حيال تسديد كلفة ذلك منقسمة، بل إن بعض المراقبين يعتبرون أنه تأخر كثيراً.
وقال إيوان غراهام، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن «جهود الردع هذه لا ينبغي اعتبارها مزعزعة للاستقرار أو استفزازية». وأضاف: «بل، إنها تمثل إعادة ضبط متأخرة لميزان قوة رجحت كفته بشكل كبير لصالح تلك التحديات الاستبدادية للوضع الراهن».