تنشأ تفضيلات الطعام كنتيجة للتجربة وشكل عادات الأكل والهوية الثقافية، وهو ما عبّر عنه الكاتب جان أنثلم بريلات سافرين مؤلف كتاب “فسيولوجيا التذوق”، المنشور عام 1825، بشكل موجز لكنه جامع وشامل قائلًا: “أخبرني ماذا تأكل: سأخبرك ما أنت عليه”.
وبحسب ما نشره موقع “نيوروساينس نيوز” Neuroscience News، جلبت دراسة جديدة، أجراها باحثو “جامعة ستوني بروك” الأميركية، هذا المفهوم إلى المستوى العلمي وأظهرت أن هناك بالفعل علاقة قوية بين ما نأكله في وقت مبكر من الحياة، كرضّع أو أثنا مرحلة الطفولة، وتفضيلاتنا في الطعام بمرحلة البلوغ والكبر. وتعتمد هذه العلاقة على تأثيرات تجربتنا المبكرة مع الطعام على الدماغ.
تعبيرية
الأسس العصبية وبيولوجيا التذوق
يسلط البحث، الذي نُشرت نتائجه في دورية Science Advances، الضوء على أهمية التعرض المبكر لمجموعة متنوعة من الأذواق، حيث إن ذلك يحدد الأساس العصبي الذي ينظم تفضيلات الأطعمة لدينا، مما يعكس معلومات جديدة مهمة حول العلاقة بين التغذية ووظيفة الدماغ.
وتعد الدراسة الأولى من نوعها التي تقدم نتائجها فهمًا للعمليات العصبية المتضمنة في تفضيل التذوق، حيث إن الدراسات السابقة، التي أجريت على الأطفال الرضع، أشارت إلى تأثير تجربة التذوق المبكر على تفضيل الطعام في وقت لاحق من الحياة لم تتطرق إلى الأسس العصبية.
وتتشابه بيولوجيا نظام التذوق في جميع الثدييات. فباستخدام نموذج الفئران، قام فريق البحث، من قسم البيولوجيا العصبية والسلوك في كلية طب “جامعة ستوني بروك”، بتعريض مجموعات من الفئران لمجموعة متنوعة من الأطعمة مختلفة المذاق لمدة أسبوع واحد. وبعد أسبوع واحد من تجربة مجموعة متنوعة من تلك الأذواق، تم إعادة فئران المختبر إلى نظامها الغذائي المعتاد، والذي يحتوي على عناصر غذائية متوازنة ولكن مع طعم غير غني. وللمقارنة، تمت تربية مجموعة أخرى من الفئران على نظام غذائي عادي.
تفضيل المذاق الحلو
توضح بروفيسور أريانا مافي، كبيرة باحثين وأستاذة في قسم البيولوجيا العصبية والسلوك، أنه تم زيادة تنوع المذاق في النظم الغذائية الصحية للفئران وتبين أن تطور الدوائر العصبية وتفضيل التذوق يتأثران بجميع جوانب تجربة التذوق، بما يشمل علاقات الإحساس في الفم والشم والأمعاء.
وبعد عدة أسابيع من تعريض فئران المختبر لمجموعة متنوعة من المذاق لمدة أسبوع، قام الباحثون بقياس تفضيل المحلول الحلو مقارنة بالماء. كان لدى الفئران، التي اختبرت طعمًا متنوعًا في وقت مبكر من الحياة، تفضيلًا أقوى للمذاق الحلو في مرحلة البلوغ مقارنةً بالمجموعة الأخرى التي لم تتعرض لتجربة مذاقات أخرى.
بروفيسور مافي قالت إنه فيما يتعلق بالبشر، يتم تفضيل الطعام منذ الطفولة، مع تسليط الضوء على الجوانب الثقافية المهمة لتجربة التذوق.
ولاشك أن المزيد من الأبحاث سيساهم في مزيد من الفهم لخيارات الطعام لدى البشر والأمراض المرتبطة باضطرابات الدماغ.