بدأت أمس الاثنين في سويسرا أعمال منتدى دافوس الاقتصادي في دورته السنوية الثالثة والخمسين تحت شعار «التعاون في عالم منقسم»، ويستمر حتى يوم الجمعة المقبل، من أجل إعادة بناء الثقة وإنشاء المبادئ والسياسات والشراكات المطلوبة لمواجهة تحديات عام 2023. ومنتدى هذا العام هو الأول في موعده المعتاد في منتصف يناير منذ ظهور وباء كوفيد-19، فقد تم إلغاؤه عام 2021 وتأجيله إلى مايو من العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض الحضور.
ويجمع المنتدى نحو 2500 من رؤساء الدول والحكومات، والرؤساء التنفيذيين للشركات، ومراكز الأبحاث وممثلي المجتمع المدني، وأعضاء وسائل الإعلام الدولية، وقادة شباب من إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية. غير أن عدداً من القادة البارزين سيسجلون غياباً وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بينما يحضر المستشار الألماني أولاف شولتس الزعيم الوحيد من قادة مجموعة السبع.
كما يتغيب أيضاً عن المنتدى قادة آخرون كبار من خارج مجموعة السبع، أبرزهم الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا. وألغى بعض القادة زيارة دافوس على نحو مفاجئ قبيل المنتدى، ومنهم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا بسبب أزمة الطاقة في بلاده.
ويناقش المنتدى قضايا المناخ وأزمة الغذاء بالإضافة إلى أزمة الطاقة؛ التي باتت هاجساً يؤرق حكومات العالم. ويرى المنتدى الاقتصادي العالمي أنه لتجنب مسار المستقبل القاتم بسبب أزمة الطاقة الراهنة، فإن الحل الوحيد من أجل تحقيق أمن الطاقة واستدامتها، هو«تسريع عملية التحول نحو الطاقة منخفضة الكربون». ووفقاً للدورة الحالية التي تأتي تحت شعار «التعاون في عالم منقسم»، يرى المنتدى الاقتصادي العالمي إنه على الرغم من أن الحكومات تعد مسؤولة بشكل أساسي عن ضمان أمن الطاقة في بلدانها، فإن معالجة هذه الأزمة بطريقة مستدامة تتطلب مستويات استثنائية من المشاركة والتعاون بين الحكومات والشركات والمنظمات الدولية والمستهلكين الأفراد.
وأعلن رئيس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بورغه بريندي خلال إحاطة صحفية هذا الأسبوع أن القمة التي تجري في منتجع الألب في سويسرا تنعقد هذه السنة «في ظل وضع جيوسياسي وجيو اقتصادي هو الأكثر تعقيداً منذ عقود». وساهم تفشي وباء كورونا والخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والحرب في أوكرانيا في السنوات الأخيرة في تزايد الشقاقات الجيوسياسية وتصاعد السياسات الحمائية.
ورأى مؤسس المنتدى كلاوس شفاب أن «أحد الأسباب الرئيسية لهذه الشرذمة هو نقص في التعاون» ما يؤدي إلى اعتماد «سياسات قصيرة الأمد وأنانية» مندداً ب«حلقة مفرغة».
وحمل هذا الوضع البعض على التساؤل حول مستقبل العولمة التي تشكل منذ نصف قرن محور فلسفة دافوس. وقالت كارين هاريس الشريكة والخبيرة الاقتصادية في مكتب الاستشارات باين أند كومباني لوكالة فرانس برس إنه كان هناك في وقت ما «الأمل بالعودة إلى الوضع الاعتيادي السابق، وضع عالم معولم إلى حدّ ما» مضيفة «أعتقد أن ثمة إقرار اليوم بأن هذه الحقبة في طور الانتهاء» حتى لو أنه سيبقى منها نقاط تعاون «حول مجموعة أكثر انحساراً من المسائل». (وكالات)