بسبب نمط الحياة السريع، باتت أعداد واسعة من الناس تتناول وجباتها خارج المنزل، أو تعتمد على الأغذية المعلبة طويلة الأجل، خصوصا مع التنافس الكبير في سوق الأغذية، وارتفاع أسعار الأطعمة “العضوية”، وأيضا التسويق لهذه المنتجات المصنعة، وقدرة الشركات على ابتكار أساليب غير تقليدية، من أجل رفع مستوى مبيعاتها، وهو الأمر الذي يأتي على حساب الصحة العامة، في أغلب الأحيان.الملصقات الغذائية!الأغذية المصنعة التي تباع في المتاجر دائماً ما يوجد على ملصقها في الجهة الخلفية، جدولٌ بالمكونات، حيث تجبر الدول ذات الأنظمة الصحية الصارمة، الشركات، بأن تضع تفاصيل المواد المستخدمة، إلا أن كثيراً من المتسوقين لا يعيرون جدول المكونات بالاً، وأيضاً، تعمل بعض الشركات على التحايل، وإخفاء المكونات الضارة أو غير المرغوبة، تحت مسميات مختلفة، كي لا ينفر المشتري المتفحص منها.ومع تنامي وعي الناس بخطر “السكر” عمل المصنعون على تجنب ذكر اسمه الصريح، أو وضع بعض السكريات في خانة “الكربوهيدرات الكلية” دون إيراد مسماها، أو كتابته في حال كان مكوناً غير مألوف للمشتري، ولن يسبب له تردداً أو نفرة منه.
المكون الشائع!من هذه المكونات الشائعة الاستخدام، مادة “مالتوديكسترين” التي يتم استخلاصها من النشا، سواء نشا الذرة أو القمح أو الأرز، ويتم تالياً معالجتها تحت درجات حرارة عالية، وبمواد كيماوية، وأيضا الإنزيمات، لتكون في النهاية في هيئة بودرة ناعمة، تستخدم كمحسنٍ للطعم، وأيضا تمنح قواماً أملس للمواد، وهي كذلك تعمل على تكثيف القوام وزيادة حجمه، ولذا تضاف كـ”حشوات” في المكملات الغذائية لرخص تكلفتها!الـ”مالتوديكسترين” تجدها في قائمة واسعة من المنتجات الغذائية في السوق، مثل: الأغذية المصنعة، مشروبات الطاقة، مسحوق البروتين، الخلطات الرياضية، المكملات الغذائية، الحلويات، المشروبات الغازية، الجعة، ألواح البروتين والطاقة.. وسواها. إذن، هي تدخل في تركيب آلاف المنتجات التي يستخدمها الناس بشكل يومي، دون معرفتهم بها، أو بمدى كونها آمنة أو مضرة صحياً.
تعبيرية عن السكر
السكر الأخطر!رغم أن “مالتوديكسترين” تجدها مصنفة في جدول المكونات للأطعمة ضمن “الكربوهيدرات الكلية”، إلا أنها في حقيقتها “سكر”!الدكتور إيريك بيرج، المرشد الصحي المتخصص في إنقاص الوزن من خلال الأساليب الغذائية والطبيعية، يعتبر أن “مالتوديكسترين” هي “أسوأ المكونات على وجه الأرض”، وذلك لوجودها المستتر في الكثير من الأطعمة، والأهم بنظره كون المؤشر الغلايسيمي لها أعلى من الغلكوز، ما يجعلها قادرة على رفع معدل سكر الدم بشكل سريع جداً، وبالتالي إصابة الإنسان بـ”مقاومة الإنسولين”!يبلغ المؤشر الغلايسيمي للغلكوز 100، فيما “مالتوديكسترين” فمعدل مؤشرها ما بين 105 و185، ما يعني أنها أكثر خطراً من سكر الغلكوز، والذي يضاعف من ضررها أيضا سرعة امتصاصها في الأمعاء.
تعبيرية
الأضرار العديدة!يرى الدكتور بيرج أن وجود الـ”مالتوديكسترين” بشكل شائع في كثير من الأغذية والمشروبات، يساهم في إصابة العديد من الناس بارتفاع نسب سكر الدم، وبالتالي كثرة الأمراض الأيضية، وعدم نجاح برامج الحميات التي قد يتبعها البعض، فضلا عن استنزاف الفيتامينات والمعادن الموجودة في الجسم، والحد من قدرته على امتصاصها.سكوت بويزينج، دكتور علاج طبيعي، يمارس الطب التكميلي، وفي مدونة نشرها، يقول إن “النشويات المصنعة، مثل مالتوديكسترين وكاربوكسي ميثيل السليلوز، هي مواد حشو شائعة، ومع ذلك تتزايد الأبحاث التي توضح أنها قد تغذي البكتيريا المسببة للأمراض في الجهاز الهضمي وتضر بصحته، وتزيد من الالتهاب”.
من جهتها، كاثرين مارينغو، أخصائية التغذية، نشرت مقالاً في موقع HealthLine، بعنوان “هل مالتوديكسترين سيئ بالنسبة لي؟”، ورغم أنها قللت من خطر “مالتوديكسترين” واعتبرته بديلاً لا بأس به عن “السكر” ولمنح الرياضيين الطاقة، فإنها رغم نصيحتها التي لا يوافقها عليها د. إيريك بيرج، إلا أن مارينغو أشارت إلى أن هنالك دراسات توصلت إلى أن “مالتوديكسترين يمكن أن يغير تكوين بكتيريا الأمعاء بطريقة تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالأمراض”. كما أنه “يمكن أن يمنع نمو البروبيوتيك في الجهاز الهضمي، وهو أمر مهم لوظيفة الجهاز المناعي”.الدراسة نفسها تشير إلى أن “مالتوديكسترين يمكن أن يزيد من نمو البكتيريا مثل الإشريكية القولونية، والتي ترتبط بأمراض المناعة الذاتية مثل مرض كرون”. إضافة لذلك يمكن لـ”مالتوديكسترين” أن “يضعف إفراز المخاط المعوي، مما قد يزيد من خطر الإصابة بالتهاب القولون”.من هنا، إذا أراد الإنسان أن يحافظ على صحته العامة وقوة جهازه المناعي، أو أن يقلل من الدهون الزائدة في جسده، فعليه أن يتجنب الـ”مالتوديكسترين”، ويقرأ جيداً مكونات الأغذية التي يشتريها، ويتأكد من خلوها من السكر الخفي.