#مجوهرات وساعات
تغريد محمود
اليوم
كما تساوي الصورة ألف كلمة، فهي أيضاً تساوي ثروات طائلة. وهناك مجوهرات تدر أرباحاً هائلة عند بيعها في المزادات إلى يومنا هذا، فقط لمجرد أن سيدات شهيرات قد ارتدينها في لوحات أو صور شخصية، فالصورة هنا وسيلة ناجحة لتخليد عظمة الجواهر، وسجل تراثي وثقافي لحضارات الشعوب لا يُستهان به منذ قديم الزمان. سنلقي بالضوء على لوحات وثروات، وقوة الترويج البصري الذي لعبته الصورة في حياة قطع خالدة من المجوهرات التاريخية. 7.4 ملايين جنيه إسترليني رصدها صندوق الفن في إنجلترا لشراء لوحة «الأرمادا»، إحدى أشهر اللوحات في التاريخ البريطاني، والتي تظهر فيها الملكة إليزابيث الأولى، من أحفاد السير فرانسيس دريك Francis Drake تجسيداً لانتصار بريطانيا على «أرمادا» الأسطول الحربي لإسبانيا التي كانت تعد القوة الأوروبية العظمى في القرن السادس عشر. واللوحة تمثيل حي لعصر النهضة الإنجليزي، وتختزل طموحات العصر الإليزابيثي الذهبي، كما يتقاطر منها اللؤلؤ في تعبير عن القوة والسيادة والسيطرة على البحار التي كانت تتمتع بهم الملكة العذراء، واللآلئ لم ترمز إلى نقائها فحسب بل إلى سيطرتها البحرية.
نشأة البورتريه
المرأة في الإمبراطورية الرومانية القديمة كانت تعشق تصويرها بكامل مجوهراتها إعلاناً عن ثرائها، وحتى أواخر القرن السابع عشر، ارتدى أيضاً الرجال قطعهم الفاخرة من المجوهرات. ورغم ذلك، فإن رواد عصر النهضة كانوا أول من قام بترويج فن «البورتريه». وتوضح إحدى مؤرخات المجوهرات في متحف فيكتوريا آند ألبرت في إنجلترا قائلة: «في عام 1450، أخذت الصور الشخصية في الظهور وتحولت العائلات من الاهتمام باللوحات التي يرتدون فيها أفخم الأزياء للتعبير عن طبقتهم الأرستقراطية الراقية ومكانتهم الاجتماعية المرموقة». وخير مثال على ذلك، لوحة الوريثة الإسبانية «إيلينورا دي توليدو»، زوجة كوزيمو الأول دي ميديشي Cosimo 1 de Medici، دوق توسكانا الأكبر، مع ابنها، بريشة الرسام الإيطالي برونزينو في عام 1545. تظهر إيلينورا في اللوحة وهي ترتدي أفخم ثيابها من المخمل والبروكاد، بالإضافة إلى طقم فاخر من المجوهرات لتدلل به على ثرائها هي وزوجها. اللآلئ على الأغلب تم شراؤها من مدينة البندقية، بصفتها مدينة مينائية تجارية رئيسية. العقد القصير من اللؤلؤ تتدلى منه ألماسة كبيرة، من المفترض أنها تلقته من زوجها كهدية زفافهما.
سر الجوهرة الزرقاء
بعد مرور قرن من الزمان، كان جان بابتيست تافرنييه، تاجر الألماس الفرنسي دائم السفر إلى الهند لجلب ألماسات ضخمة، يقوم ببيعها في بلاط الملك لويس الرابع عشر، أبرزها كانت «الجوهرة الزرقاء» أو «ألماسة الأمل». قام بارتدائها الملك لويس الخامس عشر على هيئة قلادة، بينما رصع بها الملك لويس السادس عشر دبوس صدر لزوجته، ماري أنطوانيت، كانت قد ظهرت به في لوحة معلقة على جدران قصر فرساي الآن.
وكانت من بين جواهر التاج الفرنسي التي سُرقت في عام 1792، ثم ظهرت في لندن عام 1812، وبيعت بعد ذلك إلى هنري فيليب هوب. وفي أوائل القرن العشرين، أصبحت الألماسة في حيازة دار Cartier في نيويورك. وقامت بشرائها الوريثة الثرية إيفالين ولش ماكلين متدلية من عقد مرصع بالألماس الأبيض. وفي عام 1921 قام الرسام المجري فيليب دي لازلو برسم لوحة لإيفالين، وهي ترتدي ألماسة الأمل.
إبداعات تاريخية
صلة علامة Cartier كانت ولاتزال قوية بالدوائر الملكية والأرستقراطية ومجتمع المشاهير، الذين تم رسمهم أو تصويرهم وهم يرتدون إبداعات استثنائية. كانت واليس سمبسون، زوجة الملك إدوارد الثامن ملك، بريطانيا الأسبق، تمتلك مجموعة كبيرة من المجوهرات، ومنذ بداية علاقتهما كان أمير ويلز يكلف الدار بتصميم قطع مميزة خصيصاً لها. وفي صورتهما من حفل زفافهما في عام 1937، ارتدت واليس سوار Cross Bracelet الشهير من العلامة، كان الدوق قد أهداها إياه في عام 1934. كما تُظهر نفس الصورة الفوتوغرافية خاتم خطبتها، من تصميم العلامة، من الذهب المرصع بالألماس، ويتوسطه حجر من الزمرد الكولومبي بقطع باغيت، زنة 19.77 قيراطاً. وقد اشتراه لورانس غراف بعد وفاتها في عام 1986.
كما امتلكت الوريثة مارجوري ميري ويتر بوست، صديقة عائلة ويندسور، وإحدى النساء الثريات في أميركا، مجموعة رائعة من المجوهرات، أغلب قطعها من تصميم دار Cartier. وفي لوحة شخصية، رسمها فرانك أو ساليسبري في عام 1946، ارتدت قلادة رائعة كانت طلبت من الدار تصميمها بضم سوارين معاً: أحدهما من الألماس، والثاني من السافير. وعادة تقوم دور المجوهرات بإعادة شراء قطعها، وغالباً يكون الهدف هو صيانتها، ثم بيعها من جديد. Cartier على سبيل المثال أضافت إلى مجموعتها Tradition عقداً مميزاً من الذهب الأصفر المرصع بالألماس وأحجار الفيروز بقطع الكابوشون. هذا العقد كانت تملكه الشخصية الاجتماعية الشهيرة Daisy Fellowes التي كانت تعشق قلادات الدار، ولها صورة شهيرة وهي ترتدي عقداً بأسلوب Tutti Frutti المستوحى من التراث الهندي.
مزاد تايلور
تجلت قوة الصور في مجموعة مجوهرات قطة هوليوود المدللة إليزابيث تايلور، والتي تم بيعها لدى دار كريستيز Christie’s للمزادات في نيويورك في عام 2011 محققة الرقم القياسي في مزاد حقق أعلى مبيعات مجوهرات تجاوزت الـ100 مليون جنيه إسترليني. وقد استطاعت دار Bulgari أن تسترد من هذه المجموعة قطعاً شهيرة بشرائها وعرضها من جديد في متحفها، بما في ذلك: دبوس الصدر، والقلادة من الزمرد، اللذين كان ريتشارد بيرتون أهداهما إلى تايلور. وقد عرضت Bulgari هذه المجوهرات في بوتيكها الفخم بلندن.
تاج أميرة موناكو
وفي عام 1966 ارتدت غريس، أميرة موناكو، تاجاً يعود إلى الإمبراطورة جوزفين زوجة نابليون الثالث. كانت دار Van Cleef & Arpels قد أعارتها التاج «الإمبراطوري» الذي يقال عنه إن نابليون قد وضعه على رأس زوجته أثناء تتويجهما على العرش. وكانت الدار قد قامت بشراء هذا التاج المرصع بـ200 قيراط من الألماس من إحدى السيدات الإنجليزيات الأرستقراطيات والتي اقتنته بعد فرار الإمبراطورة أوجيني من فرنسا إلى لندن.
المجوهرات المصورة
وعلاوة على ما سبق، هنالك المجوهرات التي تحمل صور أشخاص، ويرتديها المرء تعبيراً عن الولاء والإخلاص والعشق. الملكة فيكتوريا، على سبيل المثال، كثيراً ما ظهرت في صور مرتدية سواراً عليه صورة الأمير ألبرت. وبيعت في صالة مزادات Bonhams صورة مصغرة لجورجيانا، دوقة ديفونشاير، تعود للقرن التاسع عشر، مرسومة على العاج، وتعلوها ألماسة بيضاوية الشكل مثبتة داخل إطار مرصع بالألماس القديم بقطع البريليانت البراق.
جواهر الملكة فيكتوريا
كانت وزارة الثقافة البريطانية قد حظرت، منذ عدة سنوات بصورة مؤقتة، بيع تاج الملكة فيكتوريا خارج البلاد. هذا التاج الرائع المرصع بالألماس والسافير صممه الأمير ألبرت ليتماشى مع دبوس الصدر الذي أهداه للملكة عند زواجهما. وأغلب أحجار التاج كانت مهداة من الملك ويليام الرابع للملكة فيكتوريا.