تتزاحم الروايات المأساوية من موقع فاجعة الزلزال في سوريا وتركيا، بين حسرة أهل على أحبائهم الذين رحلوا أو ما زالوا تحت الأنقاض، فيما نعت سيدة عراقية أسرتها التي هربت من العراق قبل سنوات، خلال الحرب على «داعش» ليلقى أفرادها حتفهم في الزلزال.
في قرية بسنيا الحدودية مع تركيا في شمال إدلب، تنفس السوري مالك إبراهيم الصعداء بعدما نجا مع زوجته وأولاده من الزلزال المدمّر، لكن فرحته لم تدم طويلاً؛ إذ ظل منهمكاً ليومين في الحفر بين الأنقاض في محاولة لإنقاذ ثلاثين فرداً من عائلته في شمال سوريا.
يزيل إبراهيم الحجارة واحدة تلو الأخرى. يحفر بالمعول حيناً وبيديه حيناً آخر، بحثاً عن عائلة عمه مع أولاده وأحفاده، وأولاد عمه الثاني وعائلاتهم. وعلى الرغم من الجهود المضنية التي يبذلها إبراهيم مع عناصر إنقاذ وسكان القرية، فإنهم لم يتمكنوا إلا من إخراج عشرة متوفين فقط، فيما استحال المبنى وجدرانه أكواماً من الحجارة تعلوها لوحات الطاقة الشمسية.
ويقول إبراهيم (40 عاماً)، الذي غطى الغبار وجهه وملابسه لوكالة الصحافة الفرنسية «فنيت العائلة بأكملها، إنها إبادة كاملة»، مرجحاً عدم وجود ناجين بينهم. ويرفع إبراهيم الحجارة ويبكي على ذكرياته وجلساته الممتعة مع أقربائه.
ويضيف: «كلما أخرجنا جثة، أتذكر أياماً جميلة قضيناها سوياً، كانت لقاءاتنا جميلة، كلها ضحك ومزاح، لكنها لن تعود. تفرقنا، هم في دارة الآخرة ونحن هنا. لن نرى بعضنا مرة أخرى».
يقول الرجل، ذو اللحية السوداء، مرتدياً قفازات تساعده على رفع الحجارة «نحفر ولا ننام، نتأمل منذ يومين أن يخرج أحدهم على قيد الحياة»، لكن الحظوظ تبدو ضئيلة. ويضيف: «لا يزال هناك 20 شخصاً تحت (الركام). إنه شعور لا يوصف. مأساة كبيرة» مضيفاً «ذهبت ذكرياتنا. دُفنت معهم».
وفي مأساة أخرى، فرت رحاب طلال وأسرتها من مدينة الموصل شمال العراق قبل ست سنوات عندما كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي بحثاً عن مأوى في تركيا، لكن سبعة من أفراد أسرتها بينهم رضيع عمره أسبوع لقوا حتفهم إثر انهيار منزل والديها بسبب الزلزال.
وعندما علمت طلال أن الزلزال ضرب المنطقة التي يعيش فيها والداها وأفراد آخرون من أسرتها في إقليم أديامان في جنوب شرق تركيا هرعت إلى هناك لكنها لم تجد سوى الدمار.
وتروي طلال، التي تعيش في إقليم آخر بتركيا، عبر الهاتف «لم أتمكن من العثور على المبنى، فقد سويت المنطقة بأكملها بالأرض».
وقالت طلال: إن سبعة من أفراد أسرتها المكونة من 13 فرداً لقوا حتفهم، ولا تزال جثامين والدها إلى جانب شقيقيها وأربعة من أبناء وبنات إخوتها على الأرض أمام المبنى المنهار.
وأضافت «غادرنا العراق لأننا كنا نبحث عن السلام والأمان. تركنا كارثة هناك (العراق) لنواجه كارثة أخرى هنا. هربنا من الحروب لنموت في زلزال». (وكالات)