يحاول العديد من الأشخاص الذين يمارسون رياضة المشي يومياً، أو الذين يريدون البدء بممارسة هذا النشاط، قطع حوالي 10 آلاف خطوة يومياً؛ ولكن هل هذا هو الرقم الأمثل للجميع؟
أظهرت العديد من الدراسات الحديثة إمكانية تحقيق الأهداف الصحية المرجوة من رياضة المشي من خلال ممارسة هذا النشاط بشكل تدريجي، حيث يمكن وضع هدف أولي وزيادة عدد الخطوات المقطوعة بشكل يومي. كما بينت دراسة جديدة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية لطب الأعصاب (JAMA Neurology ) ومجلة الجمعية الطبية الأمريكية للطب الباطني أن السير 2000 خطوة يومياً يخفض معدل الإصابة بأمراض القلب والوفيات المبكرة بنسبة 10% مع ارتفاعها لأعلى مستوياتها عند قطع 10 آلاف خطوة بصورة يومية.
وتقول ميشيل تشامبلين،رئيسة أخصائيي معالجة الأقدام لدى «مركز دبي للعناية بالأقدام»: «تُعد رياضة المشي من أفضل الأنشطة وأسهلها لتعزيز اللياقة البدنية وتحسين الصحة بشكل عام، حيث يساعد المشي على تعزيز مستويات الدم المؤكسج الذي يتعاون القلب والرئتان لنقله إلى جميع أعضاء الجسم. وتزداد حاجة عضلات الساق للدم المؤكسج عند المشي، لذا يعمل القلب والرئتان على تلبية هذه الحاجة في حين تقوم الدورة الدموية بمهمتها لنقل المستويات المتزايدة من الأوكسجين إلى جميع أعضاء الجسم. ويمكن القول إن فوائد المشي للقلب والدورة الدموية تزداد بشكل كبير كلما زادت المسافة المقطوعة خلال المشي».
وتوضح الدراسة أيضاً أن المشي بوتيرة أسرع أو المشي لمسافات أطول توفر مزيداً من الفوائد الصحية؛ حيث ينخفض خطر الوفاة بنسبة 35% وخطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان بنسبة 25% وخطر الإصابة بالخرف بنسبة 30% لدى الأشخاص الذين يمشون بوتيرة أسرع (80-100 خطوة في الدقيقة).
وأضافت تشامبلين: «تختلف غاية المشي بحسب كل شخص، فمنهم من يسعى لتحسين صحته ومنهم من يرغب بتعزيز لياقته أو تخفيف وزنه، ولكن العامل الوحيد الذي يؤثر على وتيرة المشي هو قدرة الشخص نفسه. ويقطع عادةً الأشخاص الذين يمارسون رياضة المشي السريع كيلومتراً واحداً كل 10 إلى 15 دقيقة، ويمكن أن تزيد سرعتهم لتبلغ 5-7 كيلومتر في الساعة؛ وتتسارع الأنفاس في هذه المرحلة، إلا أن التحدث بجمل طويلة ومفهومة يبقى ممكناً حتى في هذه السرعات. ويُعد قطع كيلومتر واحد كل 15 دقيقة تمريناً سهلاً للأشخاص الذين يملكون قلباً صحياً ولا يعانون من أمراض الأوعية الدموية، لذا يمكن أن يزيدوا وتيرة المشي ليقطعوا هذه المسافة خلال عشر دقائق فقط».
وتتابع تشامبلين قائلة: «يجب أن يتابع الشخص مستويات تقدمه، ويمكن قياس المدة التي احتاجها لقطع مسافة كيلومتر واحد في يومه الأول ومقارنتها بالمدة التي يحتاجها اليوم لقطع نفس المسافة للتحقق من التقدم الذي أنجزه. وكلما اعتاد الشخص على المشي، تقل المدة التي يحتاجها لقطع المسافة نفسها؛ لذا غالباً ما يقوم بزيادتها بمقدار 500-1000 متر تدريجياً. وأنصح بشكل عام قطع المسافة ذاتها خمس مرات على الأقل قبل زيادتها، مما يتيح للعضلات والأوتار والأقدام التأقلم مع النشاط الرياضي الجديد».
أهمية الدراسة الجديدة
أصبح قطع 10 آلاف خطوة، بمعدل 7 إلى 8 كيلومترات تقريباً، هدفاً شائعاً لكل من يرغب بتحقيق فوائد صحية من خلال رياضة المشي؛ ولكن يميل معظم الأفراد في الإمارات إلى اتباع نمط حياة أكثر راحةً مما يجعل تحقيق هذا الهدف صعباً بالنسبة للكثيرين. ويُعزى نمط الحياة هذا إلى عمل العديد من الأشخاص بوظائف مكتبية.
وهنا تبرز أهمية هذه الدراسة، حيث تبين أن قطع مسافة ما، مهما كانت قصيرة، وزيادتها تدريجياً يمكن أن تحقق فوائد صحية ملموسة؛ حيث يمكن خفض خطر الإصابة بالخرف بمعدل 50% عند قطع 9800 خطوة يومياً، ولكن حتى مع قطع 3800 خطوة يومياً فقط، يمكن للشخص أن يخفض نسبة الإصابة بهذا المرض بنسبة 25%.
وتقول تشامبلين حول ذلك: «يمكن أن يكون تخصيص وقت لممارسة رياضة المشي يومياً أمراً صعباً في بعض الأحيان، ولكن يمكن إدخال تعديلات بسيطة على نمط الحياة المتبع لتحقيق ذلك؛ على سبيل المثال، يمكن شرب فنجان من القهوة أثناء المشي مع أحد الأصدقاء بدلاً من الجلوس في المقهى طوال الوقت. وأثق بإمكانية تحقيق أي هدف، وقطع عدد الخطوات التي يتمناها أي شخص، بمجرد تطبيق هذه التغييرات البسيطة على نمط الحياة».
وتابعت: «ويمكن أيضاً مشاركة رياضة المشي مع أحد أفراد العائلة، حيث يُعد أخذ نزهة قصيرة على الأقدام مع العائلة قبل العشاء أمراً ممتعاً ومفيداً في الوقت ذاته. وستصبح هذه الرياضة جزءاً رئيسياً من حياة الشخص، الذي سيكون نموذجاً يحتذى به بين الأصدقاء وأفراد العائلة».
وتنصح تشامبلين الراغبين بممارسة المشي باستكشاف الأماكن والمسارات المخصصة للمشي المتاحة، والمشي لمسافات أطول خلال عطلات الأسبوع لتوافر عنصر الوقت خلال هذه الفترات.
وأضافت: «عملت الإمارات، وأبوظبي بشكل خاص، على توفير مناطق متنوعة لتعزيز اللياقة البدنية في مختلف المجمعات السكنية بهدف الارتقاء بالمستويات الصحية لجميع سكان الدولة. كما يوجد العديد من المسارات المخصصة لعشاق المشي على كورنيش أبوظبي وفي جزيرة الماريه والزاهية وحلبة مرسى ياس، مما يتيح للجميع ممارسة هذه الرياضة وزيادة عدد خطواتهم اليومية أثناء الاستمتاع بأجمل الإطلالات في العاصمة الإماراتية».
ويشجع خبراء «أبوظبي 360»، المبادرة المجتمعية الشاملة نحو نمط حياة صحي التي أطلقها مجلس أبوظبي الرياضي مع نهاية عام 2022، الجميع على الاستفادة من الخيارات العديدة المتاحة لممارسة رياضة المشي لمدة 30 دقيقة يومياً بهدف بدء رحلتهم لتعزيز الصحة الشاملة لجميع أفراد المجتمع.
كما ينتظر المشاركون في هذه المبادرة العديد من الفعاليات المرتقبة والتي ستتوفر جميع معلوماتها على التطبيق. ويمكنكم تحميل التطبيق من خلال www.MyAbuDhabi360.ae لتكونوا جزءاً من هذه المبادرة النوعية.