بعد أربعة أعوام على اعتراف الولايات المتحدة مع معظم حلفائها بالمُعارض الفنزويلي خوان غوايدو رئيساً مؤقتاً لبلده، وشنّها حملة لإطاحة الرئيس اليساري نيكولاس مادورو، فشلت خطة واشنطن، إذ لا يزال هذا الأخير في الحكم، بسبب حسابات خاطئة في إدارتَي الرئيسين السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن.
في مقابلات أجرتها وكالة فرانس برس، تحدث صناع قرار حاليون وسابقون عن حسابات خاطئة أجرتها إدارة ترامب بشأن قوة مادورو وفعالية المعارضة ثمّ إدارة الرئيس الديمقراطي بايدن التي تغيّرت أولوياتها بعد بدء حرب أوكرانيا.
وقال فريدي غيفارا الذي كان عضواً في الفريق المُعارض الذي تفاوض مع الحكومة اليسارية في مكسيكو، إن نقطة تحول حدثت في مارس/آذار عندما سافر ممثلو بايدن إلى كراكاس والتقوا مادورو وليس غوايدو الذي تعترف به واشنطن رئيساً مؤقتاً. وأضاف «نحن ندرك طبعاً أننا لسنا محور العالم ونفهم المشاكل التي تنجم عن الحرب في أوكرانيا. لكن أعتقد أن القيام بذلك كان خطأ كبيراً جداً وفادحاً». وتابع بشأن انهيار حكومة غوايدو «لن أقول إن ذلك حدث بناء على سياسة أمريكية، لكن أعتقد أنه كان هناك أشخاص ضمن الحكومة الأمريكية أرادوا أن يحصل ذلك». واعتبر أن «البعض يعتقدون ببساطة أن المشكلة الفنزويلية معقدة جداً وأنه من الأسهل التعامل معها والقبول بها على أنها نظام استبدادي والتعامل معها على هذا الأساس».
في أكتوبر/تشرين الأول، تبادل مادورو والولايات المتحدة سجناء، وفي الشهر التالي خففت إدارة بايدن العقوبات للسماح لمجموعة شيفرون باستئناف الاستخراج المحدود للنفط في فنزويلا، كجزء من محاولة للإبقاء على الأسعار العالمية منخفضة مع ضغط الغرب لفرض عقوبات على روسيا.
بعد ثلاثة أسابيع على اعتبار ترامب مادورو غير شرعي، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على شركة النفط الحكومية الفنزويلية مع توجيه عائدات فرعها الأمريكي «سيتغو» إلى حكومة غوايدو المؤقتة. وقالت كاري فيليبيتي المسؤولة الكبيرة حول شؤون فنزويلا في وزارة الخارجية الأمريكية خلال عهد ترامب إن صناع القرار كانوا يعتقدون أن التغيير سيأتي في غضون أسابيع أو أشهر. وأوضحت أن «هذا يعني أن تأثيرنا رغم قوته الشديدة بسبب تلك العقوبات، لا يمكن زيادته لأنه وصل فوراً إلى الذروة». وأضافت «في بعض النواحي، نتج عن الخطأ في التوقيت خطأً في الاستراتيجية».
وقالت فيليبيتي إن الولايات المتحدة قللت من تقدير المدة التي يمكن أن يحكم فيها مادورو بفضل مؤيديه. وأضافت «بما أنهم علموا أن بإمكانهم التعامل مع نظام العقوبات، تمكنوا من القيام بذلك ولم يعد بإمكاننا تهديدهم لإجبارهم على تغيير سلوكهم».
وقال إليوت إبرامز الموفد الأمريكي الخاص إلى فنزويلا خلال عهد ترامب إن مادورو المدعوم من كوبا والصين وروسيا لا يزال صامداً. أضاف «لا أرى فرصة على المدى القصير لإقالته».
ومنذ العام 2019، تبدّل المشهد الإقليمي بشكل كبير مع استبدال أعداء مادورو برؤساء يساريين في كولومبيا والبرازيل المجاورتين. وقبل عامين، غيّر الاتحاد الأوروبي، بقيادة مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل، موقفه بشأن الاعتراف بغوايدو.
وقال رئيس قسم دراسات أمريكا اللاتينية في جامعة «رايس» مارك ب. جونز إن الحاجة للنفط بعد بدء التدخل الروسي في أوكرانيا كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير» بشأن السياسة الأمريكية حول فنزويلا والتي كان بايدن بالأساس فاتراً تجاهها.
وتوجّه المعارضة حالياً تركيزها إلى انتخابات العام 2024 وتضغط من أجل إجراء تصويت عادل. لكن قلة هم الذين يتوقعون أن يتخلى مادورو عن السلطة. (أ.ف.ب)