حلم كل فنان عربي أن يعرض عمله على جمهور أكبر، له علاقة وطيدة بتذوق الفن والسينما، ولكن المخرج عبدالإلة القرشي لم يكن يتوقع في أحد الأيام بأن يكون فيلمه هو أول فيلم سعودي يعرض في مصر تجاريا، ويؤكد في حواره مع “العربية.نت” أن حلمه تحقق بهذا الأمر، مشيرا أنها خطوة مهمة في صناعة السينما السعودية.
وأضاف أن الفيلم تجربة مميزة ومختلفة يتمنى أن يستمتع بها الجمهور المصري والعربي، خاصة وأن تفاعل الجمهور في عرض الفيلم الأول بمصر فاق توقعاته، وأنه سعيد بما سمعه من صناع السينما المصريين والذي يتعلم منهم.
خطوة مختلفة في تاريخك السينمائي بعرض الفيلم في مصر؟ كيف تراها؟
سعيد للغاية بعرض الفيلم فى مصر، فقد كنت حريصا مع الرئيس التنفيذى لبوليفارد استوديو عدنان الكيال، على أن يعرض الفيلم في مصر مع عرضه الأول بعد السعودية، رغم حالة القلق التي شعرت بها من الفكرة، لأن مصر البلد الرائد في الفن طوال 100 عام، والسينما بشكل خاص، والتي لا تزال تحتضن كل المبدعين العرب. والحقيقة لم يكن الهدف من عرض فيلمي بمصر هو تصدر شباك التذاكر نهائيا، ولكن مجرد التنافس لتقديم سينما مختلفة للجمهور يكفيني حاليا، ولقد اعتمدت خلاله على مواهب شابة واعتبره بداية نتحدى فيه أنفسنا، خاصة وأنه يمكن للجمهور التواصل مع الفيلم، كما أنه يتضمن عدة رسائل.
كيف وصلت إلي فكرة الفيلم ليكون “الهامور ح.ع”؟
الفيلم فكرتي وكانت لدي منذ فترة طويلة علاقة بالقصة المستوحاة وتحديداً منذ أن كنت أعمل في المجال البنكي ولها علاقة أيضاً بصديقي عبد الإله الذي يحب الاكتتاب وشراء الأسهم، فهناك مشاهد رأيتها وسمعتها كمشهد رمي النقود من فوق القصر طلبا ً للمساهمات، هذا المشهد كان عالقا ً في ذهني من سنة ٢٠٠٤، وعندما بدأت الاتجاه إلى السينما وذهبت إلى الولايات المتحدة من أجل الدراسة عام 2010 كان لدي رغبة بتحول هذه الفكرة لعمل سينمائي وكتبت له المعالجة، واخترت تنفيذه معتمدًا على أسلوب الكلام، واعتقد أن السيناريو الجيد هو البطل الحقيقي في الفيلم، فنسبة الأحداث الحقيقية في الفيلم 25%.
فريق العمل حضر للقاهرة فما سبب تغيب كاتب الفيلم هاني كعدور؟ وكيف كانت رحلة الكتابة معه؟
كنا نتمني تواجده معنا، ولكن للأسف وفاة والدته أعاق حضوره معنا لهذه اللحظة التاريخية، ولذلك أتوجه له بالعزاء من القاهرة، وعلى الصعيد العملي أشكره بشدة على تعاونه معي، فلقد قام بكتابة المعالجة الخاصة به، وعندما تحدثنا قال لي أنه يريد أن يغير فيها وشعرت بالبداية أنه يسير في اتجاه مغاير لرؤيتي، لكن جلسنا وتناولنا الكثير من الأمور حول الفيلم نتحدث عن الحياة والناس لإيصال فكرتنا، وبالفعل هناك مجهود وتعب حقيقي يبذله فريق العمل، فعلى المخرج أن يوصل فكرته للممثل ليتمكن من تقديم دوره بالطريقة التي تتماشي مع العمل.
الفيلم يتناول جرأة غير معهودة بالنسبة للسعودية؟
بالفعل فالفيلم جريء على مستوى الطرح والألفاظ التي يتناولها، فلقد اجتهدنا لاقناع الجهات المختصة بعرضه كما هو، وتم تصنيف الفيلم رقابيا، ليعرض +18 للكبار فقط، حاولنا رفع روح السقف، لمنحه الطابع التجاري، وما حرصنا عليه هو عدم خدش الحياء، والتصنيف جاء بسبب احتواء السيناريو على بعض مشاهد العنف والالفاظ التي لا تناسب الأطفال، ولكن بالتأكيد ليست الجرأة ولا الموضوعات التي يتم مناقشتها ولكن في الصيغة التي يقدم بها العمل، والتي أصبحت تستفز الجمهور بأنها تريد أن تفرض عليه نمطا معينا، لن أحدثك عن الجدل الذي صاحب “أصحاب ولا أعز” ولكن مثلاً تجربة “البحث عن علا” وهنا أحدثك عن مصر وليس السعودية، والحقيقة أن الرقابة لم تضايقنا على الإطلاق، فالمرجعية الثقافية واضحة لنا، نحن في النهاية نقدم فيلما عربيا سعوديا، وهم لديهم وعي عالي، وفي النهاية لابد أن نقول صراحة أنه لن يمكن تقديم أفلام توعية للناس فنحن نتحدث عن رؤية تتناسب مع رؤية 2030.
الكثيرون وصفوا الفيلم بأنه متأثر بفكرة “The Wolf of Wall Street”؟
هو قريب بعض الشئ، ولهذا الأمر قصة أخرى، فلقد استغللت فترة كورونا للدراسة، وكان لدي تصور في البداية بإمكان أن أقدم الفيلم بميزانية تقترب من نحو 5 ملايين ريال، وهو رقم ضئيل جدا لتنفيذ هذا العمل، لكن بعد كتابة المعالجة والانتهاء منها كان هناك نقطة التحول حين وجدت المنتج الجريء وفعلا الفيلم بمثابة “نقلة نوعية”، ولذلك فكرت في تقديم “بيئة مختلفة” سينمائياً، وهذا الدعم أعطاني دفعة كبيرة مع مساحة الحرية الكبيرة التي عملت بها من دون قيود مع وضوح الرؤية فيما يتعلق بالتنفيذ، فلم أكن أبحث عن الاستعانة بنوعية جديدة من الكاميرات أو مثل هذه الأمور ولكن كنت أبحث وأعمل لتقديم فيلم يحقق النقلة، فخرج الفيلم بالصورة التي شاهدها الجمهور.
ولماذا اسندت البطولة لفهد القحطاني لتكون أول بطولة سينمائية له؟
رهاني على فهد كان من أجل تجديد الدماء، ومن خلال جلسات “الترابيزة” آمنت بمدى موهبته، ودائمًا أحرص على التعاون مع فنان أحبه، وفهد نجح في خلق حالة من الروح والكيمياء والتجانس بين الممثلين، كما أنه لا يوجد ضمانات لاختيار أي ممثل للدور إلا أن يكون أداؤه جيدا، لكن هناك أمر آخر، فمن مميزات أن لا يكون لديك شئ تخسره أنك لا تشعر بالخوف، وجزء من دور ومهام الاستوديو حول العالم هو صناعة النجم، وتكلفة الفيلم الانتاجية كانت مرتبطة بالفترات الزمنية المختلفة التي يتناولها وكنا حريصين على الاهتمام بالتفاصيل وبأدق التفاصيل، مهما كانت تكلفتها حتى لا نشعر بالندم بعد ذلك.