لندن – أ.ف.ب
طرحت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، مشروع قانون ضدّ الهجرة غير القانونية لمنع المهاجرين الواصلين عبر المانش على قوارب صغيرة من طلب اللجوء في المملكة المتحدة.
وقبل ثلاثة أيام من زيارته الأولى لفرنسا، يظهر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مصمماً على وقف عمليات العبور غير النظامية المتزايدة لقناة المانش، وهي ظاهرة مستمرة على الرغم من الخطط المتتالية للحكومات المحافظة المتعاقبة، وتقع في صلب التوترات المتكررة مع باريس.
وقال سوناك لصحيفة «ذا صن»: إن «هذا القانون الجديد سيبثّ رسالة واضحة: إذا كنتم قادمين إلى هذا البلد بطريقة غير قانونية، ستُطردون بسرعة.. من يأتي إلى هنا على متن قوارب صغيرة (ويعبر المانش بطريقة غير نظامية) لا يمكنه طلب اللجوء هنا».
ويمنع النص المهاجرين الواصلين بطريقة غير قانونية إلى المملكة المتحدة بطلب اللجوء وبالإقامة لاحقاً على أراضيها أو بطلب الحصول على الجنسية البريطانية. ويسهّل احتجاز المهاجرين حتّى ترحيلهم إلى دولة ثالثة تُعد آمنة. ويمنعهم «بشكل قاطع» من إمكانية الاستئناف ضد عمليات الترحيل.
أمّا بالنسبة بالمهاجرين الواصلين بطريقة قانونية، فستتعامل معهم لندن على أساس حصة نسبية سنوية يحددها البرلمان. وأمام مجلس العموم، وصفت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان مشروع القانون بأنه «قوي»، مضيفة: «في مواجهة أزمة الهجرة العالمية، لم تعد قوانين الأمس مناسبة ببساطة».
ترحيل إلى رواندا
ورداً على الاتهامات بأن هذا النص، يتعارض مع القانون الدولي، أوضحت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان لصحيفة «ديلي تلغراف» إنها وسوناك «عملا بلا كلل، لضمان أن يكون لدينا مشروع قانون يمكن تطبيقه.. تحدّينا حدود القانون الدولي من أجل حل هذه الأزمة».
وأوضحت، الثلاثاء، عارضةً النص على البرلمان، «أنا واثقة من أن المشروع يتوافق مع التزاماتنا الدولية».
لكنها لفتت إلى أنها غير قادرة على التأكيد بشكل «قاطع» ما إذا كان يتماشى مع قانون حقوق الإنسان البريطاني، لافتة إلى بدء مناقشات مع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومن خلال طرح تدابير مقيّدة جداً، تسعى الحكومة المحافظة إلى تثبيط عمليات العبور وكسر النموذج الاقتصادي للمهرّبين الذين يجنون أموالاً طائلة.
من جهتها، ترى هيئات مساعدة اللاجئين أن تشديد سياسة الهجرة باستمرار لم ينفع، معتبرة أن عزيمة المهاجرين ستُثبط فقط في حال طرحت المملكة المتحدة سبلاً قانونية لمجيء طالبي لجوء إلى أراضيها، لكن الحال ليست كذلك حتى الآن. وقالت مديرة الصليب الأحمر البريطاني كريستينا ماريوت: «إذا كنتم هاربين من اضطهادات أو من حرب، وتخافون على حياتكم، كيف ستتمكّنون من طلب اللجوء في المملكة المتحدة؟».
وقالت منظمة Care4Calais «إذا كان ينبغي طرد أشخاص، فأين تنوي الحكومة إرسالهم؟»
وتعتزم الحكومة إعادة هؤلاء الأشخاص إلى رواندا بموجب قانون أُقر، لكن لم يتسنَ تطبيقه بسبب إجراءات قضائية حالت دون ذلك، أو إلى دولة أخرى تعد آمنة. وتعد المعارضة العمّالية أن مشروع القانون بمنزلة أداة لتحويل اهتمام الناخبين قبل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في أيار/ مايو في ظلّ تراجع شعبية المحافظين بعد 13 عاماً في السلطة. وقال رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر الاثنين: «لا أعتقد أن طرح مقترحات مستحيلة سيكون له نفع كبير».
سوناك في باريس الجمعة
وأكّد ناطق باسم رئيس الوزراء، أن الحكومة تبحث في فتح طرق «قانونية وآمنة» تطالب بها جمعيات من أجل طلب اللجوء في المملكة المتحدة، لكنه لم يقدّم تفاصيل، موضحاً أن ذلك لن يحصل إلّا «عندما نتحكّم بحدودنا».
ويتوقع أن يصل سوناك إلى باريس، الجمعة، للمشاركة في قمة ثنائية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أشهر من توقيع لندن وباريس اتفاقية تعاون تنصّ على تقديم البريطانيين مساعدة مالية لمراقبة الشواطئ الفرنسية وإرسال مراقبين بريطانيين إلى الجانب الفرنسي. وكان هذا الملف سبباً لتوترات متكررة بين لندن وباريس المتهمة بعدم القيام بما يكفي لمنع الهجرة عبر المانش، لكن الأجواء تميل إلى الهدوء حالياً بين لندن والأوروبيين.
وفي ظلّ أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، تُعدّ إدارة طلبات اللجوء من قبل الحكومة البريطانية مصدراً لعدم اليقين بالنسبة العديد من البريطانيين.
وفي منتصف شباط/ فبراير، تحوّلت تظاهرة لناشطين من اليمين أمام فندق ينزل به طالبو لجوء قرب ليفربول في شمال غرب إنجلترا إلى اشتباكات عنيفة مع عناصر الشرطة. ونظمت تظاهرات رافضة للاجئين، مقابل أخرى مؤيدة لهم، في بعض المدن.