موسكو – أ ف ب
دخلت الولايات المتحدة وروسيا، الأربعاء، في سباق لانتشال حطام مسيّرة من طراز «إم كيو-9 ريبر»، تحطمت عقب دخولها في مواجهة مع مقاتلات روسية فوق البحر الأسود، فيما تخشى واشنطن، وقوعها في أيدي الروس والاستفادة مما تملكه من بيانات. وأكدت موسكو الأربعاء، أنها ستحاول العثور على حطام المسيّرة الأمريكية التي حمّلت واشنطن موسكو مسؤولية إسقاطها بعدما اتهمتها بتعمد الاصطدام بها فوق المياه الدولية، وقطع مروحتها، وهو ما نفته روسيا التي حذّرت من أي طلعات جوية أمريكية «عدائية» وسط ارتفاع مستوى التوتر.
* النزاع الأوكراني
وقالت كييف بدورها، إن الحادثة التي وقعت فوق مياه دولية تعد محاولة من الكرملين لجرّ الولايات المتحدة إلى النزاع في أوكرانيا. وأفاد الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في تصريحات متلفزة:«لا أعلم ما إذا كنا سنستطيع استعادتها، لكن يجب القيام بذلك. وسنعمل في هذا الاتجاه بالتأكيد».
واعتبر باتروشيف أن الحادثة دليل آخر على أن واشنطن طرف مباشر في المعركة بين موسكو وكييف، مشيراً إلى أن روسيا تتحمّل مسؤولية «الدفاع عن استقلالنا وسيادتنا». وذكرت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء، بأنها سارعت لنشر مقاتلاتها، بعد رصد مسيّرة أمريكية فوق البحر الأسود، ونفت بأن تكون تسببت بإسقاطها.
من جهته، قال رئيس جهاز الاستخبارات الروسية سيرغي ناريشكين إن البلاد لديها قدرات «تقنية» لاستعادة المسيّرة.
* أعمال عدوانية
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إن روسيا لم تسترد الطائرة المسيّرة، وإن من المرجح أن تكون المقاتلة قد تضررت.
بدوره، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الأربعاء: «تعد الحادثة الخطرة جزءاً من نمط أعمال عدوانية وخطرة وغير آمنة يقوم بها الطيارون الروس في المجال الجوي الدولي». وأضاف: «تأكدوا بأن الولايات المتحدة ستواصل التحليق والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي. يتحتم على روسيا تشغيل طائراتها العسكرية بشكل آمن ومهني».
وأشار البنتاغون إلى أن مسيّرته كانت تقوم بمهمة روتينية عندما تم اعتراضها «بأسلوب متهوّر وغير سليم بيئياً وغير مهني»، فيما شددت روسيا على أن المسيّرة كانت خارج السيطرة، مؤكدة بأن طائراتها لم تحتك بها.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي لاحقاً «ندحض بالطبع النفي الروسي». وأضاف بأن الولايات المتحدة تحاول تجنّب وقوع المسيّرة التي سقطت في أيدي الجهات الخطأ. وقال كيربي لشبكة «سي إن إن»:«اتخذنا خطوات لحماية ممتلكاتنا بشكل خاص في ما يتعلق بتلك المسيّرة».
وأكد أن واشنطن ستحرص على استعادة المسيّرة، وألا تحصل أي جهة على المعلومات التي لديها، لكن قد لا تكون استعادة المسيّرة ممكنة لأنها سقطت في مياه عميقة، حسب تعبيره.
* عمليات اعتراض
وأقرّ كيربي بأن روسيا تنفّذ عادة عمليات اعتراض فوق البحر الأسود، لكن هذه المرة «كانت لافتة بسبب درجة عدم سلامتها وعدم مهنيتها، وإلى أي حد كانت متهورة».
وقال دبلوماسيون من حلف شمال الأطلسي في بروكسل إنهم لا يتوقعون تصعيداً فورياً. وأفاد مصدر عسكري غربي طلب عدم الكشف عن هويته، أن القنوات الدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة قد تساهم في الحد من أي تداعيات واسعة.
وفاقمت حرب أوكرانيا المخاوف من مواجهة مباشرة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي الذي يقدّم الأسلحة لأوكرانيا.
وأثارت تقارير عن ضربة صاروخية في شرق بولندا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حالة قلق قبل أن تخلص مصادر عسكرية غربية إلى أنها كانت نتيجة صاروخ أطلقته الدفاعات الجوية الأوكرانية.
* خارج السيطرة
وتستخدم واشنطن مسيّرات «إم كيو-9 ريبر» لأغراض الاستطلاع ولشنّ ضربات. وتسيّرها منذ مدة طويلة فوق البحر الأسود لمراقبة القوات البحرية الروسية. وقال قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا وإفريقيا الجنرال جيمس هيكر:«كانت طائرتنا من طراز إم كيو-9 تجري عمليات روتينية في المجال الجوي الدولي عندما تم اعتراضها وصدمها من قبل طائرة روسية، ما أدى إلى تحطّم الطائرة إم كيو-9 وخسارتها بالكامل».
وتابع:«في الحقيقة، كاد هذا التحرّك غير الآمن وغير المهني من الروس أن يؤدي إلى تحطّم الطائرتين. ستواصل الطائرات التابعة للولايات المتحدة ولحلفائها بالعمل في المجال الجوي الدولي وندعو الروس للتصرف بشكل مهني وآمن».
بدوره، أشار الناطق باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر إلى أن المسيّرة كانت «غير قادرة على التحليق، وخارج السيطرة لذا أنزلناها»، مضيفاً أن حادث الاصطدام ألحق على الأرجح أضراراً بالطائرة الروسية التي قال إنها تمكّنت من الهبوط بعد الحادثة.
وخسرت الولايات المتحدة عدة مسيّرات من طراز «ريبر» في السنوات الأخيرة، بعضها بنيران معادية.
وبحسب سلاح الجو الأمريكي، يمكن لمسيرات «ريبر» أن تزوّد بصواريخ من طراز «هيلفاير» وقنابل موجّهة بالليزر، وأن تحلّق لأكثر من 1770 كلم، وعلى ارتفاع يصل إلى 15 ألف متر.