في تطور خطير جداً لا ينذر بالخير، تعيش منطقة دلتا النيل تلوثاً واسعاً بالمعادن الثقيلة، مع تآكل بالسواحل وسط تسرّب بمياه البحر، ما يشكّل تهديدا وجوديا للمنطقة، وخطراً يحدق بـ60 مليون شخص في مصر.
فقد اعتمد هؤلاء لسنوات طويلة على مواردها تلك المنطقة في كل جانب من جوانب الحياة، وفقا لبحث من USC Viterbi School of Engineering.
واحدة من أعلى حالات العجز
فيما تعد دلتا نهر النيل محطة توقف مهمة للطيور المهاجرة خلال رحلتهم على طول مسار طيران شرق إفريقيا.
بدوره، شرج قائد الدراسة العالم المصري عصام حجي والمقيم في الولايات المتحدة، أن تأثير التلوّث بات يتضح بشكل خاص في مصر، باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان والأكثر جفافاً في اتجاه مجرى النيل، والتي تعتمد كليا على النهر مصدراً وحيداً لمياه الشرب وري المحاصيل.
وأضاف أن البلاد تواجه حالياً واحدة من أعلى حالات العجز بميزانية المياه في إفريقيا، وذلك بعد عقود من التعويض عن إمدادات المياه المتناقصة المتضائلة من خلال إعادة استخدام مكثفة واسعة النطاق لمياه الصرف الصحي.
Press coverage of our paper just published in Earth Future on how a few decades of environmental mismanagement turned the Nile delta from one of the most diverse and pristine ecosystems to one of the largest polluted areas of our planet.https://t.co/GyvDTnYsDr via @physorg_com
— Dr. Essam Heggy / د. عصام حجي (@essamheggy) March 10, 2023
وأكد حجي أن الحضارة التي ازدهرت في مشهد مائي خلاب لأكثر من 7000 عام، تواجه اليوم واقع هذا التدهور البيئي الواسع النطاق الذي لا رجعة فيه.
رواسب في قاع النيل
يشار إلى أن الدراسة أقام عليها باحثون من الولايات المتحدة ومصر بقيادة حجي، حيث عملوا على تحليل حجم الحبوب ومستويات التلوث لثمانية معادن ثقيلة في عينات من رواسب القاع.
وتم جمع تلك الرواسب من فرعي دلتا نهر النيل، وأكدوا تلوث الرواسب في قاع نهر النيل بشدة بالمعادن الثقيلة مثل الكادميوم والنيكل والكروم والنحاس والرصاص والزنك.
وأضافوا أن تلك الملوثات تأتي بشكل أساسي من الصرف الزراعي غير المعالج ومياه الصرف الصحي البلدية والصناعية، بدون معالجة مناسبة للمياه المعاد تدويرها، تزداد تركيزات المعادن الثقيلة وتندمج بشكل دائم في قاع النهر على عكس الملوثات العضوية التي تتحلل بشكل طبيعي بمرور الوقت.
من نهر النيل في القاهرة قبل التلوث (آيستوك)
كما أوضحوا أنه يمكن أن تتفاقم تركيزات المعادن الثقيلة بسبب زيادة بناء السدود على نهر النيل، حيث تعمل السدود الضخمة التي تم بناؤها عند المنبع على تعطيل التدفق الطبيعي للنهر وتدفق الرواسب، وبالتالي تؤثر سلبا على قدرته على طرد الملوثات إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يترك السموم تتراكم في رواسب القاع بمرور الوقت.
يشار إلى أن هناك توقعات بأن يؤثر سد النهضة على عجز ميزانية المياه في مصر، على الأقل خلال فترات الملء والجفاف.
كما من المحتمل جدا أن تتفاقم إعادة استخدام الصرف الزراعي، ويمكن أيضا استخدام مياه الصرف الصحي البلدية المعالجة الثنائية مع تركيزات عالية من المعادن الثقيلة والملوثات الأخرى.