اجتاحت موجة مظاهرات واسعة قدرت بالملايين، أرجاء فرنسا، أمس الخميس؛ إذ بلغت الإضرابات والاحتجاجات ذروتها ضد تعديلات نظام التقاعد المزمع تطبيقها هناك بحلول نهاية العام، ما تسبب بشلل لقطاعات النقل والطيران والطاقة.
وقدرت النقابات عدد المتظاهرين أمس، في أرجاء البلاد بنحو 3.5 مليون، بينما ذكرت وزارة الداخلية أن عدد من شاركوا في المظاهرات بلغ نحو 1.08 مليون في يوم تاسع من التعبئة ضد تعديل نظام التقاعد.
ومنذ الصباح انطلقت المظاهرات في كثير من المدن الفرنسية، صاحبتها إضرابات شاملة في قطاعات عدة، بينها الطيران والنقل والمحروقات، ضمن موجة الاحتجاجات المناهضة لقانون تعديل نظام التقاعد.وأطلقت النقابات على حشد أمس اسم «الخميس الأسود»، رفضاً للقانون الذي مررته الحكومة دون تصويت برلماني، وتنظم هذه المظاهرات وسط تعبئة أمنية واسعة، يشارك فيها نحو 12 ألف رجل أمن في كامل فرنسا، بينهم 5 آلاف شرطي في العاصمة وحدها، لمواجهة المحتجين.
وشهدت باريس عدداً قياسياً من المتظاهرين بينما ارتفعت التعبئة على مستوى البلاد مقارنة بيوم التحرك الثامن في 15 من آذار/مارس عندما نزل 480 ألف شخص إلى الشوارع في أرجاء فرنسا، بحسب تقديرات وزارة الداخلية. وتحدثت النقابات عن مستوى مماثل لذلك المسجل في 7 من آذار/مارس، إلا أن المشاركة لم تصل إلى مستوى قياسي.وبينما يأمل مصدر مقرب من الحكومة أن «تتلاشى» الحركة الاحتجاجية وأن «تعود الأمور إلى نصابها في عطلة نهاية الأسبوع»، دعت النقابات الفرنسية إلى يوم عاشر من الإضرابات والتظاهرات الثلاثاء المقبل.
وأكدت هذه النقابات أنه «بينما تسعى السلطة التنفيذية إلى طي الصفحة، يثبت هذا التحرك العمالي والنقابي المتواصل والمسؤول، تصميم أوساط العمل والشباب على التوصل إلى سحب الإصلاح».
وشددت على أن التظاهرات والإضرابات والتوقف الجزئي عن العمل تشكل «رداً» على «التعنّت غير المفهوم» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، معتبرة أن الحكومة «تتحمل مسؤولية الوضع المتفجر» مع تكاثر أعمال العنف.
ومساء أمس أعلن وزير الداخلية جيرار دارمانان إصابة 123 دركياً وشرطياً، الخميس، وتوقيف أكثر من 80 شخصاً. واعتبرت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن أن «أعمال العنف والتخريب» التي تخللت التظاهرات «غير مقبولة».وكتبت في تغريدة: «التظاهر والتعبير عن المعارضة حق. لكن العنف والتخريب اللذين شهدناهما اليوم غير مقبولين»، معربة عن «شكرها للقوى الأمنية وفرق الإسعاف».وقبيل انطلاق الموكب الباريسي، قال الأمين العام لنقابة «سي أف دي تي» الإصلاحية لوران بيرجيه، إنه لاحظ «تحسناً في التعبئة»، ودعا إلى عدم اللجوء إلى العنف بينما تأخذ الحركة الاحتجاجية منحى أكثر تشدداً.
ورأى نظيره في نقابة «سي جي تي» فيليب مارتينيز وهو يقف إلى جانبه، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «ألقى صفيحة بنزين على النار» خلال مقابلة أجراها أمس الأول الأربعاء، حافظ فيها على موقفه الحاد أحياناً، مجدداً تأكيد «ضرورة» اعتماد هذا الإصلاح.
وأثرت الاحتجاجات بشكل كبير في حركة السكك الحديدية وقطارات الأنفاق في باريس؛ إذ كانت النقابات دعت إلى «يوم أسود» في هذا القطاع. وقالت وزارة التحوّل الطاقوي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن حصول منطقة باريس ومطاراتها على مادة الكيروسين «بات مهدداً» بسبب الإضراب في المصافي. (وكالات)