إعداد: وائل الغولللمرة الأولى منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، التقى وزيرا خارجية روسيا وأوكرانيا في مدينة أنطاليا بتركيا، في أول محادثات رفيعة المستوى بين البلدين منذ بدء الأزمة، وسط حالة من الجدل على الساحة السياسية بين توقعات بحل «دبلوماسي» للأزمة عبر التفاوض، وتوقعات أخرى تكاد تجزم أن الحل «عسكري» بامتياز.. فما القصة؟شروط روسية وتوقعات سلبية أوكرانيةعقدت وفود روسية أوكرانية ثلاث جولات من المحادثات في السابق، بينها اثنتان في روسيا البيضاء وواحدة في أوكرانيا، ولكن على الرغم من أن بعض المؤشرات إيجابية بخصوص الترتيبات الإنسانية، فإنه لم يكن لتلك المحادثات السابقة أي تأثير يذكر.وقبيل المفاوضات التي تحتضنها تركيا، قالت موسكو: إنها مستعدة للمحادثات مع أوكرانيا، لكن يجب تلبية جميع مطالب روسيا لإنهاء العملية العسكرية، والتي تشمل أن تتبنى «كييف» الحياد، وتتخلى عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو».على جانب آخر، هون وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، من شأن التوقعات بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو نتائج أخرى خلال الاجتماع مع نظيره الروسي سيرجي لافروف.وفي أعقاب الاجتماع، خرجت تصريحات من وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا، تكشف عدم وجود توافق على حل سلمي «شامل»، للأزمة بين البلدين، ما يثير سؤالاً مهماً، هل تحسم جولة جديدة من المفاوضات الأزمة وتوقف الحرب؟ أم أن الحل سيكون عسكرياً بامتياز؟حل الأزمة في يد المفاوض الأوكرانيفي هذا السياق، يقول محمد حامد مدير منتدى الشرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في تركيا واتصالات الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تؤكد أن هناك دعماً دولياً للمفاوضات، أملاً في الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة.وأضاف في تصريحات لـ«الخليج»، أن مفاوضات أنطاليا تعد مكملة لمفاوضات مينسك بين المفاوضين الروس والأوكرانيا، وتهدف إلى وقف إطلاق النار ولو مؤقتاً، بهدف تشجيع العمل الإنساني وإجلاء المدنيين وزيادة دفعات المساعدات الإنسانية للمدنيين في أوكرانيا.ويرى مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن نتائج المفاوضات تعود بالأساس إلى رغبة المفاوض الأوكراني، متسائلاً «هل ترغب أوكرانيا في السلام وإنهاء الحرب أم ما زالت متمسكة بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي والالتحاق بالناتو»؟وتابع قائلاً: «يجب أن تكون هناك إرادة داخلية أوكرانية لإنهاء الحرب والدخول في مفاوضات سلام حقيقية، وإلا ستكون مفاوضات لالتقاط الصور والشو الإعلامي وليس لها علاقة بإنهاء الأزمة والوصول إلى حق حقيقي لإنهاء معاناة المواطنين الأوكرانيين».وعن تداعيات عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، يقول: «هذه الحرب قد تطول إلى مدة زمنية لا يعلم مداها إلا الله وسيكون الغرب المستفيد من هذه الحرب من خلال سلة العقوبات التي فرضها على روسيا والتقيد والتحجيم للدور الروسي التاريخي، في ظل تصريحات إعلامية هجومية متبادلة بين روسيا والغرب».واستطرد قائلاً: «فشل هذه المفاوضات يعني إشعال الأزمة وليس إنهاء الحرب، لو كان لدى أوكرانيا رغبة حقيقية في إنهاء الحرب يجب عليها أن تكون على الحياد، وأن تدخل في مفاوضات جادة بهدف خروج القوات الروسية من بلادهم قبل سقوط كييف رسمياً».
الغرب تخلى عن أوكرانيامن جانبها، قالت الدكتورة لينا مظلوم، المحللة السياسية العراقية: إن الصدمة التي أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية على العالم أجمع، جعلت كافة الاحتمالات مفتوحة ومطروحة.وأضافت في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب دعوا أوكرانيا سابقاً للتشدد في مواقفها وعدم الموافقة على طلبات روسية «مشروعة» وتتعلق بضمان استقرار الأمن القومي الروسي.وأشارت المحللة السياسية العراقية، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر حالياً بحالة «تخبط» داخلية وخارجية، معتبرة أن تلك الحالة مستمرة منذ محاولة اقتحام الكابيتول في يناير/ كانون الثاني 2021، وحتى يومنا هذا.وتابعت قائلة: «بات واضحاً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا يريد إرسال جندي أمريكي واحد للقتال في الخارج، أو تسليح أوكرانيا في مواجهة روسيا».واستطردت قائلة: «الحقائق السابقة تسببت في خيبة أمل للرئيس الأوكراني الذي تخلت عنه الولايات المتحدة وتركته وحيداً».ودللت المحللة السياسية العراقية، على ذلك التخلي الأمريكي – الأوروبي عن أوكرانيا، قائلة: لم يفرض الناتو منطقة حظر جوي على أوكرانيا، ولم يسلح الناتو أوكرانيا بمعدات عسكرية متقدمة لمواجهة روسيا، معتبرة أن التصريحات الأمريكية حول الأزمة «تصريحات مائعة» تكشف ضآلة الدعم الغربي لأوكرانيا.وأشارت المحللة السياسية العراقية، إلى أن المعطيات السابقة تؤكد أنه لا بديل أمام الرئيس الأوكراني سوى التفاوض وتقديم تنازلات للوصول إلى حل سلمي للأزمة، حتى لا يواجه العالم بأسره أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة.وشددت على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف جيداً المطالب التي لا يمكن التنازل عنها أثناء المفاوضات، وسيحافظ على المكتسبات التي تحققت خلال العملية العسكرية على أوكرانيا، خاصة في ظل بحث روسي صيني عن دور عالمي بديل للولايات المتحدة.
روسيا متفوقة عسكرياًمن جانبه، يقول إسماعيل السوداني العميد ركن المتقاعد والخبير العسكري المقيم في واشنطن: إنه لم تتضح حتى الآن الصورة النهائية لنتائج الحرب الروسية في أوكرانيا.وأشار السوداني في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، إلى أن روسيا تتفوق في جميع الجوانب العسكرية براً و بحراً و جواً، معتبراً أن الحرب تتكون من عدة جولات ويمكن لروسيا أن تربح معركة لكن ليس بالضرورة أن تربح الحرب.وتابع العميد المتقاعد قائلاً: هناك شواهد تاريخية على ذلك وبقاء روسيا في أوكرانيا سيكون له كلفة كبيرة ستؤثر في قدراتها العسكرية.وأعتبر أن تلك حسابات تدور في أروقة المخططين السياسيين والعسكريين الغربيين الذين يجدون أن طول أمد الحرب سيؤدي لفشل روسيا في تحقيق أهدافها، ويمنعها من التوسع نحو الغرب.وأكد الخبير العسكري، أن الدعوة لتطوع الأوروبيين للحرب في أوكرانيا يشكل نوعاً من الحرب النفسية للتأثير في معنويات الطرف الآخر، مستدركاً أن ذلك يمثل تحدياً جديداً يواجه الطرفين المتصارعين باعتباره إحدى وسائل الحرب الهجينة Hybrid Warfare.
إسماعيل السوداني