تفجرت الأزمات الإنسانية بالسودان، واحدة تلو الأخرى، إثر اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ يوم السبت الماضي. ومع حالة الرُّعب والعنف الذي يتصاعد على وقع دوي البارود وانفجار القذائف والقصف المدفعي والصاروخي وأزيز الطائرات الحربية المخيف، يعاني سكان العاصمة انقطاع التيار الكهربائي المتواصل وندرة مياه الشرب إضافة إلى شح المواد الغذائية والأدوية، فيما تم الإعلان عن خروج أكبر مستشفيات العاصمة من الخدمة بعد أن طالها القصف والنيران.
وعانت أجزاء واسعة من الأحياء السكنية في الخرطوم شحاً شديداً في مياه الشرب، بعد نقص الإمداد المائي من المحطات المزودة لمواطني الخرطوم بالمياه الصالحة للشرب.
وتفاقمت هذه الأزمة أكثر مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك المياه في شهر رمضان. وعادة ما تتبع أزمة المياه والكهرباء، أزمة في رغيف الخبز التي بدأت فعلياً بظهور الصفوف الطويلة أمام المخابز في أحياء الخرطوم.
هيئة المياه توضح
بدورها، قالت مصادر رسمية بهيئة المياه في الخرطوم إن محطات المياه الرئيسية بالعاصمة تعرضت لأضرار بالغة جراء الاشتباكات المسلحة. وأوضحت أنها تسعى حثيثاً لتشغيل المحطات المتوقفة لضمان إمداد مائي مستقر في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
وأكدت الهيئة، في بيان، أن محطة تنقية المياه بالخرطوم بحري مازالت متوقفة عن العمل حتى أمس، إذ تعرضت لأضرار بالغة جراء الاشتباكات المسلحة، ما أدى لأزمة مياه خانقة طالت الغالبية العُظمى من الأحياء السكنية بالخرطوم بحري.
وذكرت الهيئة أن فريق التحكم التابع للهيئة القومية للكهرباء لم يستطع الوصول إلى المحطة بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة. وقالت إن إعادة تشغيل المحطة رهينٌ بعودة التيار الكهربائي. أما محطة المياه بضاحية جبل أولياء جنوبي الخرطوم، فتوقفت بسبب الكهرباء أيضاً.
وأما محطة مياه المقرن بالخرطوم، فقالت الهيئة إنها أعادت تشغليها السبت بعد التفاوض مع الدعم السريع الذي ارتكز بالموقع المذكور، لكن انقطاع التيار الكهربائي وإطلاق النار بالأسلحة الثقيلة أوقف مضخات السَّحب من النيل.
اللجوء إلى بدائل
وإزاء هذا الوضع الكارثي، لجأ المواطنون إلى البدائل المتاحة، مؤقتاً، للتخفيف من حدة أزمة العطش، حيث لجأ بعض المواطنين لانتشال المياه من الآبار الجوفية داخل الأحياء، في ظل خطورة التوجه إلى نهر النيل لجلب الماء من هناك. كما لجأ آخرون لشراء عبوات المياه من المحال التجارية، لكنها ليست خياراً عملياً، لمحدوديتها وأيضاً لإغلاق الأغلبية العُظمى من المحال التجارية أبوابها وعدم وصول دفعات جديدة من المياه المعبأة لصعوبة حركة وتنقل العربات من معامل تعبئة المياه إلى داخل الأحياء السكنية، بسبب إغلاق الجسور والطرق الرئيسية بالخرطوم على خلفية العمليات العسكرية العنيفة.
الدفاع المدني يشترط
من جانب آخر، ارتفعت المطالبات بتدخل شرطة الدفاع المدني لتوفير مياه الشرب بالتناكر عبر نقاط متحركة داخل الأحياء السكنية، لكن مصادر رسمية قالت إن أطقم الدفاع المدني تحتاج لتوفير نوع من الحماية، لأنّ حركتها ستقع حتماً في نطاق العمليات العسكرية.
إلى ذلك، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، أمس، إن المستشفيات والمؤسسات الصحية بالخرطوم ومدن أخرى لم تسلم من القصف بالمدافع والأسلحة النارية.
وأكدت اللجنة، في بيان، وقوع أضرار بالغة بمستشفى الشعب التعليمي ومستشفى ابن سينا التخصصي ومستشفى بشاير، جراء الاشتباكات والقصف للمنطقة المحيطة بها.
وأورد البيان «كنا قد ناشدنا قبلاً أطراف النزاع بعدم التعرض للمرافق الصحية، ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً».
وذكرت النقابة أن القصف تسبب بخروج مستشفيات الشعب التعليمي والخرطوم التعليمي عن الخدمة تماماً، وفي حالة من الإرباك والخوف للكادر الطبي، والمرضى، والأطفال، ومرافقيهم. وبحسب النقابة، فإنه تم يوم أمس الأول الأحد إخلاء مستشفى الشرطة وهو الآن خارج الخدمة تماماً، فيما جرى إغلاق مستشفى الضمان بمدينة الأبيض بعد اقتحامه من قبل القوات المسلحة، بينما أعلنت لجنة الأطباء المركزية إخلاء مستشفيي الشعب والمعلم بسبب تبادل إطلاق النار وسقوط الدانات والرصاص الحي على جدران المستشفى.
(وكالات)