اندلعت في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الجمعة، معارك عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، على الرغم من الدعوات إلى هدنة من أجل المدنيين في أول أيام عيد الفطر، وموافقة الطرفين علي هدنة لثلاثة أيام، فيما قالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصاً قتلوا وأصيب 3551 منذ اندلاع القتال السبت الماضي، في حين قال الجيش إنه بدأ تطهير «بؤر وجود الجماعات المتمردة» حول الخرطوم.
وفي صبيحة العيد استفاق السودانيون على دوي الراجمات الرعدية، والقصف المدفعي والصاروخي العنيف وأزيز الطائرات الحربية المُخيف داخل الأحياء السكنية بالخرطوم.
واختلطت أصوات إطلاق النار مع تكبيرات العيد في حين تسبب عنف المتحاربين في قطع أوصال المدينة التي شُلّت شللاً تامّاً، إثر تدهور الأوضاع الأمنية وانقطاع المواصلات، واستحالة التنقل، وقتل المتنقلين دون تمييز، وألغت العديد من المساجد صلاة العيد.
وأجبر القصف العنيف السكان على الالتزام بمنازلهم، في حين كان يسمع صراخ الأطفال بشكل واضح في بعض الأحياء.
وشملت الاشتباكات أحياء الخرطوم شرق والعمارات والصحافة العشرة وجبرة وجنوب الحزام، إضافة إلى مناطق واسعة في مدينتي أم درمان والخرطوم بحري.
وتركزت الطلعات الجوية بشكل أساسي حول شارعي المطار والستين وفي محيط مطار الخرطوم الدولي الذي أشارت تقارير لدمار هائل في بنياته الأساسية.
من جهة أخرى، قالت القوات المسلحة في بيان إنها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام بدأت أمس الجمعة لتمكين الشعب السوداني من الاحتفال بعيد الفطر.
وأضافت أنها تأمل «أن يلتزم المتمردون بكل متطلبات الهدنة ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها».
ووافقت قوات الدعم السريع في وقت سابق على الهدنة، ولكن لا أثر للهدنة على الأرض.
ووقعت انفجارات بالخرطوم وسمع دوي قصف بالمدفعية قبل الإعلان عن الهدنة، وسمع شهود إطلاق نار حتى قبل موعد صلاة العيد والتوقيت المقرر لدخول الهدنة حيز التنفيذ.
وقال سكان إن جنوداً ينتشرون سيراً على الأقدام في بعض الأحياء.
وفي مدينة بحري قال سكان إن الجيش نشر أعداداً كبيرة من القوات وأنه يمكنهم سماع دوي تبادل إطلاق النار.
إلى ذلك، قال الناطق باسم القوات المسلحة، نبيل عبدالله، أمس، إن الجيش تجاوز مرحلة الصمود والتحدث لمرحلة التنظيف التدريجي لبؤر قوات الدعم السريع في الخرطوم.
وأضاف أن قوات الجيش صدت محاولات السيطرة على القيادة العامة والقصر الرئاسي.
وفي ما يختص بالموقف العسكري على الأرض، قال إن «الموقف مستقر ونمشط مناطق سيطرة الدعم السريع».
وأعلن الجيش، السيطرة على محيط القيادة العامة، بحسب بيان على (فيسبوك).
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنّ أحد موظفيها قُتل في المعارك في الأُبيّض أمس بعدما علقت مركبته وسط تبادل لإطلاق النار.
على صعيد آخر، أدت الاشتباكات إلى سقوط 413 قتيلاً وإصابة 3551، كما ذكرت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في مؤتمر صحفي دوري في جنيف أمس.
تسعة أطفال بين القتلى
من جانبه، قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) جيمس إلدر الذي شارك في المؤتمر الصحفي إن «تسعة أطفال على الأقل قتلوا في المعارك وأصيب أكثر من خمسين طفلاً» بجروح.
وأضاف «للأسف نعرف أنه طالما استمرت المعارك سيواصل الأطفال دفع الثمن».
وقال إن الرعاية الأساسية التي كانت تقدم قبل الاشتباكات لنحو خمسين ألف طفل يعانون سوء تغذية حاداً «توقفت»، مشيراً إلى أن «حياة هؤلاء الأطفال مهددة».
فساد لقاحات وأنسولين
وقال إلدر إن القتال يهدد أيضا سلسلة التبريد في البلاد «بما في ذلك أكثر من 40 مليون دولار من اللقاحات والأنسولين بسبب انقطاع التيار الكهربائي واستحالة تزويد المولدات بالوقود».
كما تلقت اليونيسيف تقارير عن أطفال لاجئين في المدارس والمراكز الصحية مع احتدام القتال في محيطهم وإخلاء مستشفيات الأطفال مع اقتراب القصف.
وأكد إلدر أن «المساعدات الإنسانية ضرورية بالطبع لكن اليونيسيف وشركاءها لا يمكنهم تقديم هذا الدعم إذا لم يتم ضمان سلامة الموظفين».
وحسب بيان لنقابة الأطباء السودانية، أمس، أكدت «مقتل 243 وجرح 1335 في أوساط المدنيين»، مشيرة إلى أنه «يوجد العديد والكثير من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر ولم تتمكن من الوصول للمستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد».
70 % من المستشفيات خارج الخدمة
وذكرت النقابة أنّ «سبعين في المئة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضرّرة من القتال توقّفت عن العمل» إمّا لأنها قُصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.في هذه الأثناء، تكثّفت الاتصالات الدبلوماسية في محاولة لإسكات المدافع.
وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنه تحدث أمس مع رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي وناشد كلاهما وقف إطلاق النار فوراً،واتفقا على تنسيق جهود حماية المدنيين، بمن فيهم أبناء بلادنا. بدوره،قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أمس إنه قطع زيارته إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ عدة أيام «بسبب الوضع في السودان».ويتشارك السودان في حدود مع سبع دول ويقع بين مصر وليبيا وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في إفريقيا، ولذا يحتمل أن تفاقم الأعمال القتالية التوترات الإقليمية.(وكالات)