سادت حالة من الهدوء الحذر صباح أمس الثلاثاء وسط العاصمة السودانية الخرطوم بعد دخول هدنة وافق عليها طرفا النزاع حيز التنفيذ، على الرغم من تبادل الطرفين خرقها، حيث سمع دوي للمدافع في محيط القصر الرئاسي وقيادة الجيش وصوت مضادات طيران في الساعات الأولى للهدنة بينما استغلت الأسر فترة الهدوء للخروج من منازلها، بعد قتال عنيف استمر لما يزيد على أسبوع، والبحث عن وسائل لنقلهم إلى بر الأمان، في حين أعلنت وزارة الصحة السودانية عن مقتل 460 شخصاً وإصابة 4 آلاف و63 آخرين في 11 ولاية، منذ اندلاع القتال منتصف الشهر الماضي.
وكان القتال قد انحسر الليلة قبل الماضية بعد أن وافق الجيش وقوات الدعم السريع على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، مما سمح للمزيد من السودانيين بالفرار أمس الثلاثاء وللدول الأجنبية بإجلاء مواطنيها.
وسمع شاهد من رويترز دوي إطلاق نار متقطع أمس الثلاثاء في مدينة أم درمان المتاخمة للعاصمة.
وتجددت الاتهامات، أمس الثلاثاء، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني بشأن خروقات في الهدنة المعلنة.
وقال الجيش على لسان الناطق الرسمي باسمه إنه «بالرغم من سريان الهدنة لمدة 72 ساعة التي وافقت عليها القوات المسلحة، إلا أننا نرصد الكثير من الخروقات التي تقوم بها الميليشيا المتمردة منذ الساعات الأولى من صباح أمس».
مصفاة الجيلي
وأضاف الجيش في بيانه، أن «هذه الخروقات تتمثل في استمرار التحركات العسكرية للمتمردين داخل وخارج العاصمة ومحاولة احتلال مواقع وتقييد تحركات المواطنين، وحركة كثيفة بمجموعات متفاوتة نحو مصفاة الجيلي بغرض استغلال الهدنة في السيطرة على المصفاة لخلق أزمة في إمدادات الوقود بكامل البلاد». وأكد الجيش احتفاظه بحقه الكامل في التعامل مع خروقات «الميليشيا المتمردة الخطيرة»، رغم التزامه بالهدنة
وأشار البيان إلى «تحركات لأرتال عسكرية نحو العاصمة متجهة من غرب السودان إلى ودبندة – النهود وصولًا إلى الخرطوم، بجانب أرتال أخرى من بابنوسة والمجلد وذلك لتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق بالخرطوم». وقال الجيش في بيانه إن «نشاط مجموعات القناصة المنتشرة على أسطح البنايات بمناطق متفرقة من العاصمة والولايات لم يتوقف، لافتاً إلى استمرار عمليات سلب ونهب ممتلكات المواطنين والتعرض للمارة أثناء تحركاتهم».
من جهتها، قالت قوات الدعم السريع في بيان، إنها «تجدد التزامها بالهدنة الانسانية المعلنة لمدة 72 ساعة التي وافقنا عليها والتزمنا بكل شروطها من أجل فتح ممرات انسانية للمواطنين والمقيمين من رعايا الدول الشقيقة والصديقة، لكننا نشير إلى أن الطرف الثاني لم يلتزم بشروط الهدنة حيث مازالت طائراته تحلق في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث بما يمثل إخلالاً بائناً للهدنة وشروطها واجبة التنفيذ».
مقتل دبلوماسي مصري
واتهمت وزارة الخارجية قوات الدعم السريع بمهاجمة دبلوماسيين، مشيرة إلى مقتل الدبلوماسي المصري. وكانت الخارجية المصرية أعلنت في بيان مساء أمس الاول الاثنين مقتل مساعد الملحق الإداري بالسفارة المصرية في الخرطوم. وقالت الوزارة إن محمد الغراوي قتل بينما كان متوجهاً من منزله إلى مقر السفارة «لمتابعة إجراءات الإجلاء الخاصة بالمواطنين المصريين في السودان».
جثث منتشرة في الشوارع
وقال أحد سكان الخرطوم، طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه يخشى من أن تواصل القوات المتحاربة اشتباكاتها دون اكتراث بوجود المدنيين في ظل وجود عدد أقل من المراقبين الدوليين.
ودعا ياسر عرمان القيادي الكبير في تحالف قوى الحرية والتغيير المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي إلى المساعدة في إعادة المياه والكهرباء وإرسال المولدات إلى المستشفيات. وقال «هنالك جثث منتشرة في الشوارع ومرضى لا يجدون العلاج وانقطاع المياه والكهرباء، لا بد من توظيف الهدنة في ترك المواطنين للقيام بإكرام الموتى ودفنهم». إلى ذلك استغلت الأسر السودانية فترة الهدوء للخروج من منازلها، بعد قتال عنيف استمر لما يزيد على أسبوع، والبحث عن وسائل لنقلهم إلى بر الأمان. ويخشى السكان من أن يؤدي نزوح الأجانب الجماعي إلى تعريض حياتهم لخطر أكبر.
340 دولاراً التذكرة للقاهرة
وقالت انتصار محمد الحاج، وهي من سكان الخرطوم، إن أطفالها كانوا يختبئون تحت الأسرة من دوي الانفجارات قبل أن تفر الأسرة إلى مصر. وأضافت أن أصعب لحظة مرت بها كانت عند التفكير في مغادرة السودان. وأفاد سكان بأن سعر تذكرة الحافلة إلى مصر قفز ستة أمثال إلى 340 دولاراً.(وكالات)