باريس – أ ف ب
مع دفاع يزيد على مسافة 800 كيلومتر، وفي بعض الأحيان على ثلاثة خطوط في العمق، والكثير من الرجال تستعد روسيا لهجوم مضاد أوكراني ستكون نتيجته حاسمة لبقية فصول الحرب.
فيما يقترب الشتاء من الانتهاء، وبعد هجوم روسي جاء بنتائج محدودة يتوقع أن يدخل النزاع قريباً في مرحلة تستعيد فيها كييف زمام المبادرة. لكن موسكو استخلصت العِبر من فشل الماضي، وتراهن مرة أخرى على حرب طويلة الأمد تؤكد أنها ستنتصر فيها.
تمتد المنشآت الروسية من خيرسون في الجنوب إلى شمال شرق أوكرانيا؛ أي بين 800 و900 كلم. يشير برادي أفريك من معهد الأبحاث الأمريكي «انتربرايز انستيتيوت» إلى تراكم «طبقات التحصينات والخنادق».
وأوضح أفريك: «هذا يشمل الخنادق المضادة للدبابات، والحواجز، وخطوط الدفاع المصنعة مسبقاً مثل أسنان التنين، وخنادق للرجال».
تصطدم الهجمات الأوكرانية من ثَم بعدة جدران متتالية. يقول بيار رازو المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية (FMES): «إن هدف الروس هو تحقيق النجاح».
وأضاف: «في الجدار الثاني، يميل المهاجم إلى التعثر، وحتى إذا مر، فالثالث معقد».
ويقدم خط الجبهة عدة خيارات. يقول أندرو غالر المحلل في المعهد البريطاني جينز: «في أي استراتيجية دفاعية تقوم بمحاولة استدراج المهاجم إلى المنطقة التي تختارها». لكن مكان الهجوم المضاد ربما لا يكون قد تقرر بعدُ. ويمكن أن يسبقه «شرك مع هجوم على نطاق محدود» لكي يدافع الروس عن أنفسهم مما «هو ليس الهجوم الأساسي».
وفي موسكو، يشير فاسيلي كاشين من الجامعة الوطنية HSE من ضمن الخيارات إلى منطقة باخموت التي شهدت معارك عنيفة منذ أشهر، والجنوب. يقول: «المعطيات التي بحوزتنا محدودة جداً».
والاثنين، توقّع رئيس مجموعة «فاغنر» الروسية يفغيني بريغوجين هجوماً مضاداً في اليوم الذي سيطر فيه مقاتلوه على باخموت مشيراً إلى 9 مايو/ أيار المقبل؛ ذكرى النصر الروسي على ألمانيا النازية.
من جانب آخر، يذكر بيار رازو أيضاً إمكانية الخداع دون أن يستبعد «عملية خداع كبرى من كييف لإشاعة الاعتقاد بأنهم ليسوا جاهزين».
يعتمد الكرملين -كما فعل منذ بدء الحرب- على خزان من الجنود يواصل التزايد عبر حملة تجنيد.
وأكد فيليب غرو وفنسان توريه في دراسة لمؤسسة الأبحاث الاستراتيجية (FRS) أن «الاستعدادات الروسية حتى لو استنفدت جهودها لا تزال تملك ما يكفي من الاحتياطي من الرجال للمساهمة في امتصاص الصدمة».
وأضافا: «وضعوا ما يكفي من الإجراءات المضادة لتعقيد أي تقدم أوكراني بشكل كبير».
وحتى جنود الاحتياط غير المدربين بشكل جيد يمكنهم الاحتفاظ بخطوط. يقول فاسيلي كاشين: «إن أي هجوم أوكراني -حتى الأكثر فاعلية- لن يضع حداً لهذه الحرب».
- أوكرانيا مرغمة
باتت كييف أفضل تسليحاً مما كانت عليه قبل عام، لكنّ قسماً من الأسلحة الغربية لم يرسل بعد إلى الجبهة، وبعضها استبدل بعض التجهيزات الأوكرانية المدمرة. وأكدت مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية وجود «مستوى عالٍ من الخسائر الناجمة عن حرب الاستنزاف لا سيما بين الضباط والجنود الأكثر خبرة»، وكذلك وجود «قيود مشددة على استهلاك الذخائر».
تستخدم أوكرانيا في الوقت نفسه أسلحتها التي تعود إلى الحقبة السوفيتية والمعدات الحديثة، وهو تعقيد يبرز أهمية القرارات اللوجستية.
ويعلم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الغرب بدأ يواجه صعوبات مالية، وأن المساعدات تتم مناقشتها أكثر فأكثر، لا سيما في الولايات المتحدة.
وقال بيار رازو: «ليس لديه مجال للخطأ. لا يمكنه التحرك إلا حين يكون متأكداً من ضربته».
لكنّ أوكرانيا -ومع التحضير لعمليتها- عليها أن تواصل الدفاع عن لائحة أولويات: كييف وخاركيف والمحور اللوجستي بين المدينتين، وحدودها مع بيلاروس، والمحاور مع الحدود البولندية والرومانية، وأوديسا، والمحطات النووية المدنية.
من جهته، يكشف الكولونيل السابق ميشال غويا عن «اختراقين فقط في هذه الحرب: في بوباسنا من الروس في مايو/ أيار 2022 وفي منطقة خاركيف من الأوكرانيين في سبتمبر/ أيلول».
وأردف:«مواقف الجانبين، خاصة الروسي هي حالياً أقوى كثيراً مما كانت عليه آنذاك».





