بيروت: «الخليج»
يدخل لبنان في اليوم 188 على الشغور الرئاسي، وسط دوامة العقد المتحكمة به بفعل التشرذم السياسي، وتمسك كل طرف بمواقفه، وإن كان لاح في الأفق ما يبشر بإمكان اقتراب حل ما في الفترة المقبلة، بفعل قوة دفع صديقة، لحسم الملف الرئاسي، وكسر التعطيل وتحريك عقارب الساعة الرئاسية في الاتجاه الذي يملأ الفراغ الرئاسي بالرئيس المناسب، لقيادة السفينة اللبنانية إلى بر الأمان.
وتتجلى هذه القوة في الحراكات الإقليمية والدولية، التي دخلت في الفترة الأخيرة على أكثر من خط دولي وإقليمي وداخلي، متجاوزة كل التوترات والانفعالات والاعتراضات الداخلية، وما تفتعله من مطبات تعطيل للمسار الرئاسي منذ ما يزيد على نصف سنة.
وثمة مؤشرات سياسية ودبلوماسية وُصفت بأنها أكثر من جدية، لتفعيل تلك الحراكات أكثر في الأيام المقبلة، سواء على مستوى دول الاجتماع الخماسي في باريس، أو على مستوى فتح خطوط الاتصال المباشر وغير المباشر بين باريس وبيروت، وكذلك بين الرياض وبيروت.
ووفق مصادر سياسية موثوقة، فإن الأجواء الدبلوماسية المواكبة لهذه التطورات، تؤكد أن الحراك يأتي إنفاذاً ل«قرار غير معلن»، قد اتُخذ على مستوى الأصدقاء والأشقاء، بأن الوقت قد حان لإنهاء الوضع الشاذ في لبنان، ووضع اللبنانيين أمام مسؤوليتهم في إعادة تكوين الدولة، بانتخاب رئيس للجمهورية سريعاً وتشكيل حكومة تؤسس لخروج لبنان من أزمته الصعبة التي يهدد استمرارها بانزلاقه إلى صعوبات أكبر من طاقته على تحملها أو احتوائها، وخصوصاً أن هذه الأزمة فتحت أمام لبنان كل الآفاق السلبية وصولاً إلى الخراب الكلي.
وعلى ما يؤكد مطلعون على تفاصيل الحراك المتعدد الأوجه فإن «الفرنسيين مستنفرون على طريق حسم الملف الرئاسي نهائياً، برغم حملة الشتائم التي تُكال عليهم ممن كانوا حتى الأمس القريب، يتغنون بفرنسا الدولة الصديقة والأم الحنون».
على صعيد آخر، أثار قرار صدر عن المجلس التأديبي في القضاء اللبناني، بصرف النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون من الخدمة، بناءً على شكاوى مقدَّمة أمام التفتيش القضائي، ردوداً واسعة، علماً أن القرار قابل للاستئناف أمام الهيئة العليا للتأديب. وفي أول موقف للقاضية عون تعليقاً قالت «أؤمن أن الحق لا يضيع، ولم أقم بأي خطأ، بل قمت بعملي فقط»، مؤكدة أن «هذه ملاحقات كيدية، والاتهامات مجرد أقاويل».
وقالت: «لدي ثقة بالمجلس التأديبي ورئيسه وأعضائه، وأتمنى أن يفهموا وجع الناس».
إلى ذلك، أعربت هيئة المحامين في «التيار الوطني الحر»، عن استنكارها فصل غادة عون من الخدمة»، مشيرةً إلى أن «هذا القرار ضرب آخر معقل لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين في السلطة الحاكمة واستعادة الأموال المنهوبة».
ودعت في بيان، «جميع الغيارى على معرفة حقيقة جريمة العصر التي كانت نتيجتها سرقة شعب بكامله»، إلى «الانضمام للتحركات الداعمة لجرأة القاضية غادة عون، التي أصبحت تشكل رمز القضاء النزيه ورسالته الرامية إلى حماية الضعيف، أمام غطرسة الحاكم المستبد وحامي الفاسدين».