الخليج – متابعات
ظروف قاسية يعيشها الشعب السوداني منذ النزاع المسلح الذي بدأ في الخامس عشر من إبريل/نيسان الماضي بين الجيش السوداني تحت قيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، تركزت تلك الاشتباكات في بداياتها في العاصمة «الخرطوم» ثم امتدت إلى مدن، وبلدات أخرى.
جهود إقليمية ودولية بذلت من أجل وقف إطلاق النار وتجنيب السودان الدخول في النفق المظلم، فقد عقد السبت 6 مايو/أيار في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، مباحثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم، وقد رحبت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بالمحادثات، وفي بيان مشترك: «حثت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كلا الطرفين على استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني، والانخراط الجاد في هذه المحادثات، ورسم خارطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية، والتأكيد على إنهاء الصراع، وتجنيب الشعب السوري التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أجرى مكالمتين هاتفيتين، مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو عبر خلالهما عن قلقه البالغ إزاء استمرار المواجهات العسكرية في السودان، وما أسفرت عنه من وقوع ضحايا أبرياء، وطالب وزير الخارجية المصري، جميع الأطراف الالتزام بالهدنة لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية.
ودعت جامعة الدول العربية يوم 3 مايو/أيار إلى الوقف الفوري لكافة الأعمال القتالية، ودان مجلس الجامعة في جلسته المستأنفة استهداف المدنيين، والمنشآت المدنية، خاصة الطبية، وحذرت من مغبة تلك الأعمال التي تؤدي إلى زيادة حدة الصراع.
وقال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق في تصريحات خاصة ل«الخليج»: «النظام العربي أمام اختبار حقيقي، ولا يمكن الادعاء بأن الاقتتال في السودان شأن داخلي، كما أن المحاولات الإفريقية لن تجدي خلال المرحلة الحالية».
وأضاف: «إذا كان الهدف الوصول إلى هدنة طويلة فقد يكون الأمر سهلاً، لكن إذا كان الهدف الوصول إلى الحلول المستدامة للأزمة السودانية، يجب أن يكون الحل نابع من السودان، لكن بحماية عربية».
وأشار «العرابي» إلى أن المسؤولية تقتضي بعدم ترك السودان الشقيق لكي يكون عرضة لمستقبل يعج بالفوضي ويتحول إلى ساحة لصراع الدول الكبري، موضحاً أنه إذا طال أمد الأزمة سيكون هناك آثار سلبية كبيرة، وتدخل السودان إلى النفق المظلم. وتابع أنه «لابد من معالجة جوهر المشكلة لحل الأزمة السودانية، لأن عدم وجود حلول في الأفق يؤدي إلى مأساة كبيرة في الأزمة، وحتى لا يتحول السيناريو داخل السودان إلى مراحل الإنهاك ثم التآكل البطيء ثم الدولة الفاشلة.
من جهته، قال صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، ورئيس مكتب الجامعة العربية في السودان سابقاً، إن «الموقف في السودان بالغ التعقيد سواء على المستوى الشعبي، أو على مستوى مؤسسات الدولة».
وأشار «حليمة» إلى أن «السودان مقبل على حالة من الفوضى في ظل تزايد العمليات العسكرية، وهو ما قد يمتد تأثيره إلى دول الجوار، وسط مخاوف من وجود ميليشيات أجنبية، وهو أمر مقلق للغاية».
وأوضح: «كافة المبادرات حتى الآن قاصرة، لأنها تقف عند وقف القتال، والاهتمام لا ينصب على الأزمة السياسية التي أدت إلى تفاقم الأوضاع. مصر تحركت، وطلبت وقف إطلاق النار، وبالتأكيد هناك تنسيق بين مصر و السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية».
وأشار إلى أن «المبادرة السعودية الأمريكية لها فرصة بناءة، وشيء من التفاؤل لوضع تصور للمستقبل، ومعالجة قضايا النازحين، وأن يكون الإصلاح شاملاً، ويكون عليه توافق بإقامة انتخابات رئاسية بنظام حكم مدني، وتسليم السلطة لحكومة مدنية بنظام ديمقراطي كامل، وقد تكون تلك الانتخابات هي طوق النجاة، ولا يمكن حل أزمة السودان دون وجود مبادرات دولية، وهو ما حدث في مفاوضات جدة، وإذا لم يتم التوافق، فلابد من تدخل الأمم المتحدة، وإلا سيدخل السودان في مرحلة الفوضى».