عادي
سد فراغ بيكيه.. وأعاد الهيبة للكتالوني
11 مايو 2023
14:37 مساء
بيروت – (أ ف ب)
بعدما اقترن اسم برشلونة بما أُطلق عليه أسلوب “تيكي تاكا” الذي بدأه مدربه الهولندي السابق الراحل يوهان كرويف وأتقنه جوزيب غوارديولا، أدرك المدرب الحالي تشافي هرنانديس أنه من أجل العودة إلى منصة التتويج يجب تغيير الأمور.
غاب برشلونة عن منصة تتويج الدوري المحلي منذ 2019، لكن ها هو الآن على بعد خطوة منها بفضل سلاح جديد غريب عليه هو الدفاع الذي لعب الدور الرئيسي في إزاحة غريمه ريال مدريد عن العرش، بعدما تلقت شباكه 11 هدفاً فقط في 33 مرحلة.
واعتقد كثيرون أن رحيل صخرة الدفاع جيرار بيكيه سيترك فراغاً كبيراً في الخط الخلفي للفريق الكتالوني، لكن الأوروغوياني رونالد أراوخو أثبت أن الرهان عليه كان موفقاً عندما قررت الإدارة ضمه في صيف 2018 من بوسطن ريفر الأوروغوياني في صفقة بلغت 1.7 مليون يورو فقط دون المكافآت؛ إذ استطاع سد فراغ بيكيه وأعاد الهيبة إلى الدفاع الكتالوني، وأصبح كلمة السر في تألق برشلونة وحصده البطولات.
إلا أن رحلة أراوخو البالغ حالياً 24 عاماً في “كامب نو” لم تكن وردية في بدايتها؛ إذ عانى للتأقلم على بُعد نحو 10 آلاف كيلومتر من موطنه.
والأمر لا يتعلق بإصابات عاناها في مستهل مشوار بدأه مع الفريق الرديف، بل واجه صعوبة في التأقلم مع حياته الجديدة وحتى مع اللغة؛ لأنه قادم من ريفيرا القريبة جداً من الحدود البرازيلية، والتي يتحدث سكانها لغة “بورتونيول”، وهي مزيج من البرتغالية والإسبانية وفق ما كشف أراوخو نفسه في إحدى المقابلات.
لكنه لم يستسلم وأظهر شخصيته القتالية في التعامل مع حرق المراحل التي تؤثر نفسياً في أي مراهق كان، فكيف الحال إذا كان الأمر يتعلق بالدفاع عن ألوان واحد من أعرق الأندية في أوروبا والعالم وأهمها.
وفي مقابلة نشرتها صحيفة “ذي غارديان” البريطانية في شباط/فبراير الماضي قال أراوخو الذي وصل إلى برشلونة حين كان في التاسعة عشرة من عمره: “إن كرة القدم تسارعت. في السابعة عشرة من عمري كنت لا أزال في بلدتي الصغيرة، ألعب للفريق المحلي هوراكان ريفيرا، ثم انتقلت إلى مونتيفيدو على سبيل التجربة مع رينتيستاس”.
وتابع: “لعبت مع فريق تحت الـ19 عاماً لخمسة أشهر ثم رُفعت إلى فريق الكبار الذي يلعب في الدرجة الثانية، ثم نقلوني إلى بوسطن ريفر”.
ورأى أن “الانتقال من ريفر إلى برشلونة في غضون عامين كان جنونياً”.
من الترعرع تحت أجنحة والد يعمل في التشجير وأم في تنظيف المنازل والاستمتاع بسلام الطبيعة والحيوانات، وجد أراوخو نفسه يرتدي قميصاً ثقيلاً جداً على أي لاعب كان في ظل تاريخ برشلونة ومكانته.
قرّر أراوخو ألا يهاب التحدي مهما عظم شأنه، وواجه الضغوط الناجمة عن ارتداء ألوان “بلاوغرانا” بتمارين يومية كان أبرزها في “حلبة الثيران” لأكاديمية “لا ماسيا”، وهي حلبة محاطة بسور من الشبابيك الحديدية المتحركة على إطارات ترتد منها الكرة عند تسديدها في اتجاهها؛ مما يصقل موهبة السيطرة على الكرة.
باتت هذه الحلبة المكان المفضل للشاب الأوروغوياني الذي شعر بأن كل شيء حوله مختلف على بعد آلاف الكيلومترات من موطنه.
واعتبر أن الانتقال إلى برشلونة كان “قفزة” في حياته، واضطر إلى تغيير الكثير مما تعلمه كروياً في الأوروغواي، قائلاً: “حيث اللعب مباشر أكثر. تطوّر الأمر هناك بعض الشيء، لكن الحارس ما زال يركل الكرة بعيداً كلما كانت في حوزته أو يمرّرها لنا كمدافعين كي نركلها بعيداً نحو منطقة الخصم. الصعود بالكرة من الدفاع لم يكن موجوداً”.
وتابع: “لم نكن نعمل حقاً على الناحية التكتيكية. كل ما تفعله كمدافع هو الدفاع، هذا كل ما في الأمر. في أوروبا يطلبون منك أكثر من ذلك. كان عليّ أن أتغيّر كثيراً”.
لا يمكن لأحد أن يشكك في الجهد الذي بذله أراوخو من أجل تحقيق التغيير والوصول حتى إلى نيل الإشادة من أحد نجوم الغريم الأزلي ريال مدريد، والحديث هنا عن المهاجم البرازيلي الفذّ فينيسيوس جونيور الذي أجاب بعد الفوز على تشيلسي الإنجليزي 2-0 في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال عن هوية “أصعب المدافعين” الذين يعاني أمامهم، فأجاب: “إنه بلا شك أراوخو الذي كان أفضل من دافع ضدي”.
وتابع: “إنه جيد جداً وقوي جداً؛ ولهذا السبب يلعب مع برشلونة”.
مثابرة أراوخو وصلابته ساهمتا في جعله الحجر الأساسي في قيادة برشلونة لفرض نفسه أفضل فريق دفاعي في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى.
الآن وبعد لقبي الكأس والكأس السوبر الإسبانيتين اللتين أحرزهما عامي 2021 والعام الحالي توّج أراوخو جهوده الجبارة بإحراز اللقب المحلي الأهم، على أمل أن يواصل على هذا المنوال من أجل إعادة برشلونة إلى مكانته القارية والفوز بلقب دوري الأبطال لأول مرة منذ 2015.
https://tinyurl.com/3kbr7zkc