الخرطوم – أ ف ب

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان، يومه الثالث، الخميس، فيما تبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاكه، بعدما تواصلت الاشتباكات التي خفتت حدّتها، لكنها بدّدت الهدوء النسبي في الخرطوم.

وأعلن الوسطاء الأمريكيون والسعوديون التوصل، بعد أسبوعين من المفاوضات، إلى هدنة بدأ تطبيقها، ليل الاثنين، تعهّد الجيش وقوات الدعم السريع، باحترامها. إلا أن الوسطاء أكدوا في بيان أن «القتال في الخرطوم بدا أقل حد،ة لكن المعلومات تفيد بأنهما انتهكا» الهدنة منذ بدء سريانها رسمياً.

وليل الأربعاء، اتهمت قوات الدعم السريع عبر حسابها على موقع «تويتر»، قوات الجيش بانتهاك الهدنة الإنسانية.

وأضافت أن قوات الجيش «قامت بالهجوم على قواتنا في عدد من المحاور عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي والهجوم البري»، مشيرة إلى «إسقاط طائرة ميغ يتواجد حطامها في منطقة أُمبدة» بأم درمان.

وردّ الجيش في بيان عبر «فيسبوك» بالقول: «تواصل الميليشيا انتهاك الهدنة المعلنة منذ بدايتها». واتهم قوات الدعم السريع ب«هجوم على مدينتي الجنينة وزالنجي ومواصلة احتلال المستشفيات، واحتلال مطبعة النقود وسك العملة».

وأبدت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى القرن الإفريقي، حنّا تيتيه، قلقها تجاه التطورات في البلد الإفريقي، وكتبت على حسابها على «تويتر» الخميس: «التطورات في السودان مقلقة، تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، ومع ذلك لا يزال القتال مستمراً».

وأضافت «هذا غير مقبول ويجب أن يتوقف.. يجب أن يكون الناس قادرين على عيش حياتهم في سلام».

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الخميس: «لا نزال نشهد انتهاكات لوقف إطلاق النار»، خاصة في الخرطوم ودارفور.

وأضاف: «نمارس ضغطاً على الطرفين في شأن هذه الانتهاكات»، مؤكداً أن واشنطن تحتفظ بحقها في فرض عقوبات «عند الضرورة». لكنه لم يشأ الحديث عن جدول زمني أو عن الأفراد الذين قد تستهدفهم هذه العقوبات.

ومنذ 15 إبريل/ نيسان، أسفر النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل المئات، ونزوح أكثر من مليون شخص داخلياً، وفرار أكثر من 300 ألف شخص إلى الدول المجاورة.

وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة (أيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة، وفي مدينة الجنينة.

وعلى الرغم من تواصل المعارك، أكد سكان في العاصمة أنهم استغلوا تراجع حدّتها للخروج من منازلهم وقضاء حوائجهم.

ولكن في مدينة زالنجي بدا المشهد مقلقاً، بحسب ما كتب المدير الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان، طوبي هارورد عبر «تويتر».

وكتب هارورد: «قلق للغاية من التقارير الواردة من زالنجي، وسط دارفور، حيث كانت المدينة محاصرة من الميليشيات المسلحة خلال الأيام الماضية، وانقطعت الاتصالات».

وأضاف: «وفقاً للتقارير، تعرضت مكاتب ودور الضيافة (التابعة للأمم المتحدة) والخدمات العامة، والمنشآت الحكومية، والبنوك والمنازل الخاصة للهجوم والنهب. واستهداف مرافق الرعاية الصحية».

وطالب المسؤول الأممي «السلطات الشرعية باستعادة السيطرة على المدينة، وضمان احترام إعلان جدة بالكامل».

ووجّه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، رسالة إلى السودانيين غداة توقيع اتفاق جدة قال فيها: «إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، سنعرف». وتابع: «سنحاسب المخالفين من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا».

من جهته، أكد مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في تصريحات للصحافيين أنه «على الرغم من اتفاقات وقف إطلاق النار المتتالية، لا يزال المدنيون يتعرضون لخطر الموت والإصابة».

وأضاف: «بين عشية وضحاها تلقينا تقارير عن طائرات مقاتلة في الخرطوم، ووقوع اشتباكات في بعض مناطق المدينة، وكذلك في بحري وأم درمان».

وقبل أن تهدأ حدة القتال في العاصمة ليجد سكانها متنفساً، أرغمت الفوضى الملايين على ملازمة منازلهم للاحتماء من الرصاص الطائش وأعمال السرقة والنهب.

وفي هذا الصدد قال الخبير الأممي المعني بحقوق الإنسان رضوان نويصر: «يشعر الناس بالوحدة، وتم التخلي عنهم وسط النقص المزمن في الطعام ومياه الشرب. البلد كله أصبح رهينة».

كما تتواصل هجرة السودانيين إلى البلدان المجاورة، وعلى رأسها مصر وتشاد وجنوب السودان. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن عدد الفارين خارج البلاد بلغ 319 ألف شخص. أما من لم يتمكنوا من الفرار، فيعتمدون على القليل من الإمدادات في بلد يحتاج أكثر من نصف سكانه إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وفق الأمم المتحدة.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version