في ظل انشغال القوى الغربية بالتصدي لروسيا، تتسارع الأحداث في غرب البلقان، إذ أعلنت صربيا، السبت، حالة تأهب قصوى، وأكدت أن الجيش سيبقى قرب الحدود مع كوسوفو، ما يعيد التوتر لمنطقة البلقان ويحرك مخاوف من حرب جديدة.

وكان الخلاف قد تجدد بين صربيا وكوسوفو، الجمعة، على خلفية التوترات التي رافقت تنصيب رؤساء بلديات من أصل ألباني في شمال البلاد، حيث تتمركز الأقلية الصربية، التي لا تزيد على 4 في المئة من مجمل سكان كوسوفو، وما تخللها من مواجهات.

صدامات بين السكان والشرطة

وهذا التصعيد أعقب صدامات بين سكان والشرطة الكوسوفية في ثلاث مناطق ذات غالبية صربية، إثر محاولة سكان من الصرب منع رؤساء بلديات من الألبان تولي مناصبهم بعد انتخابهم في إبريل في اقتراع مثير للجدل، بحسب«سكاي نيوز عربية».

هذه التوترات متكررة في المناطق الثلاث من الإقليم الصربي السابق الذي لم تعترف بلغراد باستقلاله المعلن عام 2008، وحيث يتحدى السكان الصرب البالغ عددهم 120 ألف نسمة، الحكومة المحلية.

تطورات متسارعة

بعد حدوث الصدامات بين الشرطة الكوسوفية والسكان الصرب، حدثت تطورات متسارعة في صربيا التي تتعهد دوماً بحماية الأقلية الصربية في كوسوفو، حيث أمر الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، الجيش، الجمعة، بأن يكون في حالة تأهب والتحرك في اتجاه الحدود مع كوسوفو.

كما ترأس فوسيتش اجتماعاً للجنة الأمن القومي، صباح السبت، وتبنّى الاجتماع خطة «أنشطة أمنية تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية لصربيا».

تاريخ الصراع

يلوح في الأفق صراع متجدد بين صربيا وكوسوفو، اللتين يجمعهما عداء تاريخي تعود جذوره إلى مطلع القرن الماضي، عندما نشبت حرب البلقان الأولى بين عامي 1914 و1918، لكن بالنظر إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، فربما تأخذ التوترات في الجمهورية اليوغوسلافية السابقة أبعاداً جديدة، بعد أن أصدر الجيش الصربي قراراً بحالة التأهب القصوى في ظل المناوشات المتصاعدة في شمال كوسوفو.

وأعلنت كوسوفو الاستقلال من جانب واحد عن صربيا في عام 2008، وهي خطوة ترفضها صربيا التي لا تعترف بكوسوفو كدولة مستقلة ولا تزال تدعي أنها مقاطعة كوسوفو وميتوهيا المتمتعة بالحكم الذاتي.

عارضت صربيا بشدة إعلان استقلال كوسوفو، ووضعت حكومة صربيا خطة عمل لمكافحة إعلان كوسوفو، والذي نص، من بين أمور أخرى، على استدعاء السفراء الصرب للتشاور احتجاجاً على اعتراف أي دولة بكوسوفو، وهو ما فعلته باستمرار.

قلق الغرب

الدول الغربية تعاطت مع التطورات خلال اليومين الماضيين، بجدية كاملة، وأصدرت عدة بيانات لمحاولة السيطرة على نزع فتيل التصعيد.

فقد دعت كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا، سلطات كوسوفو إلى «التراجع الفوري عن قرارها» بنشر القوات الخاصة في الأقاليم الثلاثة.

وأبدت الدول الخمس قلقها أيضا بشأن قرار صربيا رفع مستوى جاهزية قواتها المسلحة.

ودعا حلف شمال الأطلسي (الناتو) المؤسسات في كوسوفو إلى خفض فوري للتصعيد، وكلّ الأطراف لحل الوضع من خلال الحوار.

من جانبه تجاهل رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي الضغط الغربي، عبر التأكيد أنه يتفهم مخاوف الشركاء لكن أي خيار آخر سيكون بمثابة عدم الوفاء بالالتزامات الدستورية، بحسب «سكاي نيوز عربية».

موقف روسيا

قال المحلل السياسي جون بيركلي على تويتر:«صربيا حليف وثيق لروسيا وربما تطلب الأخيرة من بلغراد التسبب في حرب لصرف انتباه الناتو عن أوكرانيا، لذلك هناك احتمال حقيقي للغاية لاندلاع حرب أخرى في أوروبا».

فيما أكدت الخبيرة الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية إيرينا توسكرمان، ل«سكاي نيوز عربية» إن روسيا تتطلع الآن إلى صرف انتباه المجتمع الدولي عن الحرب في أوكرانيا وتحاول زرع الشقاق في صفوفه وإبطاء جهود دعم كييف.

وقال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية، ميتشل بيلفر:«غرب البلقان دائماً على شفا صراع جديد وتتركز معظم الجهود منذ سنوات على تجميد الصراعات بدلا من حلها».

وأضاف:«التوترات الحالية يمكن التلاعب بها بسهولة في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى لتحقيق أهداف قوة عظمى أكبر، بالنظر إلى أن صربيا حليف طويل الأمد لروسيا. يبدو أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يشجع بعض حلفاء موسكو إلى استخدام وسائل أكثر عدوانية سعياً وراء مصالحهم المحلية علماً بأن روسيا ستدافع عنهم سياسياً».

ليس هناك مصلحة حقيقية في الوقت الراهن لحل التوترات وديّاً في إطار مستدام لذلك من السهل جداً إشعال الصراع في غرب البلقان مرة أخرى.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version