فقدت إيطاليا رئيس وزرائها الأسبق سيلفيو برلسكوني، الذي توفي، الاثنين، عن عمر يناهز 87عاماً بعد صراع مع المرض.
وتمثل وفاته نهاية مسيرة سياسية استمرت ثلاثين عاماً، تميزت كلها بالجدل والخلافات والقضايا القانونية، فهو أحد الرجال الأكثر ثراء في بلاده، إذ يمتلك ثروة تقدرها مجلة فوربس بنحو 6.4 مليار يورو.
وكان قد دخل في السنوات الأخيرة إلى المستشفى مراراً، حيث أعلن الأطباء في إبريل الماضي أنه يعاني سرطان الدم والتهاباً في الرئة.
- البدايات المهنية
ولد برلسكوني في 29 سبتمبر 1936. وبدأ حياته المهنية ببيع المكانس الكهربائية، فضلاً عن شهرته بالغناء في الملاهي الليلية وعلى متن السفن السياحية.
تخرج في كلية الحقوق عام 1961، ثم أسس شركة إديلنورد للإنشاءات، حيث اشتهر كمتعهد لبناء المساكن في مسقط رأسه بمدينة ميلانو. وبعد عشر سنوات، أسس شركة محلية لتجهيزات القنوات التلفزيونية، تحولت في ما بعد إلى أكبر إمبراطورية إعلامية في إيطاليا، وباتت تعرف باسم (ميدياست).
وتجمع الشركة القابضة الضخمة الخاصة به تحت مظلتها ميدياست وأكبر دار نشر في إيطاليا وجريدة يومية ونادي ميلانو، فضلاً عن عشرات الشركات الأخرى.
كما تسيطر شركته الاستثمارية على أكبر ثلاث محطات تلفزيونية خاصة في البلاد، فضلاً عن أنه كرئيس للوزراء كان مسؤولاً عن تعيين مديري القنوات العامة الثلاث في البلاد.
- إنجازات واتهامات
لقب برلسكوني باسم «الفارس» بسبب التكريم الذي حصل عليه في عام 1977 من الرئيس جيوفاني ليوني كفارس للعمل، والذي تخلى عنه في عام 2014.
كما حصل في عام 2013 على لقب سابع أغنى رجل في إيطاليا ومن أغنى 194 في العالم، وذلك بسبب ثروته الشخصية التي تقدر بنحو 6.2 مليار دولار، وفقاً لمجلة فوربس الأمريكية.
تولى رئاسة الحكومة في إيطاليا على ثلاث فترات؛ من مايو 1994 إلى يناير 1995، ومن يونيو 2001 إلى مايو 2006، ومن مايو 2008 إلى نوفمبر 2011.
واستبعد برلسكوني من مجلس الشيوخ في نوفمبر 2013، إثر إدانته بتهمة تهرب ضريبي، ومُنع من المشاركة في الانتخابات النيابية ست سنوات، لكنه أنتخب في البرلمان الأوروبي في 2019.
حوكم برلسكوني في أكثر من 20 محاكمة قضائية، حيث نظر القضاء الإيطالي في عام 2017 في تهمتي الرشوة والتلاعب بشهادات الشهود في القضية المتعلقة بحفلات «البونغا بونغا» التي كان يقيمها.
واتهم رئيس الحكومة الايطالية الأسبق بدفع مبلغ يتجاوز 10 ملايين يورو، على هيئة نقود وسيارات وهدايا ونفقات، إقامة لضيوف أقاموا في مسكنه القريب من ميلانو، وذلك من أجل الشهادة لصالحه في القضية المعروفة بقضية «روبي»، لكنه في النهاية أدين وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمتي استغلال السلطة وإغواء القاصرات، وبعد استئنافه الحكم، خرج في عام 2015.
- نجاحات رياضية
يعد برلسكوني من أشهر رؤساء أندية كرة القدم الإيطالية على مرّ التاريخ، بعد أن قاد فريق ميلان إلى المجد المحلي والقاري في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
وامتدت رئاسة سيلفيو برلسكوني، رئيس الحكومة الإيطالي، في نادي ميلان خلال الفترة من 1986 حتى 2005.
وأجرى صفقات لا تنسى في الفريق الأحمر والأسود، خصوصا الثلاثي الهولندي ماركو فان باستن، رود خوليت وفرانك ريكارد. وتعاقد مع المدرب أريغو ساكي، بالإضافة إلى المدرب الفذ فابيو كابيلو.
ونجح برلسكوني في انتشال ميلان من القاع بعد هبوطه عام 1980 في أزمة المراهنات، لينجح في قيادة الفريق للتتويج بدوري موسم 87 – 88، لتبدأ فترة 31 عاماً لزعيم ميلان.
خلال تلك الفترة، توج الفريق ب8 بطولات للدوري الإيطالي، و7 ألقاب للسوبر، و5 ألقاب في عهده لدوري الأبطال، و5 بطولات سوبر أوروبي، بالإضافة لبطولة كأس العالم للأندية.
- نهاية العصر الذهبي
تسببت فضيحة «الكالتيشو بولي» في سقوط فريق يوفنتوس الإيطالي، إلى دوري الدرجة الأولى في إيطاليا، مع خصم 9 نقاط، كما تمت معاقبة أندية ريجينا، بالسقوط إلى دوري الدرجة الأولى أيضاً، بالإضافة إلى خصم نقاط من أندية لاتسيو وفيورنتينا ونادي ميلان، في مايو 2006.
يشار إلى أن الفضيحة كانت بسبب مكالمات مسربة، أثبتت تلاعب الأندية في نتائج المباريات.
قللت تلك الأزمة من قيمة الرعاية لمباريات الدوري الإيطالي، إلى جانب عدم امتلاك نادي ميلان لملعب سان سيرو، الذي يتبع مجلس مدينة ميلانو ويشاركه فيه نادي إنتر.
قل مقابل الرعاية تدريجياً، ولم يتحمل النادي قيمة الصفقات الكبيرة التي بدأت في إبرامها أندية القمة في أوروبا، ليتراجع ميلان على مدار السنوات منذ 2007 حتى عام 2017. فقرر برلسكوني التخلي عن نادي ميلان وبيعه إلى رجال أعمال صينيين، مقابل 740 مليون يورو.
- دعم بوتين ضد أوكرانيا
في أكتوبر الماضي، أثار رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني، الجدل بعد نشر تسجيل صوتي مسرب له يكشف فيه عن علاقة تربطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتبادلهما الهدايا، كما يعرب أيضاً عن خشيته من تسليح أوكرانيا.
التسريبات أكدت دعمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، حيث قال برلسكوني: «كان لا بد لبوتين من شن عمليته الخاصة في أوكرانيا، والوصول لكييف للإطاحة بالحكومة، وتنصيب حكومة اختارتها بالفعل الأقلية الأوكرانية تتألف من قادة أكثر عقلانية».