دخلت إسبانيا حالة من عدم اليقين السياسي، بعد أن فشل كل من اليمين واليسار في حسم الانتخابات البرلمانية بأغلبية مريحة، على الرغم من «الانتصار المرير» للحزب الشعبي المعارض بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. ويضع هذا «المأزق السياسي» رابع أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، أمام أسابيع، إن لم يكن شهوراً، من المفاوضات الشاقة لتشكيل ائتلاف حكومي، أو الذهاب نحو خيار إعادة الانتخابات، كما حدث في 2015-2016 و2019.

وخلافاً لكل التوقعات، نجح رئيس الحكومة المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز، في الحفاظ على فرص الاستمرار في منصبه بالرغم من عدم حصوله على الأغلبية، إلا أنه تمكن من منع الحزب الشعبي المنافس، بزعامة ألبرتو نونيس فيخو، من تأمين أغلبية مطلقة مع حليفه المحتمل، حزب «فوكس» اليميني المتطرف.

وأكدت الاستطلاعات التي سبقت عملية التصويت أن الحزب الشعبي، سيكون قادراً على تشكيل حكومة من خلال التحالف مع حزب «فوكس»، في سيناريو كان سيعيد اليمين المتطرف إلى السلطة في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية ديكتاتورية فرانكو، قبل نحو نصف قرن، غير أن النتائج جاءت بعكس التوقعات. ودعا سانشيز، إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة بعد أن تعرّض حزبه لهزيمة مدوية في الانتخابات البلدية والإقليمية في نهاية مايو/ ايار، وراهن على أن أداء حزبه سيكون أفضل في يوليو/ تموز، مما لو انتظر حتى موعد الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر/ كانون الأول. وبعد ظهور النتائج، تحدث سانشيز إلى أنصاره خارج مقر الحزب الاشتراكي، معلناً أن «الكتلة الرجعية لحزب الشعب وفوكس قد هُزمت»، مضيفاً: «نحن من نريد أن تُواصل إسبانيا التقدم، عددنا أكبر بكثير». ومن جانبه، أعلن نونييس فيخو، زعيم الحزب الشعبي الذي حل أولاً في الانتخابات التشريعية، فوزه في هذا الاستحقاق، مؤكداً أنه سيحاول «تشكيل حكومة».

وقال فيخو، أمام مقر حزبه في مدريد: «بصفتي مرشح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، أعتقد أن من واجبي» محاولة «تشكيل حكومة»، مضيفاً «إذا كان الحزب الأكثر حصولاً على الأصوات غير قادر على الحكم، فإن البديل الوحيد هو الجمود الذي لا يفيد إسبانيا، ولا يفيد مكانتنا الدولية، أو أمن الاستثمارات».

وفيما فشل الحزبان، الاشتراكي والشعبي، في تحقيق الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة (176 مقعداً)، أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن التحالفات البرلمانية ستحدد معالم الائتلاف الحكومي المقبل، موضحة أن هذا لن يأتي «إلا بعد مفاوضات واتفاقات مشحونة بين الأحزاب»، قد يؤدي فشلها إلى إعادة الانتخابات.

وبيّنت النتائج حصول الحزب الشعبي بزعامة فويخو على 136 مقعداً، بينما نال حزب «فوكس» اليميني المتطرف، حليفه الوحيد المحتمل في أي ائتلاف حكومي، 33 مقعداً. وبذلك، جمع الحزبان 169 مقعداً برلمانيا، أي أقل من الأغلبية المطلقة (176 من أصل إجمالي المقاعد البالغ 350).

وحصد الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز 122 مقعداً، مقابل 31 لحليفه حزب سومر من أقصى اليسار.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة «إل باييس» الإسبانية، أن انتصار الحزب الشعبي «كان بطعم المرارة بالنسبة لقياداته، التي لم تشك في أي وقت في أنها ستحصل على الأغلبية المطلقة مع فوكس». وأفادت الصحيفة الإسبانية، بأن «النتائج كانت قريبة جداً لدرجة أنها تترك كل شيء معلقاً من دون حسم»، لافتة إلى أن «بيدرو سانشيز سيسعى للحصول على دعم حزب». (وكالات)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version