القدس – (أ ف ب)

يشن الجيش الإسرائيلي مساء الجمعة، قصفاً كثيفاً على قطاع غزة، حيث حذّرت الأمم المتحدة من وابل غير مسبوق من المآسي، وطالبت مجدداً بهدنة في الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن القصف الإسرائيلي هو الأعنف منذ بدء الحرب، واستهدف شمالي قطاع غزة.

في الوقت نفسه، انقطعت الاتصالات ومعظم الإنترنت بالكامل، بحسب «حماس».

وأبلغ مكتب الإعلام عن قصف جوي وبري ومن البحر، متهماً إسرائيل بأنها قامت بذلك لارتكاب مجازر. ورداً على ذلك، أعلنت كتائب القسام إطلاق رشقات صاروخية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري تكثيف القصف على غزة في شكل كبير جداً، لافتاً إلى أن الجيش سيوسع عملياته البرية هذا المساء.

الأمم المتحدة تحذر من المآسي الإنسانية

من جهته، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، من أنه بدون تغيير جوهري، فإن سكان غزة سيتكبّدون وابلاً غير مسبوق من المآسي الإنسانية.

بدوره، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، الجمعة، من القدس: «سيموت العديد من الأشخاص قريباً… جراء تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة»، مضيفاً أن الخدمات الأساسية تنهار والأدوية تنفد والمواد الغذائية والمياه تنفد. بدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي.

ويعيش سكان قطاع غزة في ظروف إنسانية كارثية في ظل الحصار المطبق والقصف الإسرائيلي المتواصل، رداً على الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

ويأتي ذلك فيما أعربت الأمم المتحدة الجمعة، عن قلقها من أن جرائم حرب قد تكون ترتكب في النزاع بين إسرائيل وحركة حماس، من الجانبين.

مشروع قرار غير ملزم بالأمم المتحدة

وتصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة، على مشروع قرار غير ملزم، يدعو إلى هدنة في اليوم الحادي والعشرين من الحرب بين إسرائيل وحماس، وقد سارعت إسرائيل إلى انتقاد النص.

ولا تنفك حدة الحرب تتصاعد، فقبل قصف شمالي غزة مساء الجمعة، نفذ الجيش الإسرائيلي غارة ليلية بقوات برية تدعمها طائرات على أطراف قطاع غزة، واتهم حماس بشن حرب من المستشفيات واستخدام السكان دروعا بشرية. ونفت حماس على الفور هذه الاتهامات الإسرائيلية في بيان لها.

واتهمت إسرائيل حركة حماس بالاستيلاء على وقود مخصص لمستشفيات لتلبية احتياجات بنيتها التحتية العسكرية.

وشدد فيليب لازاريني، على أن غزة بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية متواصلة وتحدث فرقاً، مؤكداً مقتل 57 من موظفي الوكالة في القطاع منذ اندلاع الحرب.

وقُتل في قطاع غزة أكثر من 7326 شخصاً، معظمهم مدنيون، وبينهم نحو 3038 طفلاً، بحسب سلطات الصحة في غزة.

في الجانب الإسرائيلي، قتل 1400 شخص معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من هجوم الحركة، وفق السلطات الإسرائيلية.

– تدمير مواقع لحماس –

وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة، أن قواته البرية نفذت خلال الليل عملية محددة الهدف في وسط قطاع غزة، بدعم من طائرات مقاتلة ومسيّرات على أهداف لحركة حماس.

وأفاد الجيش في بيان، بأن الجنود خرجوا بعد ذلك من القطاع بدون تكبّد إصابات.

وأظهرت صور باللونين الأبيض والأسود نشرها الجيش، توغّل رتل من المركبات المدرّعة ليلاً، وسط تصاعد سحابة كثيفة من الدخان في السماء بعد تنفيذ ضربات.

وأشار البيان إلى أنه تم تدمير منصات لإطلاق الصواريخ ومراكز قيادة لحماس، كما تم قتل عدد من عناصر الحركة.

وقالت حركة حماس من جهتها إن القوات الإسرائيلية حاولت أيضاً القيام بعملية إنزال بحري على شاطئ رفح جنوبي القطاع صباح الجمعة، مشيرة إلى أن كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، أحبطتها.

وأكد الجيش الإسرائيلي العملية قائلاً، إن جنوده شنّوا عملية محددة الهدف من البحر جنوبي قطاع غزة.

وأضاف: «ضرب الجنود منشأة عسكرية لحماس وشنّوا عملية في مجمع تستخدمه وحدات حماس البحرية. وشاركت في هذا النشاط سفن وطائرات تابعة للبحرية الإسرائيلية». ونفّذ الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية عمليات توغل عدة.

وأعلنت إسرائيل أنها تريد «سحق» حركة حماس بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حين تسلّل مئات من عناصر الحركة من قطاع غزة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية وقتلوا مئات الأشخاص. وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن عناصر حماس يحتجزون 229 شخصاً رهائن بينهم أجانب، منذ الهجوم. وتعيش عائلات الرهائن في قلق على مصيرهم.

– «ممرات إنسانية» –

وأطلقت حماس من غزة الجمعة، رشقات من الصواريخ في اتجاه تل أبيب، حيث دوت صفارات الإنذار، وشوهد الناس يركضون في الشوارع. وتسبب صاروخ بجرح ثلاثة أشخاص.

وبينما تتزايد الدعوات إلى هدنات إنسانية، دخل فريق من الصليب الأحمر الجمعة، إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وفق ما أفادت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لوكالة «فرانس برس».

وقالت المتحدثة، إن الفريق يضم جراحين وخبراء ودخلوا مع قافلة من ست شاحنات تابعة للجنة الدولية تحمل مواد طبية وإمدادات لتنقية المياه.

مساحة غزة 362 كيلومتراً

ويخضع القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومتراً مربعاً، لحصار إسرائيلي بري وجوي وبحري منذ 2007. وأعلنت إسرائيل في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر إخضاعه ل«حصار كامل» بعد اندلاع الحرب، فقطعت عنه المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية.

ودخلت شحنات مساعدات محدودة إلى القطاع الذي يقطنه 2,4 مليون شخص خلال الأيام الماضية.

وتدعو الأمم المتحدة إلى السماح بإدخال الوقود بشكل عاجل لتشغيل مولّدات المستشفيات المكتظة بآلاف الجرحى، وكذلك بعشرات آلاف النازحين.

واتهم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجمعة، حركة حماس ب «شن الحرب من المستشفيات»، مضيفاً أنها تستخدم أيضاً الوقود المخزن في هذه المرافق لتنفيذ عملياتها.

موقف الاتحاد الأوروبي

في بروكسل، دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي الخميس، إلى ممرات إنسانية وهدنات» لإدخال مساعدات إلى سكان القطاع.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي عقده بعد قمة أوروبية إلى «هدنة إنسانية… لتنظيم حماية» السكان المدنيين في قطاع غزة.

وأشار إلى أن فرنسا ترغب في إجلاء رعاياها من قطاع غزة في أقرب وقت.

واعتبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الجمعة، أن ثمة شكوكاً مشروعة في احترام إسرائيل للقانون الدولي في عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

وقال سانشيز في بروكسل: «يمكننا جميعاً أن تكون لدينا شكوك مشروعة بعدما شاهدنا الصور والمعاناة، ونزوح أكثر من مليون شخص في غزة منذ ثلاثة أسابيع».

موقف واشنطن

وكان البيت الأبيض دعا الثلاثاء، إلى هدنات إنسانية محدودة، لتسهيل إيصال المساعدات بدل وقف إطلاق نار «لن يفيد في هذه المرحلة سوى حماس».

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نقلاً عن وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة أن 45 في المئة من مساكن القطاع تضرّرت أو دمرت، كما دُمّرت أحياء بأكملها بالقصف.

خطط إخلاء القطاع

وحذّر الجيش الإسرائيلي منذ 15 تشرين الأول/أكتوبر سكان مدينة غزة بإخلاء منازلهم والتوجه جنوباً. وفرّ ما لا يقل عن 1,4 مليون فلسطيني من منازلهم منذ بدء الحرب، بحسب الأمم المتحدة، هرباً من القصف أو بسبب الإنذار الإسرائيلي.

غير أن القصف يطال أيضاً جنوبي القطاع حيث يحتشد مئات آلاف المدنيين.

وبحسب الأمم المتحدة، فقد عاد نحو ثلاثين ألف نازح إلى شمالي القطاع في الأيام الأخيرة.

وقال عبدالله أياد الذي قرر العودة إلى مدينة غزة مع زوجته وبناتهما الخمس بعدما لجأوا إلى مستشفى في دير البلح: «نعود لنموت في بيوتنا، هذا أشرف لنا».


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version