خاص

أنماط الاستهلاك والإنفاق وتأثيرها على الاقتصاد

تعتمد الاختلافات في الاستهلاك بين الأجيال على تطور التكنولوجيا والقيم الثقافية، فعلى سبيل المثال، الأجيال الأحدث قد تميل إلى التفضيلات التكنولوجية والتجارب الرقمية، بينما قد تركز الأجيال الأكبر سناً على القيم التقليدية والتجارب الشخصية.

ولاختلافات الاستهلاك بين الأجيال تأثيراً اقتصادياً واسعاً، لجهة صعود وهبوط قطاعات مختلفة مرتبطة بنمو أو تخافت بعض العادات الاستهلاكية.

يمكن تفصيل الاختلافات في الاستهلاك بين الأجيال، في عدد من النقاط الأساسية، من بينها “تكنولوجيا ووسائل الاتصال”، بالنظر إلى أن الأجيال الشابة تميل إلى الاعتماد على التكنولوجيا بشكل أكبر في حياتها اليومية، مع تفضيل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة. بينما الأجيال الأكبر قد تكون أقل اعتماداً على التكنولوجيا وتحب التواصل الشخصي والوسائل التقليدية.

كذلك فيما يخص “أسلوب الحياة والقيم”، تتغير قيم وأسلوب الحياة مع كل جيل. قد يكون للأجيال الأحدث تفضيلات مختلفة في مجالات مثل العمل والترفيه والتعليم. بينما الأجيال الأكبر قد تحتفظ بتقاليدها وتعتبر بعض القيم التقليدية أكثر أهمية.

من عوامل الاختلاف أيضاً ما يرتبط بمعايير “الاستدامة والوعي البيئي”، لجهة أن الأجيال الشابة قد تظهر اهتماماً أكبر بالقضايا البيئية والاستدامة، وقد تفضل المنتجات والخدمات التي تتبنى مبادئ الحفاظ على البيئة، فيما الأجيال الأكبر قد تكون أقل حساسية لهذه القضايا أحياناً.

كذلك ومن الناحية الاقتصادية، فإن ثمة احتلافات جوهرية فيما يخص “التفاعل مع الإعلانات والتسويق”، ذلك أن الأجيال الشابة قد تكون أكثر تقبلاً للإعلانات الرقمية والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بينما الأجيال الأكبر قد تثق أكثر في الإعلانات التقليدية والتجارب التي تستند إلى الكفاءة والجودة.

“الاستهلاك” بين الأجيال

وفي ضوء ذلك، قال الخبير الاقتصادي المغربي، محمد جدري، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هناك فرقاً كبيراً بين العادات الاستهلاكية بين الأجيال وبعضها ويكون لها تأثير بشكل مباشر بطريقة استهلاك مجموعة من السلع والخدمات في قطاعات اقتصادية مختلفة.

وعلى سبيل المثال عندما نتكلم عن جيل الستينات أو جيل السبعينات فهذه الأجيال لم تعش التطور التكنولوجي في شبابها بدرجة أساسية بالتالي يذهب استهلاكيها بشكل كبير نحو استهلاك الخدمات والسلع المستدامة.. ويضيف:

  • هذه الأجيال التي تستهلك السلع والخدمات المستدامة تسهم في توفير هامش من الادخار، وبالتالي تساعد في تنمية الاقتصادات الوطنية في توافر السيولة مالية من أجل الاستثمار.
  • ما يحدث في الأجيال الجديدة مثل جيل التسعينات والألفينات، العكس تماماً، لأن هذا الجيل عاش التطور التكنولوجي، وبالتالي يتوجه في الأساس نحو استهلاك مجموعة من السلع والخدمات غير الأساسية.
  • تتمثل مجموعة السلع والخدمات غير الأساسية في السفر والملابس الأجهزة التكنولوجية على سبيل المثال، والتي يمكن أن تكون لأجيال أخرى مجرد كماليات.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الأجيال لا تتوافر لديهم فكرة توفير هامش كبير من الادخار وهذا الأمر يعوق الاقتصاديات في توفير السيولة المالية، على حد قوله.

التأثيرات الاقتصادية

ويختلف نمط الاستهلاك بين الأجيال يؤثر بشكل كبير على الاقتصادات في عدة طرق، على النحو التالي:

  • طلب المستهلك: اختلافات في تفضيلات الاستهلاك تؤثر على الطلب على المنتجات والخدمات. فمثلاً، إذا كانت الشباب يميلون إلى شراء تقنيات حديثة، فإن هذا يحفز صناعات التكنولوجيا والابتكار.
  • صناعات محددة: ارتفاع الطلب على مجالات معينة يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، ازدياد الاهتمام بالاستدامة يمكن أن يعزز صناعات الطاقة المتجددة والمنتجات البيئية.
  • سوق العمل: تغييرات في احتياجات سوق العمل تأتي نتيجةً لتفضيلات الاستهلاك. فمثلاً، يمكن أن يتطلب تطور التكنولوجيا توجيه المزيد من الكفاءات نحو صناعات محددة.
  • الابتكار والاستثمار: اهتمام الأجيال بالابتكار والتقنية يشجع على الاستثمار في البحث والتطوير، مما يعزز التقدم الاقتصادي.
  • السياسات الحكومية: يؤثر نمط الاستهلاك في صياغة السياسات الحكومية، حيث يمكن للحكومات تحفيز أو تعزيز مجالات معينة استناداً إلى احتياجات وتفضيلات الأجيال.

اختلاف الأولويات الاستهلاكية

وفي ذات السياق، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، العضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن النمط الاستهلاكي لدى الأجيال الأقدم أو الأكبر سناً يميل نحو أساسيات الحياة وربما يميل أكثر نحو منتجات وخدمات الرعاية الصحية لدى الأكثر تقدماً في العمر.

وأوضح أن الأجيال الجديدة يميل نمطها في الإنفاق نحو الاستهلاك ويظهر في بشكل واضح في المنتجات الترفيهية والسياحة والسيارات إلى حد ما بجانب الأساسيات، بينما الأجيال الأحدث والأصغر عمراً فقد يركز إنفاقها على المنتجات التكنولوجية بدرجة أكبر بكتير من الأجيال السابقة، مشيراً إلى أن “هذا الوضع أمر طبيعي؛ لأن نمط الإنفاق يتأثر في الدرجة الأولى بالاحتياجات الإنسانية وأيضاً بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والابتكار في البيئة المحيطة”.

وحول تأثير نمط الإنفاق على الاقتصاد، أكد خبير تكنولوجيا المعلومات والعضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، أن:

  • الطلب هو المحرك الأساسي للعملية الإنتاجية.
  • بالتالي فإن سلوك المستهلكين هو قاطرة النمو الاقتصادي وهو الذي يحدد القطاعات الأكثر نمواً.
  • على سبيل المثال، شركة آبل هي المنتج الوحيد لآيفون هي الشركة الأكبر حول العالم، في حين أنه في القرن الماضي كانت الشركات الأكبر والأكثر رواجاً هي شركات السيارات وشركات النفط، وهي شركات ذات طبيعة مختلفة تماماً عن شركة آبل والمنتج مختلفاً تماماً اليوم.
  • كما هو واضح أن تغير سلوك المستهلكين وتغير نمط الإنفاق من الممكن أن يتيح فرصاً لم تكن موجودة ويخلق كيانات وشركات ومؤسسات تسهم في تغيير السلوك ويسمح لها أن تكون عملاقة.

ليس ذلك فحسب، بل ويمكن أن تتصدر المشهد بشكل كبير، ليست فقط على مستوى الشركات وإنما حتى على مستوي اقتصادات الدول في حاله إدراكها لهذه المتغيرات فمن الممكن أن تبنى استراتيجيات اقتصادية ديناميكية لديها من المرونة ما يجعلها قادرة على الاستفادة على من متغيرات الطلب بما يعزز تأثيره على نموها الاقتصادي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version