«الخليج»- وكالات

لا تتوقف تصريحات الوزراء الإسرائيليون حول الحرب الدائرة في غزة، عن جلب السخط العالمي وتساؤلات كانت تحتفظ إسرائيل بإجابتها لنفسها فقط، انطلاقاً من تصريحات وزير التراث عميحاي إلياهو حول إمكانية استخدام الأسلحة النووية لضرب قطاع غزة، مروراً بتصريحات وزير الزراعة آفي ديختر الذي وصف ما يحدث في غزة حالياً هو «تكرار لنكبة 48»، وصولاً لوزير المالية، بتسلئيل سموتريتش الذي يري أن تهجير الفلسطينيين لدول العالم هو الحل المثالي للقضية.

وأثارت تلك التصريحات غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى توبيخ وزرائه مطالباً إياهم بعدم التفوه بأي تصريحات قد تسبب ضرراً لإسرائيل.

  • التهجير إلى بلدان العالم

وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الثلاثاء: إن «الهجرة الطوعية واستيعاب عرب غزة في دول العالم، هو حل إنساني ينهي معاناة اليهود والعرب على حد سواء».

وكتب سموتريتش في تدوينة بموقع فيسبوك: «أرحب بمبادرة عضوي الكنيست رام بن باراك وداني دانون للهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم»، معتبراً أن «هذا هو الحل الإنساني الصحيح لسكان غزة والمنطقة بأكملها، بعد 75 عاماً من اللجوء والفقر والمخاطر».

وأضاف الوزير الإسرائيلي: «معظم سكان غزة هم الجيل الرابع والخامس من لاجئي عام 48، الذين بدلاً من إعادة تأهيلهم منذ فترة طويلة على أساس شخصي وإنساني مثل مئات الملايين من اللاجئين في جميع أنحاء العالم، تم احتجازهم رهائن بغزة في ظل الفقر».

وقال: «إن قبول اللاجئين من قبل دول العالم بدعم ومساعدة مالية سخية من المجتمع الدولي، بما في ذلك دولة إسرائيل، هو الحل الوحيد الذي سيضع حداً لمعاناة وألم اليهود والعرب على حد سواء».

ومن جانبه قال وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر إن نزوح سكان شمالي قطاع غزة جنوباً بطلب من جيش الاحتلال «تكرار للنكبة الفلسطينية».

وكان آفي ديختر- وهو عضو الطاقم الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر- قد علق على مشاهد نزوح آلاف الفلسطينيين في غزة إن ما يحدث هو «نكبة غزة 2023»، على حد تعبيره، وذلك في مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية.

وأضاف الوزير الإسرائيلي، أنه لا يعرف كيف سينتهي الأمر في نهاية المطاف، أو ما إذا كان سيسمح لمن أجبروا على النزوح من سكان شمالي قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم.

وفي رده على سؤال إذا كان طلب قوات الاحتلال لأهالي غزة بالنزوح جنوباً أحد الأهداف النفسية للعملية، قال ديختر: إن «هذا حدث عملياتي، ويجب أن ندرك أن عدداً كبيرا من جنودنا هناك، وهذه منطقة مكتظة جداً بالسكان، وفي مكان مزدحم كهذا عليك أن تقلص عدد السكان المدنيين».

وتابع الوزير الإسرائيلي: «نحن الآن عملياً نكرر النكبة إذا شئت، هذه نكبة غزة، ولا مجال لخوض حرب كما يريد الجيش إدارتها إذا ما كانت الجماهير موجودة بين الدبابات والجنود. هذه نكبة غزة 2023».

وبشأن المشهد الذي سيؤول إليه الأمر في نهاية المطاف، أشار آفي ديختر إلى أنه لا يعرف كيف ستكون النهاية.

وأوضح آفي ديختر: «تذكر أن غزة المدينة تمتد على ثلث مساحة القطاع، ويسكنها نصف سكان القطاع وهناك مخيمات الوسط وخان يونس ورفح وهناك 6 مخيمات للاجئين، أما في النصف الجنوبي فيوجد مخيمان فقط».

  • كشف الغموض النووي الإسرائيلي

كما أثارت تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، موجة من الانتقادات المحلية وعاصفة من التنديد الدولي، عندما قال إن أحد الحلول المطروحة للتعامل مع قطاع غزة الفقير والمحاصر ضربه بقنبلة نووية مع دخول الحرب عليه شهرها الثاني.

لكن الوزير الإسرائيلي نسي أن حديثه هذا ينسف سياسة إسرائيلية عمرها عقود تسمى «الغموض النووي»، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن تل أبيب تملك سلاحاً نووياً.

وكان إلياهو قد قال في مقابلة إذاعية، الأحد، إن خيار قصف قطاع غزة بالسلاح النووي «أحد السبل» للتعامل معه، ولم يأبه الوزير بمصير الأسرى الإسرائيليين في غزة، في حال استخدام هذا السلاح، قائلاً إن هناك «ثمناً لكل حرب»، وهو ما أثار بدوره سخط المجتمع المحلي الإسرائيلي، لاسيما أسر الأسرى من الجنود والمستوطنين الذين اقتادهم حركة حماس إلى قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

ووصفت عضوة الكنيست عن حزب «أمل جديد»، يفعات بيتون، إلياهو بـ«الغبي الذي دمر جهود الدعاية الإسرائيلية»، ودانت دول عربية تصريح الوزير الإسرائيلي ورفضته الولايات المتحدة على لسان مسؤول في وزارة الخارجية.

ورسمياً، لا تقول إسرائيل إنها تملك سلاحاً نووياً ولا تنفي ذلك، فهي تلتزم الصمت، وسياسة الغموض النووي متعارف عليها في إسرائيل منذ ستينات القرن الماضي، وتحديداً بعد إكمال تشييد المفاعل النووي في ديمونة عام 1963.

وعلى الرغم من تعاقب الحكومات من شتى ألوان الطيف السياسي ظلت السياسة ثابتة، وثمة إجماع على المستويين السياسي والعسكري على أهمية الاستمرار بهذه السياسة، في ظل احتكار إسرائيل لهذا السلاح في الشرق الأوسط.

وترى إسرائيل بحسب محللون أن الإعلان عن امتلاك سلاح نووي قد يضر بالعلاقة مع الحليف الأهم (الولايات المتحدة)، التي تتبع سياسة منع الانتشار النووي.

ويلحق الأمر أيضاً ضرراً بالغاً بالحد من جهود منع انتشار هذه الأسلحة في الشرق الأوسط، و يمكّن الغموض النووي إسرائيل من معارضة انتشار هذه الأسلحة وتقويض سعي دول أخرى في المنطقة للوصول إلى هذا السلاح.

ولعقود طويلة ظل البرنامج النووي الإسرائيلي محاطاً بجدار فولاذي من السرية والغموض.

  • نتنياهو غاضب: أنتم تضرون إسرائيل

ويبدو أن تصريحات ديختر قد أثارت غضب نتنياهو، الذي سارع بمطالبة وزراء حكومته بعدم التفوه بأي تصريحات قد تسبب ضرراً لإسرائيل، وقال في تصريحات تلفزيونية»: «عليكم ألا تتفوهوا بأي شيء إن كنتم لا تعرفون تأثير ذلك، لكل كلمة وزنها على صعيد الموقف الإعلامي لإسرائيل في العالم».

وكان نتنياهو قد علق على هذه التصريحات التي أثارت غضباً واسعاً حتى من حلفاء إسرائيل قد اعتبرها بأنها «منفصلة عن الواقع» وقرر تعليق مشاركة إلياهو في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية حتى إشعار آخر.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version