«الخليج» – وكالات

كان من المفترض أن تشعر إسرائيل بهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الذي شنته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة منذ الوهلة الأولى لإنطلاقه، إلا أن شيئاً ما حدث؛ إذ لم تعمل كل الأجهزة المتقدمة التي طورتها إسرائيل لأغراض دفاعية وللإنذار المبكر.

وبنت إسرائيل حول قطاع غزة المُحاصَر سياجاً حديدياً بطول 50 كيلومتراً، وقامت بتزويده بأجهزة استشعار وبالونات تجسس، تعتمد عليها في رصد القطاع والمتسللين منه، ورادارات وكاميرات، لكشف جميع التهديدات من غزة، وشيَّدت حِصناً أسمنتياً بطول الحدود مع غزة بعُمق تسعة أمتار تحت الأرض، لمنع تسلُّل المقاتلين عبر الأنفاق إلى المستوطنات الإسرائيلية.

  • بالونات لا تعمل

إلا أن «بالونات التجسس» التي كان من الممكن أن تحذر من هجوم حماس المباغت في 7 أكتوبر كانت معطلة، لأنه لم يتم تحديثها أو صيانتها بشكل صحيح.

وقالت مصادر أمنية وصناعية إسرائيلية لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية: إن بالونات «نجوم السماء» البيضاء المملوءة بالهيليوم، البالغ عددها 7، والتي كانت ذات يوم جزءاً أساسياً من العملية الأمنية الإسرائيلية على غزة، مجهزة بحمولة من الكاميرات وأجهزة الاستشعار وبرامج التجسس، لكن  ثلاثة من هذه المناطيد المحملة بالتكنولوجيا والموجودة على حدود غزة غير صالحة للعمل، ما ترك ثغرة خطرة في دفاعات المخابرات الإسرائيلية.

واتهمت المصادر الأمنية والصناعية أجهزة المخابرات المسؤولة عن تشغيلها وصيانتها «بإهمال البالونات»

وتصنّف المناطيد على أنها من بين المعدات الأكثر تطوراً في منظومة الرصد والتجسس لدى الاستخبارات الإسرائيلية، وهي مزودة بنظام مراقبة متكامل، يحتوي على كاميرات عالية الدقة، تلتقط صوراً على مدار الساعة.

وفي عام 2016 كانت حماس قد أعلنت أنها استولت على واحد من تلك المناطيد، وقالت وقتها إنه يمكنه التحليق 3 أيام متواصلة، وهو من النوع الذي تنتشر أعداد منه في أجواء قطاع غزة من الناحيتين الشرقية والشمالية.

ووفقاً لتصريحات الفصائل الفلسطينية، فإن هذه النوعية من المناطيد الإسرائيلية، تغطي مساحة قطاع غزة بالكامل (360 كيلومتراً مربعاً)، بالمراقبة والرصد لمدى يراوح بين 40 و60 كيلومتراً، وبزاوية تصوير 360 درجة، وبث ما ترصده من صور ومعلومات إلى غرف التحكم التابعة لأجهزة استخبارات الإسرائيلي.

وحسب بيانات تداولتها مواقع إسرائيلية متخصصة، فإن المنطاد يحتوي على تقنيات من صناعة إسرائيلية، ويتميز بتأقلمه بشكل دقيق مع تقلبات الطقس والأحوال الجوية، وتقدر الخسائر المالية لسقوطه بنحو مليوني شيكل (نحو 600 ألف دولار).

وتقول المصادر الأمنية والصناعية الإسرائيلية، إن المناطيد كانت منذ فترة طويلة جزءاً أساسياً من نظام الإنذار المبكر الإسرائيلي، ولو كانت تعمل، لكانت النتيجة مختلفة. وتؤكد أن الانهيار المفاجئ في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، كان بسبب نقص الاستثمار من قبل الحكومة، وبينما كانت المناطيد المعطلة، مستمرة في التحليق فوق الحدود مع غزة، كانت المعدات التكنولوجية الموجودة على متنها قد توقفت عن العمل.

  • الحدود غير مؤمنة بشكل كافٍ

وعلمت صحيفة «ديلي ميل» أن لواءين فقط من أصل 32 لواء من الجيش الإسرائيلي، كانا قريبين من حدود غزة وقت الهجوم، مع اقتراحات بأن حراسة مستوطني الضفة الغربية كانت لها الأولوية في الأشهر الأخيرة،  وخاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأكدت مصادر أمنية أيضاً أن حماس تمكنت من تعطيل أبراج المراقبة باستخدام طائرات بدون طيار رخيصة الثمن لإسقاط المتفجرات عليها؛ وهو تكتيك يرى محللون أن حماس استلهمته من الحرب في أوكرانيا.

  • جدار يكشف «دبيب النمل»

لكن كيف اخترق مقاتلو حماس الجدار الإسرائيلي الذكي على الرغم من مواصفاته الأمنية المتطورة، خصوصاً أنه صمم لكشف أي اخترق أو عمليات محتملة لحفر أنفاق جديدة، لاحتوائه على أجهزة استشعار تكشف حتى دبيب النمل.

على عكس ما كان متوقعاً لدى منظومة الأمن الإسرائيلي، وهو أن مقاتلي الحركة لن يميلوا في أي حرب إلى المواجهات المباشرة ولكن إلى الأنفاق التي من المفترض أنهم عالجوها بالجدار العازل الذي يصل إلى أماكن أعمق من قدرة الحفر، إلا أنهم عبروا من البر والجو ليصلوا إلى عمق المستوطنات الإسرائيلية.

واخترق مقاتلو حماس الذين وصلوا على متن مركبات وقوارب وطائرات شراعية آلية بالجرافات السياج الحدودي الذي أقامته إسرائيل حول القطاع، وهاجموا المواقع العسكرية والمدنيين في طريقهم.

كما فتحوا كوات في بعض أجزائه بعد تعطيل عدد من شبكات الاستشعار، والتشويش على الاتصالات بين مراكز القوات الإسرائيلية القريبة منه والقيادة.

وقالت مصادر مطلعة بعيد الحرب بيومين إن وحدة كوماندوز عمدت إلى مهاجمة مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة وشوشت على اتصالاته، ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم ما تسبب في ارتباك في غرف القيادة الإسرائيلية؛ حيث يرى محللون عسكريون أن القيادة عزلت عن وقائع المعركة في وهلتها الأولى.

كذلك استخدم المقاتلون المتفجرات؛ لاختراقه ثم عبروا مسرعين على دراجات نارية، ووسعت الجرافات الفجوات ودخل المزيد من المقاتلين بسيارات رباعية الدفع.

فيما حلقت فوق الجدار الإلكتروني الذكي الطائرات الشراعية.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version