في مقاطعة كنت جنوب إنجلترا يبدو العلماء في أقصى درجات التأهب تحسبا لوصول سلالات من البعوض إلى البلاد حيث يساعدها الطقس الدافئ على التكاثر والنمو لتتوطّن تدريجيا في المملكة المتحدة. واليوم يخشى العلماء من نوع جديد من البعوض لم يتوطن بعد لكنه بدأ في الوصول. وفي هذا الشأن، يقول مدير قسم علوم الحشرات الطبية، جوليون ميدلوك خلال حديثه لسكاي نيوز عربية: “رصدنا ظهور هذه البعوضة 6 مرات كلها في جنوب شرق إنجلترا ومع تغير المناخ واستمرار الطقس الدافئ لفترات أطول تصبح الظروف مهيأة أكثر لها لكي تتكاثر في كل مرة تأتي فيها للبلاد”. وقد تفشت بعوضة النمر في أوروبا منذ رصدها لأول مرة في إيطاليا عام 1990 وهي اليوم تتكاثر في 13 دولة وبحسب العلماء، فإنه من المتوقع أن تصبح مستوطنة في المملكة المتحدة خلال 50 عاما إذا استمرت معدلات توافدها على البلاد بالشكل الحالي. ويقول أستاذ الأمراض الاستوائية بجامعة لندن.. أوليفر برادي: “هذه البعوضة تنقل أمراضا خطيرة رغم أنها نادرا ما تؤدي إلى الوفاة ولكنها تستدعي علاجا طويلا في المستشفى وإذا كانت هذه البعوضة تنقلها لمساحات شاسعة من العالم فإن التاريخ يخبرنا أن الأمراض البسيطة يمكن أن تتحول إلى أوبئة”. ويراقب العلماء مجاري الأنهار مراقبة كثيفة للقضاء على أي سلالات تظهر من هذه البعوضة للقضاء عليها بالسرعة المطلوبة لكن السرعة التي تتفشى بها في أوروبا تشير إلى أن هذا لن يكون كافيا. تأثيرات التغير المناخي التي تشهدها بريطانيا، لم تعد مقصورة على انخفاض مناسيب الأنهار بسبب قلة المطر وارتفاع درجات الحرارة لمعدلات غير مسبوقة، بل أصبحت اليوم تهدد بظهور أمراض ومشاكل صحية لم يعرفها البريطانيون من قبل.  تحذير أوروبي المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التابع لهيئة الصحة بالاتحاد الأوروبي، حذر من أن “تغير الظروف المناخية يزيد من مخاطر الأمراض التي تنقلها مثل هذه الأنواع من البعوض، التي تنتشر حاليا بشكل متزايد في أوروبا”. هذه الأنواع هي” نواقل معروفة لفيروسات الشيكونغونيا وزيكا وحمى الضنك وغرب النيل والصفراء وغيرها، الآخذة بالانتشار في شمال وغرب القارة”، كما أعلن المركز الذي يتخذ من العاصمة السويدية ستوكهولم، مقرا له. القادم أعظم هكذا، بفعل الاحتباس الحراري سيغدو مناخ أوروبا أكثر حرارة، وستتزايد وتيرة قوة الفيضانات، والصيف سيصبح أطول وأكثر حرارة، وفق المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها. هذا الأمر يخلق ظروفا أكثر ملاءمة لحياة أنواع البعوض الغازية، مثل بعوضة النمر الآسيوي، وهي تسمى بذلك لكونها مخططة بالأسود والأبيض. كانت هذه البعوضة قبل 10 أعوام تتواجد في 8 بلدان أوروبية، فيما تنتشر الآن في 13 بلدا. رغم أن انتشارها الأصلي هو في قارة آسيا وبلدان جنوب شرقها خاصة، فإنها خلال السنوات الأخيرة مع استفحال ظاهرة تغير المناخ، أصبحت تظهر في مناطق جديدة من العالم. يحذر خبراء من أن خطر التغير المناخي أصبح وجوديا، يطال مختلف أشكال الحياة على كوكبنا ويهدد بإعطاب النظم البيئية، وأن المطلوب هو تحرك دولي عاجل لدرء هذا الخطر وكبح تماديه أكثر. مخاطر بالجملة وفي هذا الصدد، يقول الخبير البيئي أيمن قدوري، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “تداعيات تغير المناخ التي تتسبب في خلخلة قواعد النظام البيئي الطبيعي، وتهدد بتدميره حتى، لا تقتصر فقط على ملامحها الرئيسية المتعارف عليها، كالتصحر والجفاف ونقص المياه وشح الأمطار في مناطق وكثافتها في أخرى وذوبان الجليد” . “هي تقود لمختلف أشكال التطرف في الظواهر الطبيعية والأحيائية، كظهور أنواع وحشرات في قارات وبيئات لم تكن تتواجد فيها بالمرة، وذلك نتيجة التغيرات الدراماتيكية في النظم الإيكولوجية”. “هذا هو الحال مع انتشار بعوضة النمر هذه مثلا في العديد من الدول الأوروبية، والتي تتميز بضراوتها وتختلف لدغاتها عن غيرها من أنواع شبيهة، بكونها تنقل أمراضا خطيرة ومميتة، مما يفسر القلق الأوروبي المتصاعد منها”. كوب 28 وأشار قدوري إلى أهمية الاجتماعات الدولية التي تحدث في هذا الصدد، مثل “COP28”. وأضاف: “لهذا ومع اتساع نطاق التداعيات المخلة بتوازن البيئة والطبيعة، بفعل التقاعس الدولي عن مكافحة ظاهرة التغير المناخي المتفاقمة، فإن العالم مطالب بالبحث عن حلول عاجلة لكبح التلوث المناخي والبيئي، وهو ما يجب أن تشكل قمة cop28 المقبلة التي ستعقد في دولة الإمارات، الفرصة لاعتمادها والالتزام بها.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version