الخليج – تقارير
يدرك الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ81 اليوم بتقليد سنوي يقام في البيت الأبيض بالعفو عن اثنين من الديوك الرومية بمناسبة عيد الشكر، أن عمره يشكل العائق الأساسي أمامه قبل عام من الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أنه كثيراً ما يمزح بشأن هذا الموضوع، ويؤكد أن سنه تمنحه الحكمة اللازمة، فهل يكتفي بايدن بالعفو عن «الديك الرومي» أم يعمل أيضاً على إطلاق سراح الانتخابات الرئاسية التي يعتزم خوضها في 2024؟
نظراً لأن «عيد الشكر» هو يوم عطلة رسمية، فإن جميع مكاتب حكومة الولايات المتحدة مغلقة، ويتم دفع رواتب جميع الموظفين عن ذلك اليوم. وهو أيضاً عطلة لبورصة نيويورك ومعظم الأسواق المالية وشركات الخدمات المالية الأخرى.
وتبدأ الولايات المتحدة موسم العطلات بالتزامن مع احتفالات «عيد الشكر» المقرر الخميس الرابع من نوفمبر.
وبات احتفال بايدن بعيد ميلاده في هذه السن خبراً غير سار لدائرة كبار المسؤولين والمستشارين بالبيت الأبيض؛ إذ أصبح أكبر الرؤساء سناً على مدار التاريخ الأمريكي، وتظهر عليه كثيراً علامات غياب اللياقة الذهنية والقدرة الجسمية.
وقال ستيف ليكن رئيس اتحاد الديوك الرومية في مقابلة مع «اسوشيتد برس»: «نعتقد أن هذه طريقة رائعة لبدء موسم العطلات، وهي حقاً شرف ممتع.. الرئيس سيعطي عفواً رئاسياً عن الديكيين ليبرتي وبيل».
يعود تاريخ هذا التقليد إلى عام 1947 عندما قدم الاتحاد الوطني للديك الرومي، الذي يمثل مزارعي ومنتجي الديوك الرومية، لأول مرة «عيد الشكر» الوطني إلى الرئيس هاري ترومان.
وفي أواخر الثمانينات، تطور التقليد إلى احتفال فكاهي في كثير من الأحيان يتم فيه العفو عن الطيور، ومنحها فرصة ثانية للحياة بعد أن يتم تجنيبها أن ينتهي بها الأمر على مائدة «عيد الشكر» العائلية.
وبعد أن يعفو بايدن عن الزوج الثالث من الديوك الرومية، الاثنين، ستتم إعادة ليبرتي وبيل إلى ولايتهما الأصلية، لتلقي الرعاية من كلية علوم الغذاء والزراعة والموارد الطبيعية بجامعة مينيسوتا.
وفي خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي قبل فترة قصيرة أمام عمال في شركات صناعة سيارات، سخر بايدن من المخاوف المتعلقة بقدراته البدنية والذهنية.
وعندما سقط أحدهم محدثاً ضجة، بينما كان يلقي كلمته، سأل في البداية «هل كل شيء على ما يرام؟» ثم أضاف: «أريد أن تعرف وسائل الإعلام أنني لست الشخص الذي سقط»، في إشارة إلى تعثره المتكرر في مناسبات عامة، وانتشرت صور هذه الحوادث في جميع أنحاء العالم.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، قال بايدن خلال اجتماع مع مانحين ديمقراطيين «يبدو أن الكثير من الناس يركزون على عمري. أنا أفهم، صدقوني»، وذكر مرات عدة أن عمره 800 عام ممازحاً.
وأثناء لقائه بالرئيس التشيلي غابرييل بوريتش (37 عاماً)، قال بايدن مازحاً «مشكلتي الوحيدة معك هي أنك صغير جداً». لكنه يؤكد بانتظام أيضاً أن عمره ضمانة «للحكمة» في مواجهة مطبات الحياة السياسية الأمريكية والاضطرابات في العالم.
مراهنة ليست مغرية
وجو بايدن هو أكبر الرؤساء سناً في تاريخ الولايات المتحدة، وفي حال فوزه بولاية ثانية كما يطمح، سيكون في سن السادسة والثمانين عندما يغادر البيت الأبيض، ويتمتع بايدن بصحة جيدة، بحسب آخر فحص طبي أجراه في شباط/ فبراير، لكن التصويت لمصلحته يعني المراهنة على عدم تراجع صحته وهو في هذه السنة المتقدمة.
لكن استطلاعات الرأي تُظهر أن هذا المراهنة لا تغري الأمريكيين؛ إذ كشفت نتائج استطلاع حديث أجراه معهد سيينا في ست ولايات أمريكية رئيسية، ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز، أن 71% من الناخبين يجدون أن سن بايدن المتقدمة تشكل عائقاً أمام ولاية ثانية.
وينطبق هذا الأمر على الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يبلغ 77 عاماً بنسبة 39% فقط، على الرغم من أنه ليس أصغر بكثير. لكن المخاوف من القدرات الذهنية للمرشح الجمهوري، الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية لحزبه، تزايدت في الآونة الأخيرة.
وبالنظر إلى نتائج هذا الاستطلاع، حث المستشار السياسي ديفيد أكسلرود، كبير مهندسي حملتي باراك أوباما الرئاسيتين، بايدن على أن يسأل نفسه «ما إذا كان يترشح لمصلحته، أو لمصلحة البلاد».
رأى الباحث المختص في قضايا الشيخوخة في جامعة إلينوي جاي أولشانسكي أن هذا التركيز على العمر غير عادل. وقال لوكالة فرانس برس إن «التقدم في السنّ لم يعد كما كان من قبل».
مهام منهكة
وتابع الباحث «الكثير من الناس يعيشون حتى العقد الثامن من عمرهم وهم قادرون تماماً على أن يكونوا رؤساء أو يفعلوا ما يريدون».
وكان بايدن، قبل انتخابات 2020، قد قلل من السفر، على خلفية جائحة كوفيد-19. لكنه الآن سيضطر إلى التجول في أرجاء البلاد للقيام بمهامه الرئاسية المنهكة.
ومع أن تقريره الطبي أكد أنه «قوي»، لكن ما من شك أن مشيته أصبحت متثاقلة، وكثيراً ما يكون صوته خافتاً وبالكاد يكون مسموعاً.
وبات يستخدم السلّم الأقصر في الطائرة الرئاسية؛ لتجنب التعثر مجدداً.
كذلك، يكثر الحديث عن زلاته، مثل إجاباته المرتبكة حول أفلام جون واين أو عندما خاطب نائبة توفيت لتوها كما لو كانت لا تزال على قيد الحياة.
كبار السن الأقوياء
لأسباب وراثية، يرى جاي أولشانسكي أن كلاً من بايدن وترامب «من كبار السنّ الأقوياء»، وهو مصطلح يستخدمه الباحثون لوصف الأشخاص الذين يحتفظون بقدراتهم حتى سنّ متقدمة.
ويشير أولشانسكي إلى أنه بالنسبة للرؤساء الأمريكيين «يبدو أن الزمن البيولوجي يمر بشكل أبطأ» مقارنة بمعظم الناس.