أدت الأحداث الأخيرة في عالم العملات المشفرة إلى تحريك موجة جديدة من الضغوط القانونية التي تستهدف الشركات العاملة في هذا القطاع، وذلك على خلفية انهيار بعض الأسماء البارزة ووقوع حالات احتيال في منصات تداول العملات المشفرة.

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن تشينغبينغ زاو، الرئيس التنفيذي لشركة باينانس، عن استقالته في أعقاب تسوية بلغت قيمتها أربعة مليارات دولار مع السلطات الأميركية، وذلك بعد سنوات من التحقيقات المكثفة حول انتهاكات تتعلق بغسل الأموال.

«هذه التسوية تؤكد أنه يجب أن يكون من الواضح تماماً أن لجنة تداول عقود السلع الآجلة ستتبع إجراءات قانون دود-فرانك إلى أقصى حد في كل أنحاء العالم».

وفي لقاء حصري مع «CNN الاقتصادية»، أشارت المفوّضة في لجنة تداول عقود السلع الآجلة الأميركية (CFTC)، كارولين فام، إلى أهمية التسوية القانونية مع باينانس، مشيرةً إلى أنها تجسّد النفوذ القضائي للرقابة على منصات تبادل العملات المشفرة، ليس فقط في الولايات المتحدة بل على مستوى العالم.

وفي هذا الصدد، بلغت العقوبات التي فرضتها لجنة تداول عقود السلع ما يقرب من 2.85 مليار دولار، منها عقوبة فردية قدرها 150 مليون دولار بحق تشينغبينغ زاو.

وقالت فام «أعتقد أن هذه التسوية تؤكد أنه يجب أن يكون من الواضح تماماً أن لجنة تداول عقود السلع الآجلة ستتبع إجراءات قانون دود-فرانك إلى أقصى حد في كل أنحاء العالم، وأنه حتى إذا كنت خارج الولايات المتحدة، فستظل ملزماً بالتسجيل لدى لجنة تداول السلع الآجلة طالما يستخدم أميركيون منصة التداول الخاصة بك».

لجنة تداول عقود السلع الآجلة والمحاسبة

وقالت فام إن الأمر لم يقتصر على الغرامات التي تزيد قيمتها على أربعة مليارات دولار خلال السنة المالية 2023، مشيرةً إلى أن ما يقرب من نصف الإجراءات التي اتخذتها اللجنة كانت في قطاع العملات المشفرة بسبب الاحتيال أو انتهاكات أخرى، وهي تعتقد أن السلطات الأميركية ستواصل الملاحقات القضائية الصارمة لأي انتهاكات محتملة لقوانين البلاد وقواعدها التنظيمية.

«حتى لو كنت تستخدم تكنولوجيا جديدة، فهذا لا يعني أنها تسمح لك بالتحايل على القواعد».

وقالت إنه عندما يتعلق الأمر بالأنشطة المالية، فإن عدم الامتثال للقوانين ليس مبرراً، مشددةً على ضرورة تجاوب قطاع العملات المشفرة مع المنظمين لتحديد وتوضيح اللوائح بشكل أكبر، ووضع الحدود الخاصة بها، مضيفة أن حداثة الجيل التالي من الإنترنت (الويب 3) ليست ذريعةً للتلاعب بالقوانين، مشددةً على أن استخدام التكنولوجيا الجديدة لا يعفي من الامتثال للقانون.

وتابعت قائلة «من بين الأشياء التي أعتقد أنه من المهم ملاحظتها هو أن الناس يقولون أحياناً إن الإنترنت غير منظم، وغير مشفر، لكنني أود أن أشير إلى أن الأنشطة على الإنترنت تخضع للتنظيم، لذا حتى لو كنت تستخدم تكنولوجيا جديدة، فهذا لا يعني أنها تسمح لك بالتحايل على القواعد، لذلك أعتقد أن هذا سيكون درساً جيداً لنتعلمه».

العملات المشفرة وتمويل الإرهاب

فيما يتعلق بالقضايا الأمنية ومكافحة تمويل الإرهاب، أكدت فام أن هذه الأمور تظل من أولويات اللجنة، متوقعةً أن يظل المنظمون صارمين في فرض العقوبات مستقبلاً، وأضافت أنه فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب و التمويل غير المشروع، «لا يمكن لأي كيان تجاوز قدرتنا على الوصول إليه»، على حد قولها.

وقالت إن هناك اتفاقاً شاملاً بين أعضاء لجنة تداول عقود السلع الآجلة الأميركية حول ضرورة تطبيق قوانين مكافحة غسل الأموال، إلى جانب العقوبات المفروضة، مشددة على سريان القوانين والتنظيمات التي تنطبق على أي أداة مالية على جميع المنتجات سواء كانت خدمات مالية رمزية أو خدمات بسيطة، وداعيةً إلى مزيد من الوضوح للأنشطة غير المالية.

وأضافت «لنأخذ بتكوين -على سبيل المثال- قالت لجنة تداول السلع الآجلة في البداية إن بتكوين كانت سلعة في عام 2015، وعندما تنظر إلى ما تفعله بعض الشركات التجارية بالمشاركة الرقمية وإشراك العملاء، باستخدام الرموز غير القابلة للاستبدال، إضافة إلى رموز الخدمات، أعتقد أن هذا مجال يستحق وضوحاً أكبر في الولايات المتحدة، لكن مرة أخرى هذه أنشطة تجارية، لذا فهي لا تخضع للتنظيم المالي».

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version