يشن الجيش الإسرائيلي قصفاً على قطاع غزة الأحد، رغم الدعوات الدولية إلى ضبط النفس والتهدئة من أجل حماية المدنيين بعد أن بلغت مفاوضات تمديد الهدنة مع حركة حماس «طريقاً مسدوداً».
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب خلال الليل «أكثر من 400 هدف» في قطاع غزة منذ أن استؤنف الجمعة، القتال الذي خلّف ما لا يقل عن 240 قتيلاً وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وكثف الجيش الإسرائيلي المنتشر على الأرض في شمال غزة، غاراته الجوية في جنوب هذا القطاع إلى حيث لجأ مئات آلاف الفلسطينيين جراء النزاع.
وأعلنت حكومة حماس أن غارة إسرائيلية فجر الأحد على مدينة رفح في جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر، أدت إلى مقتل سبعة أشخاص على الأقل.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة (حماس)، وسرايا القدس أنهما أطلقتا «وابلاً من الصواريخ» السبت، استهدفت مدناً إسرائيلية بما فيها تل أبيب.
وأحصى الجيش الإسرائيلي «أكثر من 250 صاروخاً» تم إطلاقها، معلناً مقتل اثنين من جنوده السبت، هما أول جنديين يسقطان منذ استئناف المعارك الجمعة بعد هدنة امتدت سبعة أيام.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت «من خلال توسيع عملياتنا العسكرية نحقق هدفين، أولاً، نحن نضرب حماس، ونقضي على مزيد منهم، ومزيد من القادة، ومزيد من البنية التحتية ، ومزيد من الأنفاق، ونخلق الظروف لإجبار (حماس) على دفع ثمن باهظ» يتمثل بـ«إطلاق سراح الرهائن».
من جهته شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه «لا توجد سبل أخرى للانتصار سوى بمواصلة حملتنا البرية»، قائلاً إن هذا الهدف سيتم تحقيقه عبر «احترام القانون الدولي».
- كثير من الضحايا
وحذرت الولايات المتحدة إسرائيل من ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة، من دون أن تشكك في حق حليفتها في «الدفاع عن نفسها».
وقالت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس : «قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين الأبرياء، صراحة، إن حجم المعاناة وكذلك الصور ومقاطع الفيديو الواردة إلينا من غزة مدمرة». وأضافت «على إسرائيل فعل المزيد لحماية المدنيين الأبرياء».
من جهته قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «أعتقد أننا في لحظة سيتعين فيها على السلطات الإسرائيلية تحديد هدفها بشكل أكثر دقة والوضع النهائي الذي تسعى إليه»، مضيفاً أنه لا يمكن ضمان «أمن» إسرائيل إذا كان ذلك «سيتم على حساب أرواح الفلسطينيين».
أضاف ماكرون «ماذا يعني القضاء على حماس بالكامل؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟، إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر عشر سنوات».
وأوضح «لذا يجب توضيح هذا الهدف» من جانب «السلطات الإسرائيلية»، محذّراً من «حرب لا تنتهي».
وكان المفاوضون الإسرائيليون قد غادروا قطر بعدما تحدثت إسرائيل عن «بلوغ طريق مسدود» في المحادثات، لتمديد هدنة الأيام السبعة التي أتاحت الإفراج عن نحو مئة من الرهائن الموجودين لدى حماس وعن 240 أسيراً فلسطينياً لدى إسرائيل.
وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن انتهاء الهدنة وعدم تمديدها، على عكس الرغبة التي أبدتها أطراف الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة.
وقالت حماس الجمعة، إنها اقترحت «تبادل أسرى» بـ«مسنّين» من المحتجزين وأن تُسلّم جثث محتجزين إسرائيليين «قُتلوا في القصف الإسرائيلي».
لكن نتنياهو اتهم الحركة بـ«انتهاك الاتفاق» من خلال «إطلاق صواريخ» على إسرائيل خلال الهدنة، كما أعلنت حماس مسؤوليتها عن هجوم في القدس أسفر عن مقتل أربعة إسرائيليين.
- «إعادة» الرهائن
ولا تزال قضية المحتجزين تشكّل ضغطاً في إسرائيل، حيث تظاهر المئات في تل أبيب السبت للمطالبة بالإفراج عن 136 شخصاً ما زالوا في قطاع غزة. وحمل كثير منهم ملصقات عليها صور المحتجزين .
وتحدثت محتجزات إسرائيليات أطلقت حماس سراحهن في عمليات تبادل سابقة، بشكل علني للمرة الأولى السبت، حيث دعون الحكومة لتأمين إطلاق سراح المتبقين، ووصفت أربع نساء المشاعر التي انتابتهن في الأسر بعد أخذهن إلي غزة .
وقالت دانييل ألوني البالغة 45 عاماً والتي أطلق سراحها الأسبوع الماضي مع ابنتها البالغة خمسة أعوام «رأت بناتنا أشياء يجب ألا يراها أطفال في هذا السن، أو في أي سن آخر».
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بعد هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص وقضي غالبيتهم في اليوم للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
ومذاك شنّت إسرائيل قصفاً مكثفاً على قطاع غزة، وبدأت بعمليات برية اعتباراً من 27 أكتوبر/تشرين الأول. وأدى القصف إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص معظمهم من المدنيين، وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، بحسب وزارة الصحة في غزة .
- وضع المستشفيات «مرعب»
وأتاحت الهدنة فترة هدوء لسكان غزة وسرّعت وتيرة دخول المساعدات.
وبعدما توقف الجمعة، تدفق المساعدات التي سبق للأمم المتحدة أن قالت إنها غير كافية، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني السبت تسلّمها «100 شاحنة من الهلال الأحمر المصري عبر معبر رفح، محملة بالمساعدات الإنسانية».
وأوضحت عبر منصة إكس أن هذه الشاحنات نقلت «غذاء وماء ومساعدات إغاثية ومستلزمات طبية وأدوية».
باتت الاحتياجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي، حيث تعرض أكثر من نصف المساكن لأضرار أو دُمّر ونزح 1,7 مليون شخص بسبب الحرب وفق الأمم المتحدة.
ويشهد الوضع الصحي تدهوراً، خصوصاً في ظل خروج العديد من مستشفيات القطاع لاسيما في الشمال، عن الخدمة بالكامل.
وصباح الأحد، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن تواصل أعمال العنف والقصف في قطاع غزة أمر «مرعب».
وكتب على إكس «بالأمس، زار فريقنا مستشفى ناصر في الجنوب، كان مكتظاً بألف مريض، ما يفوق طاقته بثلاثة أضعاف، عدد لا متناه من الناس يبحثون عن ملجأ، يملؤون كل ركن من المنشأة».
وأضاف «الناس يتلقون الرعاية على الأرض، يصرخون من الألم، هذه الظروف هي غير ملائمة، لا يمكن تصوّرها (في مجال) تأمين الرعاية»، مجدداً الدعوة إلى وقف النار «الآن».
وأظهر شريط فيديو لوكالة فرانس برس السبت وصول جرحى، بينهم العديد من الأطفال، إلى مستشفى ناصر في خان يونس، بعضهم في سيارات مدنية وآخرون في سيارات إسعاف، وتشكلت طوابير داخل المستشفى، في انتظار تمكن الطواقم الطبية من التعامل مع إصاباتهم.
وتركز القصف بشكل كبير السبت على مدينة خان يونس، حيث أتى على جزء كبير من مدينة حمد السكنية التي تمّ بناؤها بتمويل قطري.
وقال أحد السكان نادر أبو وردة (26 عاماً) لفرانس برس «على الأقل نجونا» بعد خمس غارات جوية في أقل من دقيقتين على المجمع المؤلف من 3000 وحدة سكنية والذي افتتح عام 2016.