المجتمع الدولي يكافح لإدخال المساعدات.. وغزة تصارع من أجل البقاء

مر أكثر من 60 يوماً منذ بدء الحرب في غزة، عانى خلالها آلاف النازحين للحصول على أساسيات الحياة من الغذاء والمياه والدواء في الوقت الذي يكافح فيه المجتمع الدولي لتوصيل المزيد من المساعدات إلى القطاع.

وبحسب آخر تقرير لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، نزح نحو 1.9 مليون شخص (أو أكثر من 85 في المئة من السكان) في مختلف أنحاء قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول، من بينهم 1.2 مليون نازح يقيمون في 151 منشأة تابعة للوكالة.

ويبلغ متوسط عدد النازحين في ملاجئ الأونروا 10.5 ألف نازح، وهو أكثر من أربعة أضعاف الطاقة الاستيعابية للمنشآت التابعة للوكالة.

وقالت جولييت توما، مديرة التواصل والإعلام لدى الأونروا، لـ«CNN الاقتصادية»، «تبلغ الطاقة الاستيعابية لمركز تدريب في خان يونس نحو ألف شخص، الآن يقطن فيه أكثر من 30 ألف شخص»، مشيرة إلى أن الوكالة ليست لديها ما يكفي من الإمدادات لتلبية الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن تعرُّض الملاجئ إلى خطر القصف المستمر من قبل الجيش الإسرائيلي.

ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، بلغت الوفيات نحو 16248 فلسطينياً، منذ بداية الحرب حتى الخامس من ديسمبر كانون الأول، ومثلت وفيات النساء والأطفال نحو 70 في المئة.

المساعدات الإنسانية إلى غزة.. مصر في المقدمة

بدأ دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح في 21 من أكتوبر تشرين الأول، وكشفت بيانات الهلال الأحمر المصري حتى العاشر من نوفمبر تشرين الثاني 2023، أن مصر وليبيا والكويت كانت أكبر ثلاث دول ترسل مساعدات.

ولكن منذ ذلك الحين، تدفقت آلاف الشحنات من عدة دول، ليدخل أكثر من 40 ألف طن من مساعدات إغاثية وإنسانية وطبية لأهالي قطاع غزة بحلول ديسمبر كانون الأول، بحسب وزارة التضامن الاجتماعي المصرية.

وجاءت دولة مصر في المقدمة مع ما يزيد على 21 ألف طن من المساعدات، بما في ذلك نحو 2675 طناً مساعدات طبية، 9621 طناً من المواد الغذائية، ومياه بواقع 7047 طناً، و1992 طناً من المواد الإغاثية الأخرى، فضلاً عن 82 قطعة من الخيام والمشمعات.

تليها الإمارات والسعودية مع أكثر من 5.7 ألف طن و3.5 ألف طن على الترتيب، ثم الكويت وقطر مع نحو 1.3 ألف طن و1.2 ألف طن على التوالي، بحسب آخر البيانات الحكومية الصادرة في نهاية نوفمبر تشرين الثاني، كما تجاوزت التبرعات السعودية لإغاثة غزة 531 مليون ريال (أكثر من 141 مليون دولار).

المساعدات الغربية لدعم غزة

يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مقدم للمساعدات الخارجية للفلسطينيين من خلال الاستراتيجية الأوروبية المشتركة للأعوام (2021-2024)، والتي تبلغ قيمتها نحو 1.2 مليار يورو، منها 691 مليون يورو اعتُمدت بالفعل، ويشمل ذلك المساهمات المباشرة للسلطة الفلسطينية من خلال آلية بيغاس، ودعم منظمات المجتمع المدني، والمشاريع من خلال المؤسسات المالية الدولية، والمساهمات لوكالة الأونروا.

وعلى مدار عام 2023، خاصة خلال شهري أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني، تزايدت المساعدات الغربية من قِبل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة من بين دول أخرى، والتي استهدفت تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.

وقدمت ألمانيا نحو 192.5 مليون دولار هذا العام لدعم غزة، ما يجعلها الأعلى حتى الآن، تليها الولايات المتحدة التي قدمت 100 مليون دولار، ثم 21 مليوناً إضافية، فضلاً عن نحو 109 ملايين دولار من المملكة المتحدة.

التحديات تعوق تلبية احتياجات سكان غزة

بذل المجتمع الدولي قصارى الجهد لتوصيل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة منذ بداية الحرب، لكن التحديات والعوائق التي تواجه هذه الجهود تحول دون تلبية الاحتياجات اللازمة لسكان القطاع.

وأعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة الأسبوع الماضي، أن القطاع يحتاج إلى 1000 شاحنة مساعدات يومياً، للتعافي من آثار القصف الإسرائيلي، في حين لا يتجاوز عدد ما يدخل القطاع حالياً بصورة يومية، المئة والخمسين شاحنة.

وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام والتواصل لدى الأونروا في تصريحاتها لـ«CNN الاقتصادية»، «قبل بدء الحرب، كانت غزة تستقبل 500 شاحنة كل يوم، ولم نصل قط منذ بداية الحرب إلى هذا المستوى اليومي، لذا فإن كل ما يأتي هو قليل جداً ولا يكفي».

كما حذَّر برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، من خطر حدوث مجاعة في قطاع غزة، مؤكداً أن الإمدادات غير كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات النازحين في ملاجئ الأمم المتحدة والأماكن الأخرى.

ولا تزال هناك تحديات قائمة على رأسها عودة تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ ما يعوق تدفق شحنات المساعدات إلى الجانب الفلسطيني بشكل طبيعي.

ولفت رشيد أحمد، ممثل إحدى المؤسسات الخيرية لـ«CNN الاقتصادية» إلى تحديات إضافية، وقال نقلاً عن مصادر، إنه في بعض الأحيان عند مغادرة سائقي شحنات المساعدات، فهم ينتظرون عند حدود معبر رفح عشرة أيام، وأحياناً 15 يوماً قبل دخول غزة؛ بسبب الإجراءات والقيود المفروضة من قبل الجانب الإسرائيلي.

وأضاف «هذا يكلف الكثير من الأموال، إذ إن البقاء على الحدود يكلف الشاحنة نحو 150 دولاراً في اليوم الواحد، كما سمعنا أنه لا يصل الطعام المرسل بالكامل بسبب تعرضه للسرقة في بعض الأحيان».

الهدنة ودخول المساعدات الإنسانية

ساعدت فترة الهدنة التي استمرت سبعة أيام على دخول أكبر قدر من المساعدات اليومية منذ بدء الحرب، إذ أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية دخول عدد قياسي من شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة في 25 نوفمبر الجاري، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب.

يعزز ذلك الحاجة إلى تطبيق وقف إطلاق نار دائم وهدنة إنسانية جديدة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية الإضافية إلى السكان المدنيين في غزة، وتجنب حدوث الإبادة الجماعية التي حذَّرت منها منظمة الأمم المتحدة.

وبالفعل، قدمت دولة الإمارات مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ولقي تأييداً من قبل الأمم المتحدة والدول العربية، لكن تظل المناقشات قائمة حول الموافقة على هذا المقترح.

في غضون ذلك، تتزايد الدعوات إلى فتح معبر إضافي بجانب معبر رفح بمصر من أجل وصول أكبر عدد ممكن من المساعدات إلى غزة، خاصة إلى الجزء الشمالي من القطاع.

وقال مارتن غريفيث، الأمين العام للأمم المتحدة، «طالما طلبنا فتح معبر كرم أبو سالم باعتباره فرصة قد تسمح لشاحنات المساعدات بالمرور مباشرة إلى الأجزاء الشمالية من غزة، حيث تكون الحاجة أكبر».