انتفضت العديد من الدول الغربية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لمساندة إسرائيل ب«دعم مطلق»، وإعطائها الضوء الأخضر ل«الدفاع عن نفسها» بعد الهجوم المدوي والمفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة، رأت فيه تل أبيب أنه تهديد وجودي لها.

الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، من الدول الأهم والأبرز التي دافعت بشراسة عن العمليات الإسرائيلية العسكرية القوية ضد قطاع غزة، وأكدوا دعمهم الثابت والموحد لتل أبيب، حيث مدت إسرائيل بجسور جوية محملة بكل أنواع الأسلحة، وسيرت مدمراتها للمنطقة، كما تم تسخير الإعلام والأموال لمصلحة إسرائيل، ومحاصرة أي ردود فعل مطالبة بوقف الحرب، كمحاولة التضييق على التظاهرات المليونية في لندن، التي دعت إلى وقف المذبحة في القطاع، في حين لم تتوقف الزيارات الرسمية إلى تل أبيب لإظهار الدعم لها.

لكن مع ازدياد فاتورة الدم في غزة، وازدياد عدد الضحايا إلى أكثر من 20 ألفاً و40 ألف مصاب، والقضاء على البنى التحتية، وقصف المستشفيات، وتدمير القطاع الطبي والمدارس ووجود 1.9 مليون نازح، وانتشار الأمراض والجوع، بدأت هذه الدول بتغيير لهجتها على وقع الإحراج بسبب انتقاد المنظمات الأممية والإنسانية لإسرائيل وداعميها، إضافة إلى التظاهرات الداخلية والانتقادات الشديدة.

الولايات المتحدة

تعهدت الولايات المتحدة بدعمها القوي لإسرائيل، وعززت ذلك بمساعداتها العسكرية بجسر جوي لم يتوقف. وأوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أول رد فعل له على هجوم حماس: «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل». وأضاف: «أقول كلمة واحدة لأي شخص يفكر في استغلال الوضع: لا تفعل ذلك».

وسيرت الولايات المتحدة بالفعل حاملة طائرات هجومية في شرق البحر المتوسط، كما وضع بايدن الآلاف من القوات الأمريكية على أهبة الاستعداد للانتقال إلى المنطقة إذا لزم الأمر. وأرسلت الولايات المتحدة إمدادات من الأسلحة وآلاف القذائف والقنابل حتى قبل أن تطلبها إسرائيل، وطلب بايدن من الكونغرس الموافقة على تمويل بقيمة 14 مليار دولار لصندوق الحرب لحليفته في الشرق الأوسط.

وقدمت واشنطن دعماً سياسياً وعسكرياً لم يتوقف، إلا أنها طالبت باستمرار بهدن إنسانية مؤقتة فقط، على أن تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع، كما طالبت بوضح حد زمني للعملية العسكرية الشاملة، والانتقال إلى مرحلة أخرى، وكبح جماح المستوطنين في الضفة الغربية.

فقد نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أمريكي رفيع، اعترافه بتصاعد الشكاوى والانتقادات من أصدقاء بلده ومن جميع أنحاء العالم، وحتى على المستوى المحلي، بسبب تدهور الأوضاع في قطاع غزة، وبالتالي فإن الولايات المتحدة بدأت تضغط للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، لكن دون دعوة إلى وقف نهائي لوقف إطلاق النار.

فرنسا

في أعقاب هجوم حماس، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، توسيع نطاق التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» الإرهابي، ليشمل أيضاً القتال ضد حركة حماس في غزة. وشدد ماكرون وهو يقف إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس على أن فرنسا وإسرائيل تعتبران الإرهاب «عدوهما المشترك». وقال: «فرنسا مستعدة لأن يحارب التحالف الدولي ضد داعش، الذي نشارك فيه في عمليات في العراق وسوريا، حماس أيضاً».

الموقف الفرنسي هذا سرعان ما تغيّر، عندما دعت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترينا كولونا، الأحد، إلى ضرورة بدء «هدنة جديدة فورية ومستدامة» في قطاع غزة. وعبّرت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين، عن «قلق فرنسا البالغ» إزاء تطورات الأوضاع في القطاع، مشيرة إلى مقتل «الكثير من المدنيين»، ومشددة على ضرورة عدم نسيان ضحايا الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر.

وفي وقت سابق، حضّ ماكرون إسرائيل على وقف القصف الذي يقتل مدنيين في غزة. وقال: «لا يوجد أي مبرر للقصف الذي يقتل مدنيين في غزة، ذاكراً الأطفال والنساء والمسنين».

ولعبت فرنسا دوراً مهماً أيضاً في الوساطة لتخفيف الضغط على الجبهة الشمالية، في ظل القصف المتبادل عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، إذ تعتزم وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا زيارة لبنان، في ظل تزايد الضغوط الدبلوماسية الساعية إلى منع اتساع رقعة التصعيد الحدودي، وتجنب حرب شاملة.

وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، أنه «يجب تجنب اندلاع حرب إقليمية»، مشدداً على أن كولونا «ستمرر رسائل لضبط النفس» و«التحلّي بالمسؤولية»، لاحتواء خطر جبهة ثانية تزامناً مع الحرب المتواصلة في قطاع غزة.

وفي محاولة لتحقيق التوازن، نددت وزيرة الخارجية الفرنسية بعنف المستوطنين في الضفة الغربية، وقالت إنه يقوض الحل السياسي.

ألمانيا

دعت ألمانيا لتحقيق «وقف دائم لإطلاق النار» في غزة، خلال مقال مشترك لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك. وكتب الوزيران في مقال مشترك نشرته صحيفة «صنداي تايمز»، أن «عدداً كبيراً جداً من المدنيين قتلوا» في هذه الحرب، وحضّا إسرائيل على إنهاء عمليتها العسكرية ضد «حماس» بشكل سريع، ولكن «دائم» أيضاً.

وكتبا: «علينا أن نفعل كل ما باستطاعتنا لتمهيد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار يؤدي إلى سلام دائم. وكلما أتى ذلك عاجلاً كان أفضل، الحاجة عاجلة».

ومع ذلك، لفت الوزيران أيضاً إلى أنهما «لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار، على أمل أن يصبح دائماً بطريقة ما، هو السبيل للمضي قدماً».

وفي السابق، أكد المستشار الألماني شولتس، في أعقاب هجوم حماس، دعم «حق إسرائيل في الانتصار على الحركة». وقال: «موقفنا هو أن هذا يعني أنه يجب أن يكون لإسرائيل الحق في الانتصار على حماس، ومنع استمرار وقوع مثل هذه الجرائم الإرهابية».

كما زار شولتس إسرائيل لإظهار الدعم غير المحدود لها، ولم يتوقف الدعم إلى هنا، فبرلين وضعت في تصرّف إسرائيل مسيّرتين حربيّتين لكي تستخدمهما تل أبيب في غزة، كما ارتفعت وتيرة أذون صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل خلال العام الجاري بمعدل عشرة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. وبلغ عدد الطلبات التي تمت معالجتها بشكل نهائي 185 طلباً منذ وقوع هجوم حماس الأخير على منطقة الغلاف.

وشنت وزارة الداخلية الألمانية حملة تفتيش ومداهمات في بعض المدن الألمانية، قالت إنها تستهدف عناصر من حركتَي حماس وشبكة «صامدون للدفاع عن الأسرى» المؤيدة للفلسطينيين، المحظورتين في البلاد، كما دعت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر المنظمات الإسلامية في البلاد إلى إدانة هجوم حماس.

بريطانيا

وقبل الموقف البريطاني المشترك مع ألمانيا في الدعوة لوقف إطلاق نار دائم في غزة، دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لنشر سفينتين تابعتين للبحرية الملكية البريطانية وطائرات هليكوبتر وطائرات مراقبة في شرق المتوسط.

وكان المتحدث باسم سوناك قد أعلن أن «بريطانيا تدعم حق إسرائيل باتخاذ إجراءات متناسبة، في إطار القانون الدولي، لإنهاء العنف»، بعد هجوم حركة حماس المباغت. وأضاف: «نؤيد ممارسة إسرائيل حقها في الدفاع عن النفس واتخاذ إجراءات متناسبة لإنهاء العنف.. في مثل هذه المواقف يمكنهم اتخاذ إجراء متناسب، والتصرف في إطار القوانين الدولية».

وأكد سوناك خلال اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المملكة المتحدة ستقدم لإسرائيل «أي دعم» تحتاج إليه، كما زار رئيس الحكومة البريطانية إسرائيل لتقديم الدعم لها.

وتسببت حرب غزة في هزة حكومية، بعدما أقال سوناك وزيرة الداخلية المثيرة للجدل سويلا بريفرمان. وتعرّض سوناك لضغوط متزايدة لإقالة بريفرمان بعدما اتهمها منتقدوها بتأجيج التوترات خلال أسابيع من التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات المضادة في المملكة المتحدة.

وكانت برايفرمان قد وصفت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بأنها مسيرات كراهية، كما دعت في تصريح إلى اتخاذ إجراءات أقوى «لوقف هذه التظاهرات التي تنشر الكراهية في شوارع لندن»، وفق تعبيرها. ودعا رئيس الوزراء البريطاني الجماعات المؤيدة للفلسطينيين إلى إلغاء مسيرة التي ستطالب بوقف الهجوم الإسرائيلي.

إيطاليا

كانت إيطاليا من ضمن 5 دول أعربت عن دعمها الثابت والموحد لإسرائيل ودانت حماس، وأوضحت هذه الدول أنها ستدعم إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها وشعبها.

لكن عادت روما لتؤكد عبر لسان وزير خارجيتها أنطونيو تاجاني، أن إسرائيل بحاجة إلى مراجعة التصور الدولي لهجومها على حركة حماس، وأسلوب تحقيق أهدافها، موضحاً أن رسالته لإسرائيل هي ضرورة احترام القانون الدولي وجدية التعامل بشأن المدنيين. وأضاف الوزير الإيطالي لصحيفة «فايننشال تايمز»، أن «هناك عدداً كبيراً جداً من المتطرفين في إسرائيل لا سيما في الضفة الغربية».

10 دول ضد وقف إطلاق النار

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤخراً، قراراً يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري عن الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وذلك بموافقة 153 عضواً مقابل رفض 10 أصوات فقط على رأسها الولايات المتحدة.

والدول التي عارضت مشروع القرار هي: إسرائيل والولايات المتحدة والنمسا وتشيكيا وغواتيمالا وليبيريا وميكرونيزيا وناورو وبابوا غينيا الجديدة وباراغواي.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version