يضغط ارتفاع سعر الفائدة على نمو الاقتصاد العالمي الذي يُرجح أن يبقى أداؤه ضعيفاً في عام 2024، حسب ما أعلنته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

ولمكافحة التضخم، أبقى الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على أسعار الفائدة عند 5.25-5.5 في المئة في إعلانه الأخير دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي هذا العام الذي شهد أربع زيادات لأسعار الفائدة.

وقال ستين جاكوبسن -الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار لدى (ساكسو بنك)- في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إن السياسات المالية والنقدية قللت من شأن تبعات ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتصادات، لا سيما الاقتصاد الأميركي، الذي رجح دخوله مجدداً في أزمة مديونية خلال النصف الثاني من العام المقبل.

الانعكاسات الحقيقية لأسعار الفائدة

وأوضح جاكوبسن أن التكلفة الإضافية للإنفاق حالياً في أميركا تؤثر على بطاقات الائتمان، فيما تبلغ مدفوعات أسعار الفائدة 24 في المئة، وتتراوح فائدة تمويل السيارة بين 11 في المئة و12 في المئة، وثمانية في المئة على القروض العقارية، وأشار إلى أن مخاطر الانكماش الاقتصادي موجودة، معللاً ذلك بقوله «أرى بعض الضعف الكبير في قدرة الشركات على إعادة تمويل نفسها».

وأضاف أن زيادة الإنفاق في الولايات المتحدة تعتبر إجراء عقابياً للغاية، لا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، التي تضطر إلى تحمل أوزار الفائدة العالية بهدف الحصول على التمويل اللازم لأعمالها، مشيراً إلى الأضرار الناجمة عن عدم قدرة هذه الشركات على الاستمرار في الاستثمار وتوظيف الناس.

نحو المجهول

كشف جاكوبسن أن الاقتصادات العالمية تتجه نحو مستقبل مجهول، منوهاً بأن عام 2024 سيكون مجدداً مكرّساً لما وصفه بالتظاهر والتمديد «التظاهر بأن لدينا خطة وتمديدها من خلال شراء الوقت» على حد قوله.

وتابع «عندما نتحدث عن التوقعات الفعلية لعام 2024، أعتقد أن هناك عدداً من الأمور التي يجب أن نعتبرها عقبات أساسية لتطور السوق، ولعل أولها قيام الولايات المتحدة بزيادة جديدة لقيمة ديونها الوطنية التي لامست مستويات قياسية، وعملية شراء هذا الدين لا يقوم بها المواطنون الأميركيون فحسب، بل الأجانب أيضاً».

ولفت جاكوبسن إلى أن «الجمهور الأجنبي، لا سيما من منطقة الشرق الأوسط والخليج، يستهلك وبشكل متزايد حصة كبيرة من رأس المال الخارجي في أسواقه المحلية (مستشهداً بالمملكة العربية السعودية)، الأمر الذي يجعل مفهوم التدفق النقدي الحر برمته والمتاح لتمويل العجز في جميع أنحاء العالم أصغر».

ويعتقد جاكوبسن أن الركود المحتمل لن يكون عارضاً أو سهلاً بل سيكون صعباً للغاية، مشيراً إلى تجاهل السوق الشديد لتبعات وضعف التمويل الذي لحق بها جرّاء الارتفاع المستمر الطويل في أسعار الفائدة.

وكان تقرير ساكسو بنك حول التوقعات الاقتصادية لعام 2024 قد ذكر أن الطريق السلس الذي سلكه العالم منذ الأزمة المالية الكبرى قد وصل إلى نهايته، ما يضع العالم أمام مستقبل مجهول.

انفوغراف حول التوقعات الاقتصادية من ساكسو بنك

ديون وتضخم وركود

ويرى جاكوبسن أن عام 2024 سيتسم بالتطبيع النقدي، ومن ثم سيكون من الصعب جداً الحفاظ على القدر نفسه من الدعم المالي للاقتصاد، لا سيما مع تزايد سخط الشعوب وعدد التظاهرات في المشهد السياسي عالمياً، كما رأينا في أميركا الجنوبية والأرجنتين والبرازيل وهولندا.

ورجح جاكوبسن بدء عام 2024 بتقييم مرتفع للأسهم، وتوقعات منخفضة للتضخم، الأمر الذي يخلق مخاطرة، قائلاً «إن كل هذا الاحتفال الذي لدينا الآن بأن الأمور أصبحت تحت السيطرة، يمكن أن يتبخر بسرعة كبيرة جداً».

وتابع جاكوبسن «يُضاف إلى ذلك التزام الحكومات بعد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين كوب 28 وفي جميع أنحاء العالم، بزيادة الإنفاق على التحول الأخضر واستثمار المزيد في سلامة الأمن السيبراني» هذا إلى جانب تعزيز القيود على الحدود بشكل أكبر بسبب تدفقات الهجرة العالمية الموجودة «كل هذا يعني فعلياً أننا لن نبتعد عن التضخم الأساسي وعلى المدى الطويل، لأننا وبكل بساطة ننفق أموالاً أكثر مما لدينا» على حد قوله.

الحلول المقترحة

دعا جاكوبسن إلى ضرورة التركيز على الإنتاجية إذا ما كان هناك بحث جدي للحلول، قائلاً «إن عدم المساواة وارتفاع التضخم والعرض والطلب خارج نطاق السيطرة، ونحن بحاجة إلى زيادة الإنتاجية حقاً، وأحد القطاعات الواعدة هو التحول الأخضر».

وتوقع جاكوبسن أن الانخفاض المرتقب لسعر الفائدة الأميركية، سيدفع سوق الأسهم وأسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التفوق على بقية العالم استناداً إلى حقيقة أن هذه الأسواق لديها إمكانية الوصول إلى رأس المال ولديها معدلات نمو أكثر إيجابية.

ونصح جاكوبسن دول الخليج بضرورة تشغيل نسبة أعلى بكثير من التحفيز المالي، قائلاً «أتمنى أن يكون ذلك في المقام الأول من حيث المنح والحصول على الائتمان وبدرجة أقل من الشركات المملوكة للدولة ومراقبة مبادرة القطاع الخاص ودعم القطاع الخاص مقارنةً بالمؤسسات المملوكة للدولة» على حد قوله.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version