القاهرة، مصر (CNN)– تتجه مصر للمرة الرابعة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي خلال آخر 6 سنوات، وذلك لمواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد المصري.
وأعلنت الحكومة المصرية، في بيان، تقدمها بطلب إلى الصندوق لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة في خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل، وقد يتضمن البرنامج تمويلا إضافيا.
وأكد خبراء اقتصاد، أهمية لجوء الحكومة المصرية للاقتراض من صندوق النقد الدولي لمواجهة تأثر الموارد سلبا من الدولار بعد خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من الأسواق الناشئة ومنها مصر، واستمرار تأثير تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا سلبا على إيرادات السياحة وفاتورة استيراد من القمح والنفط.
وبدأت مصر مسيرتها في الاقتراض من صندوق النقد الدولي عام 2016 بحصولها على قرض بنحو 12 مليار دولار لتمويل برنامجا للإصلاح الاقتصادي، ونتيجة لتداعيات جائحة فيروس كورونا اضطرت للحصول على قرض بآلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار، والقرض الثالث بقيمة 5.2 مليار دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.
وقال أحمد أبو السعد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن تدفقات العملات الأجنبية بمصر تأثرت بشدة منذ شهر سبتمبر/ أيلول الماضي نتيجة خروج بعض الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية، مع إعلان الفيدرالي الأمريكي عزمه تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى خروج الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة بصفة عامة، وعودتها مرة أخرى للدول المتقدمة.
وأضاف أبو السعد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن مصر كانت من أكثر الدول الناشئة تضررا من خروج الاستثمارات الأجنبية لأنها إحدى أكبر الدول المستقبلة لهذه الاستثمارات، مما أدى إلى انخفاض صافي الأصول الأجنبية بالبنوك المصرية، ووصل بالسالب مما أثر سلبا على الوضع الخارجي لمصر.
وتابع أن أزمة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، تزامنت مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، والتي تسببت في التأثير سلبا على السياحة واستيراد القمح والنفط من الخارج مما أدى إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد، وزاد من الضغط على موارد الدولة من العملات الأجنبية، مما اضطر الحكومة إلى البحث عن مصادر جديدة للنقد الأجنبي مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة و المساعدات و الودائع الخليجية، و الاتجاه لصندوق النقد الدولي.
وحول رأيه في الملامح المتوقعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الجديد، قال أحمد أبو السعد، إن البرنامج الجديد لن يخرج عن الحوافز التي أعلنت عنها الحكومة لتخفيف وطأة الموجة التضخمية التي يتوقع أن تشهدها مصر الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع الأسعار، مضيفا بخلاف ذلك تم تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ويتبقى أن نراقب إذا كانت هذه السياسة ستكون مستمرة أو سيتم تغييرها.
وتستهدف الحكومة خلال المرحلة الحالية استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، والعمل على توافر السلع الأساسية للمواطنين، وكذلك تنفيذ حزمة مالية متكاملة من التدابير والإجراءات التي تستهدف تقديم المساندة الكافية للقطاعات الاقتصادية، والفئات الأكثر تأثرا بالصدمات الخارجية المتزامنة، بحسب بيان رسمي.
وقال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت سلبا على الاقتصاد المصري، سواء من ناحية تراجع إيرادات السياحة المصرية، بعد توقف السياحة الواردة من روسيا وأوكرانيا والبالغة نحو 5 ملايين سائح سنويا، أو من ناحية رفع فاتورة استيراد مصر من الحبوب والقمح بعد ارتفاع الأسعار عالميا، وكذلك النفط والذي سجل مستويات ضعف المقدر له في الموازنة العامة للدولة، حيث يقدر برميل النفط في الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي 2021/2022 حوالي 68 دولار للبرميل في حين يتجاوز مستوى 110 دولار.
وأضاف السيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بالإضافة إلى زيادة البنك الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة 0.25% أثر سلبا على حجم تدفقات النقد الأجنبي لمصر، حيث اتجهت الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية للخروج من الأسواق الناشئة ومنها مصر، والتي تعد أهم الأسواق الناشئة في أفريقيا والشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الحكومة واجهت هذه التداعيات برفع أسعار الفائدة بنسبة 1%، وكذلك تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، علاوة على طرح شهادات ادخار مرتفعة العائدة لخفض التضخم محليا.
وتابع أنه بجانب القرارات السابقة، تعمل الحكومة على الحصول تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي وطرح سندات في الأسواق العالمية، وبدأت بالفعل مصر في الاتفاق مع الصندوق للحصول على تمويل إضافي، كما يتوقع أن تطرح قريبا سندات ساموراي بقيمة نصف مليار دولار، لإعادة هيكلة الدين الخارجي لمصر، من خلال تنويع أدوات الدين، وتوزيع سلة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وعدم الاعتماد فقط على الدولار، وجذب سيولة إضافة لسوق الأوراق المالية، في ظل الضغط على طلب الدولار.
وتستهدف الحكومة المصرية، خلال هذه المرحلة، استمرار جهود تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الضرورية لضمان الحفاظ على مسار النمو الاقتصادي القوى والمتوازن والمستدام، وبما يضمن تحقيق التنمية الشاملة بمصر، مع استهداف زيادة دور ومساهمة القطاع الخاص في كافة أوجه الأنشطة الاقتصادية، بحسب السفير نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء.
وذكر عبد المنعم السيد، مزايا حصول مصر على تمويل من صندوق النقد الدولي، وهي انخفاض سعر فائدة التمويل من الصندوق والتي تتراوح بين 1.5-2%، وزيادة الحصيلة الدولارية في الأسواق، وسداد التزامات مصر الخارجية خلال الفترة المقبلة، وإطالة أمد الدين لسنوات طويلة.
وتوقع مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن تحصل مصر على تمويل من صندوق النقد الدولي لا يزيد عن 2 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، وهذا التمويل بجانب سندات الساموراي تعيد التوازن في السوق المحلي لسد احتياجاته من الدولار اللازم للاستيراد، متوقعا أن ينخفض سعر صرف الدولار أمام الجنيه مع حصول مصر على التمويل من الصندوق بدليل انخفاض سعر الدولار بقيمة 15 قرش عقب الإعلان عن تقدم مصر بطلب الحصول على التمويل.
وسبق أن التقى وزير المالية المصري خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، مع السفير الياباني بالقاهرة أوكا هيروتشى، وناقش خلال اللقاء مدى إمكانية إصدار سندات مصرية في اليابان، ضمن خطط إصدار السندات الحكومية المتنوعة متوسطة وطويلة الأجل، بحسب بيان رسمي.