قبيل أعياد الميلاد، يبدو أنّ اهتمام الكونغرس الأميركي بتمويل الحرب بأوكرانيا انخفض إلى حدّ غير مسبوق، وفق صحيفة “واشنطن بوست” التي أشارت، في تقرير يوم الأحد، إلى أن الأفضليات الأمنية الأخرى، بما فيها إسرائيل والحدود الجنوبية للولايات المتحدة، قد تنطوي على انتهاء المساعدة الأميركية.
كان مجلس الشيوخ الأميركي جمّد مؤخّرا حزمة مساعدات لأوكرانيا تبلغ قيمتها 61 مليار دولار، ما أصاب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بخيبة أمل.
وحينها لم يتوصّل المفاوضون الجمهوريون والديمقراطيون إلى اتفاق، حسب “فرانس برس”، التي وصفت ذلك بـ”انتكاسة” للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي جعل دعم أوكرانيا وتعزيز حلف “الناتو” أبرز أولوياته الخارجية.
وفي أحدث تطوّر ميداني، قصفت القوات الروسية، الأحد، محطة كهرباء قريبة من جبهة القتال شرقي أوكرانيا، ما أدّى إلى إصابة 5 عمّال وانقطاع التيار الكهربائي عن بلدة كوراخوف، وبينما أعلن الجيش الأوكراني صد هجومين على بلدة مارينكا، قالت الإدارة العسكرية لمنطقة خيرسون إن 6 أشخاص أصيبوا جرّاء قصف القوات الروسية المنطقة 83 مرة.
وفق خبير أوكراني لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن تجميد المساعدات لكييف يعني خسارة الحرب ضد روسيا، واحتمالية سقوط حكومة زيلينسكي، كما مِن شأن ذلك تغيير مجرى الحرب وانتصار روسيا، فضلا عن خسارة أوكرانيا مزيدا من أراضيها.
ما الخطط البديلة لأوكرانيا؟
وصلت حرب أوكرانيا لصد الهجوم الروسي إلى طريق مسدود مع فشل الهجوم المضاد واقتراب الصراع من عامه الثالث، رغم تلقّيها مساعدات بلغت أكثر من 110 مليارات دولار.
لكن وحسب أوليغ أوستينكو، مستشار زيلينسكي، فإذا توقّف الغرب عن دعم أوكرانيا العام المقبل، فسيتعيّن على كييف الانتقال إلى خطة بديلة، موضّحا أنها “متعدّدة المستويات، ومرحلتها الأولى هي “اللجوء للاقتراض من السوق المحلية”.
من جهته، قال رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق نيقولاي أزاروف، الأحد، إن “الرئيس الأميركي لن يسمح لنظام كييف بإنهاء النزاع في أوكرانيا، لأنّ هزيمة زيلينسكي ستحطّم طموحات بايدن وفريقه السياسية”.
وكتب أزاروف على “فيسبوك”: “لن تكون هناك هدنة في أوكرانيا ما دام بايدن رئيسا، لأنه لن يسمح لزيلينسكي بإنهاء الحرب، لأن هزيمة نظام أوكرانيا ستحطّم طموحات بايدن السياسية”، وفقا لموقع “روسيا اليوم”.
كما يمكن استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا عبر توفير الأسلحة من المخزونات الأميركية، على أن يتم استبدالها بالأموال في وقت لاحق، وفق وكالة “بلومبرغ”.
ما خريطة المساعدات الأميركية لأوكرانيا؟
في سابقة مِن نوعها، استأثرت أوكرانيا بنصيب الأسد من الإنفاق الأميركي الخارجي، إذ قدَّمت واشنطن دعما عسكريا لها بأكثر من 43 مليار دولار منذ فبراير 2022، بينما بلغ حجم الدعم ككل، سواء أكان إنسانيا أو ماليا أو عسكريا، نحو 76.8 مليار دولار، وفق معهد “كييل” الألماني للاقتصاد، وشبكة “بي بي إس” الأميركية، موزّعة كما يلي:
- المساعدات الإنسانية: 3.9 مليار دولار.
- المساعدات الاقتصادية: 26.4 مليار دولار.
- المساعدات الأمنية: 18.3 مليار دولار.
- الأسلحة والمعدات العسكرية: 23.5 مليار دولار.
- قروض لشراء الأسلحة: 4.7 مليار دولار.
عقدة المساعدات لأوكرانيا
باتت المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ومعظمها أوروبية وأميركية، تخضع لتجاذبات سياسية داخل أوروبا والحزبين الجمهوري والديمقراطي بأميركا، ما أدّى إلى تباطؤ شديد في تقديم أي مساعدات جديدة، حسب معهد “كييل” الألماني، الذي أضاف أن:
- المساعدات الأوروبية والأميركية تراجعت إلى أدنى مستوى منذ فبراير 2022.
- أوروبا وزّعت نحو 51 مليار دولار من المساعدات على سنوات عدة.
- أوروبا حُظِرَت بالكامل حزمة بقيمة 20 مليار يورو على مدى 4 سنوات.
- الحزمة الأميركية الجديدة تواجه عراقيل في الكونغرس من قبل الديمقراطيين والجمهوريين.
انتصار روسيا وسقوط زيلينسكي
يقول الخبير العسكري الأوكراني، أوليكسي ستيبانوف، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن وقف المساعدات الغربية لأوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة على مسار الحرب وعلى مستقبل أوكرانيا كدولة مستقلة.
ويوضح ستيبانوف أن من الناحية العسكرية سيؤدي وقف المساعدات إلى إضعاف الجيش الأوكراني بشكل كبير، بعد تلقّيه مساعدات غربية بمليارات الدولارات، بما في ذلك الأسلحة والمعدات والذخيرة، والتي مكّنته من الصمود في وجه القوات الروسية ومنع روسيا من تحقيق انتصار سريع.
- سيُواجه الجيش الأوكراني صعوبة بالمعارك، ومن المرجّح أن يفقد المزيد من الأراضي.
- الدفاع عن المدن الكبرى، مثل كييف وخاركيف، بات على المحك.
- وقف المساعدات قد يؤدّي لإضعاف الحكومة الأوكرانية بعد تلقيها دعما سياسيا غربيا ساعدها على البقاء في السلطة ومقاومة روسيا.
- الرئيس الأوكراني سيواجه صعوبة في الحفاظ على الدعم الشعبي والتفاوض مع روسيا، ما قد يؤدّي في النهاية لسقوطه السياسي.
- وقف الدعم سيعمّق الأزمة الاقتصادية بالداخل الأوكراني، بعد أن دمّرت الحرب الاقتصاد الوطني.
- قد يغيّر مسار الحرب لصالح روسيا، ما يضمن لها السيطرة على كامل الأراضي الأوكرانية أو يدفع كييف لإبرام اتفاق سلام بتنازلات كبيرة.