خاص

الديون تثقل كاهل الدول النامية

من المتوقع أن يعود العجز المالي “الخارج عن السيطرة” إلى الظهور باعتباره مصدر قلق للأسواق، وفق تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أشار إلى تحذيرات المستثمرين للحكومات في جميع أنحاء العالم من مستويات الدين العام “غير المربوطة”، قائلين إن الوعود المفرطة في الاقتراض قبل الانتخابات تهدد بإثارة رد فعل عنيف في سوق السندات.

في الولايات المتحدة، من المتوقع أن يرتفع إصدار الديون الحكومية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى أعلى مستوى مسجل في العام المقبل، باستثناء المراحل الأولى لجائحة كوفيد.

كذلك من المتوقع أن تضيف الأسواق الناشئة المزيد إلى طوفان مبيعات السندات، بعد أن ارتفع الدين الحكومي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 68.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وفقا لمعهد التمويل الدولي.

وقال الرئيس العالمي للدخل الثابت في شركة جانوس هندرسون، جيم سيلينسكي، في التصريحات التي نقلتها عنه الصحيفة إن العجز “خرج عن نطاق السيطرة والقصة الحقيقية هي أنه لا توجد آلية للسيطرة عليه”.

وأضاف أن هذه القضية ستصبح مصدر قلق بالغ للأسواق “في الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة باعتبارها شيئًا مهمًا للغاية”.

  • وزارة الخزانة الأميركية ستصدر حوالي 4 تريليونات دولار من السندات هذا العام مع فترات استحقاق تتراوح بين عامين و30 عاما وفقا لتقديرات شركة أبولو جلوبال مانجمنت، ارتفاعاً من 3 تريليونات دولار في العام الماضي و2.3 تريليون دولار في عام 2018.
  • صافي الإصدارات، الذي تم تعديله لمشتريات الاحتياطي الفيدرالي والديون الحالية المستحقة، سيكون 1.6 تريليون دولار على مدى 12 شهرا حتى نهاية سبتمبر وفقا لحسابات RBC Capital Markets، وهو ثاني أعلى عام على الإطلاق.
  • البنك الكندي يقدر أن صافي الإصدار في الفترة 2024-2025 سيتجاوز مستويات عصر الوباء.
  • مديرو الصناديق يؤكدون أن حجم الاقتراض من المرجح أن يصرف انتباه الأسواق عن تركيزها المعتاد على المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.

ارتفاع الديون

الباحث في الشؤون الاقتصادية، مازن أرشيد، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ارتفاع الديون الداخلية للدول يعد موضوعاً محورياً في عالم الاقتصاد والاستثمار، ويتم تقييمه من قبل المستثمرين بناءً على عدة عوامل، منها:

أولاً- الديون العالية: يمكن أن تعتبر مؤشراً على الضعف الاقتصادي، خاصة إذا كانت مترافقة مع نمو اقتصادي ضعيف أو معدلات تضخم مرتفعة.

على سبيل المثال، تجربة اليونان خلال أزمة الديون الأوروبية في الفترة بين 2009 و2018، حيث أدت الديون الضخمة والعجز في الميزانية إلى تقييمات سلبية من قبل المستثمرين وارتفاع تكاليف الاقتراض.

ثانياً: ينظر المستثمرون إلى الديون الداخلية في سياق قدرة الدولة على خدمتها؛ إذا كانت الديون مدعومة بقاعدة اقتصادية قوية وإدارة مالية سليمة، قد لا يُنظر إليها على أنها عبء كبير.

على سبيل المثال، اليابان، التي لديها أحد أعلى معدلات الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، لا تزال تعتبر واحدة من أكثر الاقتصادات أماناً للاستثمار نظراً لقوتها الاقتصادية واستقرارها السياسي.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي الدين العام الكبير إلى تقليص القدرة على الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة، مما قد يؤثر سلباً على آفاق النمو الاقتصادي طويل الأمد؛ كما في حالة الأرجنتين، حيث أدى الدين العام المرتفع إلى أزمات مالية متكررة وعدم استقرار اقتصادي.

ويشير أرشيد إلى أن الدين الداخلي يمكن أن يؤثر على سياسات الدول النقدية والمالية؛ فارتفاع الديون قد يضطر الحكومات إلى رفع الضرائب أو خفض الإنفاق، مما يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

يمكن ملاحظة هذا في بعض دول منطقة اليورو التي اضطرت إلى تطبيق تدابير تقشف صارمة للسيطرة على مستويات ديونها، مما أثر سلباً على النمو الاقتصادي.

حول كيفية تأثير الدين على الاتجاهات الاستثمارية، يشير الكاتب والباحث الاقتصادي في معرض تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى التالي:

  • يميل المستثمرون إلى الابتعاد عن الأسواق التي تعاني من مستويات ديون مرتفعة وغير مستدامة، حيث تعتبر هذه المستويات مؤشرًا على عدم استقرار الاقتصاد الكلي؛ كان ذلك واضحا خلال أزمة الديون الأوروبية، حيث شهدت الأسواق في اليونان وإيطاليا وإسبانيا انخفاضًا في الاستثمارات الأجنبية بسبب مخاوف المستثمرين بشأن استدامة الديون.
  • تؤثر مستويات الدين على قرارات الاستثمار في الأسهم والسندات؛ في البلدان ذات الديون المرتفعة، يمكن أن ترتفع تكاليف الاقتراض وتزداد المخاطر المرتبطة بالاستثمار في السندات الحكومية؛ لذا، يبحث المستثمرون عادة عن عوائد أعلى لتعويض المخاطر المتزايدة كما هو الحال في السندات الحكومية التركية خلال ازمتها المالية حيث ارتفعت العوائد بشكل استثنائي، مما يعكس المخاطر العالية المتصورة من قبل المستثمرين.
  • أحيانا يؤدي الدين المرتفع إلى تغيير سياسات البلاد النقدية والمالية، مما يؤثر على جاذبية الاستثمارات؛ على سبيل المثال، قد تُجبر الحكومات على رفع الضرائب أو خفض الإنفاق للتعامل مع الديون، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي ويقلل من جاذبية الاستثمارات في الأسواق الناشئة والأسهم.

المملكة المتحدة

وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فإنه يتحدث أيضاً عن المملكة المتحدة، حيث من المتوقع إجراء انتخابات هذا العام، وهي في طريقها أيضًا لتحقيق ثاني أعلى عام من مبيعات الديون، بعد عام 2020 فقط عندما تدخل بنك إنجلترا لزيادة العرض خلال المراحل الأولى من جائحة فيروس كورونا.

ومن المتوقع أن يكون صافي إصدارات مشتريات بنك إنجلترا، بما في ذلك مبيعات السندات الحكومية، أكثر بثلاث مرات تقريبًا من المتوسط خلال العقد الماضي.

قام السير كير ستارمر، الذي يتمتع حزب العمال الذي ينتمي إليه بتقدم كبير في استطلاعات الرأي، بتقليص وعده باقتراض 28 مليار جنيه إسترليني سنويًا من أجل “خطة الرخاء الأخضر” وسط مخاوف بشأن مستوى الدين العام.

كذلك حذر السير روبرت ستيمان، رئيس مكتب إدارة الديون في المملكة المتحدة، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز الأسبوع الماضي من أنه “في عالم حيث لدينا ديون للبيع، لا يمكن فصل عملية صنع السياسات عن واقع السوق”.

وفي أوروبا، ستصدر 10 من أكبر دول منطقة اليورو حوالي 1.2 تريليون يورو من الديون هذا العام، وهو نفس مستوى العام الماضي تقريبًا، وفقًا لتقديرات NatWest.

لكنه يتوقع أن يرتفع صافي الإصدار – الذي يشمل تأثير التشديد الكمي ويستبعد إعادة تمويل السندات القائمة – بنحو 18 بالمئة هذا العام إلى 640 مليار يورو.

أنواع الديون وتأثيراتها

الخبير المصرفي، محمد عبد العال، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن الدين العام لأية دولة يتكون من “الدين الخارجي”، والمكون من القروض أو السندات في العملات الأخرى وعلى رأسها الدولار واليورو.

إضافة إلى “الدين الداخلي أو المحلي” والذي يتكون من أوراق دين عام على الحكومة كالسندات وأذون الخزانة سواء كانت بالعملة المحلية أو الدولار في بعض الأحيان.

ويضيف عبد العال: “الدين الداخلي في معظمه يتكون من عملة الدولة ويقع عاتقه على وزارة المالية أو الخزانة في الدولة المديونة، وتصنف هذه الديون من قبل المستثمرين الداخلين بـ ” ZeroRisk” والخارجين بـ ” Low risk”، و” سندات الخزانة الأميركية التي تصنف على أنها ” ZeroRisk” لدى فئة كبيرة من المستثمرين في ظل قوة اقتصاد الولايات المتحدة”.

ويشدد عبدالعال على أن السندات التي تصدرها حكومات الدول الناشئة، حيث تختلف وجهة النظر إليها ما بين المستثمر المحلي والذي يعتبرها معدومة المخاطر؛ لأنها بعملة الدولة المحلية، في حين أن المستثمر الأجنبي تحيط به بعض المخاطر خصوصًا عندما يرغب في جني الأرباح والخروج منها، لتظهر معضلة تحويل عوائده وأمواله إلى عملة دولته من جديد “هنا قد يواجه بعض الصعوبات، إضافة إلى عامل آخر وهو أسعار الفائدة والتي حال انخفاضها ستؤثر على إيرادات استثماراته”.

ويستطرد عبد العال: نظرة المستثمر في ديون الدول الداخلية تختلف وفقًا لعدد من المحددات:

  • هل المستثمر مقيم أم غير مقيم.. مواطن في الدولة أم أجنبي؟
  • وكالات التصنيف الائتماني الثلاثة الأشهر لها دور هام في قرار المستثمرين؛ فهي تصنف الدولة وفقًا لجدارتها الائتمانية وقدرتها على سداد الديون وفقًا لتسلسل خاص، هذه التصنيف يكون له القول الفصل في تفضيل المستثمرين دولًا دون أخرى.
  • مخاطر الأوضاع الجيوساسية والاستقرار الاقتصادي والاستقرار السياسي عامل آخر هام في قرار المستثمرين .

ويستدل عبدالعال هنا بالصين، حيث تعتبر دولة ناشئة وفقًا لمفهوم الأمم المتحدة بالرغم من أنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن لا يواجه المستثمرون أية أزمة متعلقة بالاستثمار في أوراق الدين العام الداخلي لها لأن مخاطرها أقل، لكن في نفس التوقيت الدول الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثماراتها محفوفة ببعض المخاطر وهذه يعطي أولوية للاستثمار في دولة دون غيرها” .

ويواصل الخبير المصرفي حديثه: “أيضًا في بعض الأحيان الدول المنتجة للنفط عندما تصدر أوراق ديون سواء كانت داخلية أوخارجية يرتفع معدل الطلب عليها بسبب احتياطات النقد التي تمتلكها هذه الدول، والتي بدورها تدعمها من ناحية مخاطر السيولة ومخاطر استقرار العائد”.

عام الانتخابات

ويأتي التدقيق في مستويات الديون في عام مزدحم تاريخيا بالانتخابات التي تعزز الحوافز للقادة السياسيين لزيادة الإنفاق.

ففي الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لإجراء انتخاباتها الرئاسية في الخامس من نوفمبر، لا توجد دلائل تذكر على الرغبة في ضبط النفس المالي من جانب المتنافسين الرئيسيين عبر الانقسام السياسي، كما يقول المستثمرون.

ومن المتوقع أن يتراوح عجز الميزانية الأميركية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين 6.5 بالمئة و8 بالمئة على مدى السنوات الأربع المقبلة، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، وهي زيادة حادة من أقل من 4 بالمئة في عام 2022.

ومن المتوقع أن يرتفع من أقل من 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى 4.5 بالمئة بحلول عام 2028.

أسباب تصاعد الديون

الخبيرة المصرفية سهر الدماطي، تلفت في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن السبب الرئيسي في حدوث الدين الداخلي وجود فجوة بين الإيرادات والأموال المطلوب توفيرها لتلبية المتطلبات.

وتوضح أن السبب الرئيسي في ارتفاع معدل الدين الداخلي لكثير من الدول هو إلتزامها ببعض المتطلبات نحو شعوبها من تعليم وصحة، فضلًا عن تنفيذ بعض المشروعات القومية التي تستهدف البنية الأساسية في المقام الأول لدعم ملف الاستثمارات، موضحة أن هذه العوامل يضعها المستثمر في اعتبار عند دخوله لأي سوق يرغب في الاستثمار به.

وحذر معهد التمويل الدولي، الذي يعمل كمجموعة تجارية عالمية لصناعة التمويل، من أن مجموعة كبيرة من الانتخابات والاحتكاكات الجيوسياسية المستمرة في العالم الناشئ “تثير المخاوف بشأن زيادة الاقتراض الحكومي والانضباط المالي، بما في ذلك الهند وجنوب أفريقيا وباكستان والولايات المتحدة”.

وقال معهد التمويل الدولي: “إذا أدت الانتخابات المقبلة إلى سياسات شعبوية تهدف إلى السيطرة على التوترات الاجتماعية، فإن النتيجة قد تكون المزيد من الاقتراض الحكومي وقيود مالية أقل”، مضيفا أن الارتفاع المفاجئ في النفقات الحكومية خلال هذه الدورة الانتخابية العالمية “يمكن أن يزيد بشكل أكبر من عبء الفائدة على العديد من المدينين السياديين – من مستويات مرتفعة بالفعل”.

تباطؤ النمو

من جانبه، فإن خبير أسواق المال، المحلل الاقتصادي المصري، الدكتور حسام الغايش، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الاقتصاديين عرفوا منذ فترة طويلة أن المستويات الأعلى من الديون السيادية ترتبط بتباطؤ النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

ومع ذلك، فإن تباطؤ معدل النمو غالبا ما يؤدي إلى تضخم الديون السيادية مع تسبب النقص في تحصيل الضرائب وزيادة الإنفاق على شبكة الأمان الاجتماعي مما يتسبب في زيادة عجز الموازنة.

ويضيف الغايش: “نلاحظ أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية في العام 2008، استدل أنصار التقشف العام بأبحاث تشير إلى أن ارتفاع الديون السيادية إلى ما يزيد على 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي يمثل نقطة تحول تقوض بشدة آفاق النمو الاقتصادى. و تبين فيما بعد أن الدراسة معيبة وتم الطعن في استنتاجاتها”.

ويتابع: “وعلي الرغم من أن ارتفاع الديون قد يؤدي إلى إبطاء النمو، وقد يؤدي تباطؤ النمو إلى ارتفاع الديون السيادية، فإن مستوى الدين الذي يتحول عنده إلى مشكلة يعتمد على تفاصيل الدولة أو بمعني أدق مدى قدرة اقتصادها على تحمل الصدمات الاقتصادية، بما في ذلك مصادر تمويل ديونها ومحفزات النمو الاقتصادي.

وأوضح حسام الغايش، أن الدين السيادي هو مجموع السندات المستحقة والتزامات القروض للحكومة المركزية لبلد ما.

وقد تصدر الحكومات الديون لتمويل الاستثمارات العامة الأساسية، أو لتلبية الطلب من المستثمرين سواء مؤسسات أو الأفراد على الأصول الآمنة، أو لإطالة أمد الإفراط في الإنفاق غير المستدام.

لذا فإن مدى جودة إنفاق الأموال المقترضة له علاقة كبيرة بما إذا كان سيتم سدادها أو مدى تأثيرها علي الاقتصاد وخاصة معدلات النمو الاقتصادي وأيضاً معدلات التضخم، ولذلك فإن وجهة الاستثمار ستكون محددة وفقا لهذين المعدلاين.

ويشير الغايش إلى أنه إذا كان التضخم مرتفعاً بالتالي أسعار الفائدة مرتفعة للغاية سيكون التوجه نحو الاستثمارات غير المباشرة شريطة أن يكون هناك تصنيف ائتماني مرتفع وثقة كبيرة من مؤسسات التصنيف العالمية، أما إذا كانت معدلات النمو الاقتصادي مرتفعة ولم تتأثر بضغوط الالتزامات الخارجية ستكون وجهة المستثمرين نحو الاستثمار المباشر وتحديدا في القطاعات الاقتصادية الاكثر نموا واستدامة.

أصل الديون

وإلى ذك، قال كبير الاقتصاديين بشركة “ACY”، نضال الشعار، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه لايمكن لأي اقتصاد أو مجتمعات أن تتطور دون الاعتماد ولو جزئيا على الديون، لأن الدول في بعض الأحيان لا تمتلك كل ما يؤهلها للإنتاج لذلك تكون الديون هي السبيل المتاح.

وأضاف الشعار أن العرف جرى على أن الدائن في بعض الأحيان يشارك المدين الربح، أو يحتسب ما أطلق عليه “الفائدة”، موضحًا أن نسبة الديون إلى الناتج المحلي في العالم حاليًا تتجاوز الـ 230 بالمئة سنويًا، وبالتالي فالدين أكبر من قدرة البشر على الإنتاج السنوي وهذا أمر هام يجب ملاحظته.

وتابع: “السؤال الأهم في عملية الديون ما هو المستوى المعقول والمناسب لكل دولة من الدول.. هل ضعف الناتج المحلي أم نصفه؟ والإجابة على هذا السؤال تحكمها متغيرات وعوامل مختلفة، فالأصل الحكمة في الاقتراض (..)”.

واستطرد: “الديون في الدول المتقدمة تحكمها عملية إدارية محكمة، وبالتالي فليس هناك خوف من أن يشكل هذا الدين عاملًا سلبياً للاقتصاد المحلي أو الاقتصادات الأخرى المقرضة لهذا الاقتصاد، واستشهد بالولايات المتحدة التي تجاوز دينها العام حاليًا 34 تريليون دولار لكن مازالت الولايات المتحدة قوية وبحالة اقتصادية جيدة، ومن غير المتوقع تخلفها عن سداد إلتزاماتها فيما يخص الديون”.

وأفاد بأنه عند الحديث عن البلاد النامية فالموضوع يختلف تمامًا، فالقدرة الاقتصادية والعوامل الاقتصادية وعوامل الإنتاج والثروات المحلية تختلف من دولة إلى أخرى.

وشدد الشعار على أن موضوع إدارة الدين أهم في حد ذاته من حجم الديون نفسها، مستدلا بشروط صندوق النقد الدولي للاستدانة والتي تختلف من دولة إلى أخرى، ففي حالة كان الدين فوضوي وتحت مظلة إدارة سيئة سينعكس على كافة مناحي المجتمع سواء كان سعر العملة أو معدل التضخم وأسعار الفائدة أيضًا فهناك علاقة مباشرة بين الاقتراض وأسعار الفائدة، فزيادة حجم الدين ينتج عنه رفع أسعار الفائدة وذلك بهدف جذب المستثمرين، والأخير له انعكاسات مباشرة على معدل التضخم و الأسعار والإنتاج.

وواصل الشعار أن استدانة أية دولة ينتج عنها خروج الاستثمارات المحلية، لأن الدولة عند استدانتها تخلق حالة من المنافسة بينها وبين القطاع الخاص، خصوصًا وأن الأخير غير قادر على الاستدانة بنفس الشروط والتكلفة المنخفضة للدول، وبالتالي تكون النتيجة خفض معدل استثمارات القطاع الخاص وما يتبعه من انخفاض الطلب ومن ثم الاستهلاك وهذا الأمر يلاحظ بشكل واضح في الدول المتقجمة على عكس النامية.

واختتم كبير الاقتصاديين بشركة “ACY” حديثه بقوله: “بشكل عام أن أرى أن الديون أمرًا صحيًا ويشكل رافعة للمستثمر وللدولة كي تنفذ مشروعات تخدم أهدافها، لكن تظل الحكمة في الاستدانة وإدارة الديون أحد أهم العوامل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version