تايبيه – (أ ف ب)

أصبح لاي تشينغ-تي، السياسي المخضرم، المشاكس والعنيد، و«العامل البراغماتي من أجل استقلال تايوان»، في دائرة الضوء، بعد فوزه، السبت، بالانتخابات الرئاسية في الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي، وتنتظره تحديات إدارة العلاقة المعقدة والمضطربة بشكل متزايد مع الصين. ولاي هو نجل عامل في منجم فحم وتخرج في هارفارد الأمريكية.

وقالت الرئيسة المنتهية ولايتها تساي لسلفها لاي، خلال الحملة الانتخابية «أنت حاد أكثر مني بكثير… تتقدم وتقاتل مع الآخرين»، فردّ عليها لاي «لكنني قمت بذلك من أجل سلامة بلادي… لأن حماية ديمقراطية تايوان هي الأهم».

خريج هارفارد الأمريكية

حصل لاي (64 عاماً)، نائب الرئيسة المنتهية ولايتها، وخريج جامعة هارفارد الأمريكية الذي اعتبرته الصين «خطراً جسيماً» بسبب تأييده للاستقلال، على 40,2% من الأصوات بعد فرز الأغلبية العظمى من مراكز الاقتراع.

بهذا الفوز، حقق الحزب الديمقراطي التقدمي الذي ينتمي إليه لاي نتيجة غير مسبوقة تتمثّل بولاية رئاسية ثالثة على التوالي.

وشكر أمام مناصريه التايوانيين «على كتابة فصل جديد في ديمقراطيتنا، لأننا نقول للمجتمع الدولي أنه بين الديمقراطية والاستبداد، سنكون إلى جانب الديمقراطية».

وتعهّد لاي مواصلة سياسة الرئيسة المنتهية ولايتها تساي إنغ وين في تعزيز القدرات العسكرية لتايوان كوسيلة دفاعية ردعية «حيال أي غزو محتمل لأراضيها».

إلا أن صراحته المعهودة في الموقف السياسي، والتي عمل على التخفيف من حدتها خلال الأشهر الماضية في طريقه إلى منصب الرئاسة، أثارت غضب الصين التي وجهت إليه انتقادات لاذعة. ورأت بكين فيه «عاملاً عنيداً» من أجل استقلال تايوان، و«مخرباً للسلام»، وحذّرت من أن السياسي المعروف بكلامه اللبق واللطيف سيكون سبب «الحرب وانحدار» الجزيرة.

وتعتبر الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعهدت بإعادتها إلى كنفها، بالقوة إن لزم الأمر.

واعتبر ماثيو دوشاتيل، مدير برنامج آسيا بمعهد مونتانيي في باريس، أن «ثمة شكوك قوية لدى الجانب الصيني حيال قناعاته»، مشيراً إلى أن لاي يريد في الوقت الراهن «أن يطمئِن».

نجل عامل في منجم فحم

على عكس أغلبية النخب السياسية في تايوان، يتحدر لاي من بيئة متواضعة.

من مواليد العام 1959، نشأ لاي وإخوته الخمسة في قرية ريفية تابعة لمدينة تايبيه الجديدة. وتولت والدتهم تربيتهم بعد وفاة والده الذي كان عاملاً في منجم للفحم، وهو طفل صغير.

وفق سيرته الذاتية الرسمية، درس لاي الطب الطبيعي وإعادة التأهيل، إضافة إلى العلوم الطبية في تايوان، قبل أن ينال شهادة الماجستير في الصحة العامة من جامعة هارفارد المرموقة.

عاد إلى بلاده حيث عمل في مستشفى بجنوب تايوان، قبل أن يبدأ الاهتمام بالسياسة اعتباراً من العام 1996 خلال أزمة مضيق تايوان الثالثة.

كتب مقالاً في صحيفة وول ستريت جورنال في تموز/يوليو «اللحظة الحاسمة بالنسبة إلي كانت حين هددت المغامرة العسكرية الصينية شواطئنا بمناورات بالذخيرة الحية والصواريخ».

وأضاف «قررت أنه يتوجبّ عليّ المشاركة في الديمقراطية التايوانية، والمساعدة في حماية هذه التجربة الناشئة من أولئك الساعين لإيذائها».

تولى عدداً من المناصب العامة، إذ كان نائباً في البرلمان ورئيساً لبلدية مدينة تاينان بجنوب البلاد، قبل أن يتم اختياره نائباً للرئيسة المنتهية ولايتها تساي إنغ وين.

وتدهورت العلاقات بين الصين وتايوان خلال ولايتَي تساي، وصولاً إلى قطع كل الاتصالات العالية المستوى. واتخذت الرئيسة المنتهية ولايتها موقفاً صارماً بالدفاع عن سيادة الجزيرة ورفضت الاعتراف بمطالبة الصين بها.

وخلال حملته الانتخابية، بقي لاي على الخط ذاته، وكرر موقف تساي بأن تايوان «مستقلة بالفعل» عن الصين ولا تحتاج إلى إعلان رسمي بذلك.

شرط مسبق للتواصل مع الصين

وأكد أيضاً استعداده للتواصل مع الصين على أن يكون الشرط المسبق لذلك حفظ «المساواة والكرامة»، معتبراً أن تعزيز العلاقات مع الصين لتقوية الازدهار الاقتصادي يجب ألا يكون ثمنه المساومة على سيادة تايوان.

ورأى أن «القبول بسياسة «لصين الواحدة» (التي تعدّ عقيدة أساسية بالنسبة إلى بكين) ليس سلاماً حقيقياً»، مضيفاً «السلام من دون سيادة هو مثل هونغ كونغ. سيكون سلاماً زائفاً».

الاستقلال

تولى لاي رئاسة الوزراء بين العامين 2017 و2019، وكان خلال تلك الفترة أكثر صراحة من تساي بشأن الاستقلال، وهو موقف يرى محللون أنه قد يثير قلق الولايات المتحدة، أبرز مزودي تايوان بالأسلحة، حيال الطريقة التي يعتزم من خلالها إدارة العلاقات مع الصين.

وقالت أماندا هسياو من مجموعة الأزمات الدولية «سيكون السؤال إلى أي مدى يمكن للاي التزام المسار الحذر والمعتدل الذي شقّته تساي».

حاد ومقاتل

ورأت سارة ليو من جامعة إدنبره أن إدارة لاي ستواصل مسار تخفيف «الاعتماد الاقتصادي» على الصين.

وأضافت «من خلال تعزيز موقعها الدولي، ستكسب تايوان المزيد من الحلفاء لتعزيز ديمقراطيتها بشكل إضافي».

وخلال الحملة الانتخابية، نشر الحزب شريطاً دعائياً مصوّراً يظهر تساي وهي تسلّم لاي دفة القيادة الرمزية لتايوان. وقالت الرئيسة المنتهية ولايتها لسلفها «أنت حاد أكثر مني بكثير… تتقدم وتقاتل مع الآخرين»، فردّ عليها لاي «لكنني قمت بذلك من أجل سلامة بلادي… لأن حماية ديمقراطية تايوان هي الأهم».


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version