من هولندا إلى رومانيا مرورا بألمانيا وفرنسا، يواجه المزارعون حالة من الغليان بسبب أسعار الوقود والمنافسة الأوكرانية والقيود الأوروبية، رغم تباين دوافعهم، لكن غضبهم يتزايد في مختلف أنحاء أوروبا.
قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو، ستطلق المفوضية الأوروبية “حوارا استراتيجيا” يجمع بين المنظمات الزراعية وأيضا قطاع الأغذية الزراعية والمنظمات غير الحكومية والخبراء بهدف نزع فتيل الأزمة بين سكان المناطق الريفية.
وهي مبادرة تم تأكيدها فقط في نهاية الأسبوع الماضي، لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وعدت بها في سبتمبر، داعية إلى “الإقلال من الاستقطاب” وأكدت أن “الزراعة وحماية الطبيعة لا يتناقضان”.
على جدول الأعمال: مداخيل المزارعين واستدامة الممارسات والابتكار التكنولوجي والقدرة التنافسية، وهي مواضيع سيطرحها وزراء الزراعة الثلاثاء في بروكسل.
هولندا
بدأت انتفاضة العالم الزراعي في يونيو 2022 في هولندا التي يبلغ عدد سكانها حوالى 18 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الغذائية بعد الولايات المتحدة.
تسببت خطة حكومية لخفض انبعاثات النيتروجين من طريق الحد من المواشي بفقدان آلاف المزارعين الهولنديين مصدر رزقهم. وبواسطة جراراتهم قطعوا الطرق السريعة واحتجوا أمام منازل القادة السياسيين.
وأصبحت الأعلام الهولندية المقلوبة رمزا لثورتهم التي تحظى بدعم الشعبويين في جميع أنحاء العالم وبينهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
بعد أشهر من الاحتجاجات أدت الثورة ضد السلطة التنفيذية إلى دعم انتخابي عارم لحزب فتي يجمع مزارعين هو “حركة المزارعين المواطنين” التي دخلت بقوة إلى مجلس الشيوخ في مارس 2023، لكنها فازت بأقل مما كان متوقعا في الانتخابات العامة في نوفمبر.
بولندا ورومانيا
سرعان ما انتقلت مشاعر “السخط” في الأشهر الأخيرة إلى بولندا ورومانيا وسلوفاكيا وهنغاريا وبلغاريا حيث يندد المنتجون ب”المنافسة غير العادلة” من جانب أوكرانيا المتهمة بخفض أسعار الحبوب.
في أعقاب الهجوم الروسي، علق الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على جميع المنتجات المستوردة من أوكرانيا في مايو 2022، وأنشأ “ممرات تضامن” للسماح لكييف بنقل مخزونها من الحبوب. لكن كمية كبيرة من الحبوب تراكمت لدى جيرانها الأوروبيين.
واحتجاجا على تدفق كميات القمح أو الذرة، عمد المزارعون البلغار والرومانيون الى استخدام جراراتهم لإغلاق المعابر الحدودية مع أوكرانيا. وفي بولندا، أدت الاحتجاجات إلى استقالة وزير الزراعة في أبريل 2023.
لكن ذلك لم يساهم في تهدئة غضبهم: فقد بدأ المشغلون البولنديون بإغلاق نقاط العبور مع أوكرانيا في توفمبر إلى جانب سائقي الشاحنات. وعلق المزارعون تحركهم في 6 يناير بعد اتفاق مع الحكومة البولندية ينص على تقديم إعانات.
في رومانيا، لا يزال المزارعون يضغطون على الحكومة وتظاهروا مجددا في 14 يناير ضد الضرائب التي وصفوها بالباهظة.
وعلى المفوضية الأوروبية أن تكشف قريبا نواياها بشأن تجديد الإعفاء الجمركي الذي ينتهي العمل به في يونيو.
ألمانيا
في ألمانيا أكد عدد كبير من المزارعين معارضتهم خطة حكومة المستشار أولاف شولتس التي تقضي بزيادة الضرائب على الديزل الزراعي واعلن عنها في ديسمبر.
ومطلع يناير أطلقوا أسبوع احتجاجات قامت خلاله قوافل من الجرارات بإغلاق الطرق في جميع أنحاء البلاد.
ووافقت الحكومة الائتلافية الحاكمة التي تضم الديموقراطيين الاشتراكيين والخضر والليبراليين على تقسيط إلغاء الإعفاء حتى 2026، ووعدت بقدر أقل من البيروقراطية. ولكن سيكون من الصعب عليها أن تفعل المزيد في وقت ينبغي عليها توفير المليارات من نفقات الميزانية امتثالا لإنذار القضاة الدستوريين.
فرنسا
تتصاعد مشاعر الغضب أيضا في الأرياف الفرنسية حيث يحتج المزارعون كما جيرانهم الألمان على ارتفاع تكاليف الإنتاج والالتزامات البيئية المتزايدة.
وتنديدا ب”عالم يسير عكس التيار” بدأ المزارعون في الخريف بقلب لافتات الدخول إلى البلديات. ومنذ مساء الخميس أغلقوا طرقا سريعة في جنوب غرب البلاد وتجمعوا أيضا في التقاطعات الدائرية. ويعتزمون اتخاذ إجراءات اخرى تلبية لدعوة النقابة الزراعية الأولى في البلاد.
بلدان أخرى
من الممكن أن يتسع التحرك ليشمل دولا اخرى في أوروبا. وتقول رئيسة لجنة المنظمات الزراعية المهنية في الاتحاد الأوروبي كريستيان لامبير إن “(الاتحادين الزراعيين) الإيطالي والإسباني يتحدثان أيضا عن تظاهرات”.
وفي المملكة المتحدة، تظاهر منتجو الفواكه والخضروات الاثنين أمام البرلمان في لندن احتجاجا على عقود الشراء “غير العادلة” التي تلزمهم التوزيع على نطاق واسع.