في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي قد تأمر إسرائيل، بوقف حملتها العسكرية على قطاع غزة، من دون أن تكون قادرة على إلزامها به، تستمر المعارك الشرسة في خان يونس، دافعةً آلاف الفلسطينيين إلى الفرار.
وأعربت الأسرة الدولية في الساعات الأخيرة، عن قلقها على المدنيين في جنوب قطاع غزة، لا سيما في خان يونس، حيث تسبب قصف من دبابات أصاب مركزاً يؤوي نازحين، تابعاً لوكالة غوث، وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بمقتل 13 شخصاً.
فبعد الولايات المتحدة، نددت فرنسا، بهذا القصف داعية إسرائيل إلى «احترام القانون الدولي»، من دون أن تتهمها مباشرة بالوقوف وراء هذه الضربة، فيما أعربت برلين عن «قلقها البالغ»، حيال «الوضع اليائس»، للمدنيين في خان يونس.
وصباح الجمعة، أفادت وزارة الصحة التابعة لحماس بسقوط 120 قتيلاً في قطاع غزة الخميس، مع وقوع معارك كثيفة في محيط مستشفى ناصر في خان يونس.
«مد بشري»
وفي الأيام الأخيرة فر آلاف الأشخاص من خان يونس، باتجاه مدينة رفح، عند الحدود مع مصر، حيث انتقل إليها غالبية النازحين جراء الحرب البالغ عددهم 1,7 مليون نسمة.
وقال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني: إن «مداً بشرياً يضطر إلى الفرار من خان يونس، للانتقال إلى الحدود مع مصر»، متحدثاً عن «بحث متواصل عن الأمن»، لسكان غزة منذ بدء الحرب.
ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه «يحاصر» خان يونس، مسقط رأس قائد حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، الذي تعتبره إسرائيل مهندس هجوم الحركة غير المسبوق، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، داخل الأراضي الإسرائيلية.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هذا الهجوم، الذي أسفر عن مقتل 1140 شخصاً داخل غلاف غزة، بحسب إحصائيات رسمية إسرائيلية، وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً، لا يزال 132 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب السلطات الإسرائيلية، ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.
وتنفّذ إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف مدمّر أتبعت بعمليات برية، منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر، ما أسفر عن سقوط 26083 قتيلاً، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات الصحية في القطاع.
محكمة العدل
وإزاء هذه الحصيلة الهائلة والدمار اليومي، رفعت جنوب إفريقيا، شكوى عاجلة الشهر الماضي، إلى محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة، لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المبرمة العام 1948، إبان الحرب العالمية الثانية.
ويتوقع أن تتخذ أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بعد ظهر الجمعة، تدابير عاجلة بغية حماية المدنيين في غزة، من دون أن تبت في جوهر القضية، وفيما قرارات المحكمة مبرمة وملزمة قانوناً، إلا أنها لا تملك أي وسيلة لتنفيذها.
وتعهدت حركة حماس الخميس، احترام وقف إطلاق النار في حال أمرت به المحكمة، ومقرها في لاهاي، في حال أقدمت إسرائيل على الخطوة نفسها.
وتنتقد إسرائيل بشدة هذه الشكوى، لكنها منخرطة في مباحثات للتوصل إلى اتفاق هدنة، يشمل الإفراج عن رهائن في مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست، وموقع «أكسيوس» الإخباري، أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وليام برنز، سيتوجه في الأيام المقبلة إلى أوروبا للقاء نظيريه الإسرائيلي والمصري، ورئيس الوزراء القطري، أملاً بالتفاوض على هدنة.