بالرغم من أن رصيد الممثلة والمخرجة والكاتبة السعودية فاطمة البنوي في مجال السينما لا يتعدى العملين فقط، لكنها تبحث عن الأعمال المختلفة وذلك “في كل مكان في العالم”، فتتنقل بين السعودية ومصر والأردن وغيرها من الدول لكي تشبع حبها للسينما.وفي نوفمبر الماضي كانت البنوي في مصر حيث عرضت عملها السينمائي الجديد التي شاركت فيه كمخرجة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. كما تتنقل حالياً بين السعودية والإمارات والأردن ومصر حيث يعرض فيلمها الجديد “الأبطال” في دور السينما.ويشارك في بطولة هذا العمل، الذي تلقى رود فعل إيجابية في عرضه الأول في مهرجات البحر الأحمر، مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة. حول هذا العمل والفن في السعودية وغيرها من المواضيع، كان للبنوي حوار مع “العربية.نت”.منذ أيام قليلة بدأ عرض فيلمك الأخير “الأبطال” في دور العرض، فكيف وجدت ردود الأفعال؟ بالفعل بدأ عرضه يوم 10 مارس، وكانت ردود الفعل عليه غير عادية، بل كانت أقوى من وقت عرضه في الدورة الأولى لمهرجان البحر الأحمر في جدة. وسعدت جداً بها، لأنه فيلم مهم بالنسبة لي لرسالته الجادة والسامية بالرغم من أنه فيلم كوميدي. فالعمل يدور حول شخصية “خالد” الذي يعمل كمساعد مدرب لفريق سعودي كبير، وبسبب غروره يتورط في مشكلة خلال إحدى المباريات، ويتحول على إثرها إلى المحكمة التأديبية الرياضية، ليُعاقب بالإيقاف المؤقت، وبالعمل كمدرب لفريق غير محترف من اللاعبين ذوي الهمم في إحدى المدارس.

ملصق فيلم أبطال

حدثينا عن دورك في الفيلم؟ أقدم شخصية “ندى” وهي خطيبة “خالد” الذي يتلقى من خلال هذه التجربة درساً إنسانياً يكسر غروره حيث يتأثر بذوي الهمم وبما يتمتعون به من لطف وروح العمل كفريق ووعي قوي ببعضهم البعض وبمدربهم. أما شخصية “ندى” فتشبه شخصيتي قبل 20 عاماً. وأشعر أيضاً أن شخصية “ندى” عادية جداً، فهي مدرسة بيانو، وشقيقها من ذوي الهمم، وترغب في الزواج والإنجاب مثل أي فتاة.ما الذي حمسك للمشاركة في هذا الفيلم مع أن الدور عادي كما قلت؟الفيلم من إخراج وتأليف الإسباني مانويل كالفو وشاركه في إعداده خافيير فيسر وهو مقتبس من مسرحية للكاتب الإسباني الشهير ديفيد ماركيز، وقد قُدمت القصة الأصلية في فيلم سينمائي إسباني كذلك، قبل أن يقوم الكاتبان السعوديان مرام طيبة ووائل السعيد، بتطوير هذه القصة وتحويرها بما يتلاءم مع الواقع العربي والمجتمعات العربية. هذا السبب الأول في حماستي للفيلم، أما السبب الثاني هو تمثيلي مع ذوي الهمم. الشخصية التي اؤديها كما قلت عادية بالنسبة لأي ممثل، ولا تمر بأحداث كثيرة، لكنها تحدي في الوقت نفسه، فالشخصية العادية يكون من الصعب خلق التوازن فيها ما بين الملل، بسبب كونها بسيطة وعادية، وما بين المتعة للمشاهد، وهذا ما حاولت خلقه في فيلم “أبطال”.كيف وجدت التعاون مع ذوي الهمم؟تعلمت منهم الكثير، وكأني دخلت ورشة عمل في التعامل مع النفس والذات، وهم أساتذة في التعامل مع من حولهم، ويهتمون بكل الأشخاص ويعبرون عن مشاعرهم من غير خجل، وهذا ما يجب أن نتعلمه منهم. علموني أكون صادقة وعلموني الشفافية، كما علموني كيف أتعافى من الخذلان، وكيف أطلب الاعتذار لو شعرت أن من سأعتذر منه يستحق الاعتذار.يُلاحظ أنك تختارين أدواراً مختلفة، هل لهذه الأدوار تأثير عليك؟ الأدوار التي أجسدها تؤثر علي نفسياً، لكني أحاول أن أفصل بين فاطمة وبين الدور. والتأثير يمكن أن يكون إيجابياً، فهو ليس دائماً سلبياً. وتجسيد أدوار متعددة يجعلني أكتشف ذاتي أو صفات بداخلي وأطلقها، وهذه هي متعة التمثيل. ولا أحد يحب مشاهدة شخصيات سطحية، لأنها مملة وسخيفة. أنا أحب خلق حالة في الشخصية حتى لا تصبح مملة وأحب أن أخلق عمق ومتعة في الشخصية، مثلماً فعلت في دوري بمسلسل “60 دقيقة” حيث جسدت شخصية “سارة” التي تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة. أنا كفاطمة لم أخض تجربة الولادة من قبل، لكني بحثت وقرأت عن تفاصيل الاكتئاب وسألت أشخاص مروا بهذه الظروف، بجانب دراستي في مجال علم النفس والذي يساعدني كثيراً في اختيار أدواري وأيضاً تجسيدها.

فاطمة البنوي

أنت مخرجة وممثلة فكيف تواجهين الصراع بين نظرة المخرج ونظرة الممثل بداخلك؟هذا الصراع يحدث فعلاً، لكني أحاول أن أضع نفسي في مكان المخرج الذي أتعامل معه وأحترم رؤيته. ورؤية المخرج هي نتاج سنوات من العمل والدراسة. وأنا أجسد أدواراً مختلفة، لكن ليس كل دور يمنحني نفس الحرية.

بالنسبة للورش الخاصة بالتمثيل التي تقدمينها، هل تعتبرين أن التعليم الأكاديمي مهم للممثل؟ في السعودية، الغالبية العظمى للممثلين ليسوا خريجي هذا التخصص، قد يكونون قد شاركوا في مسرح المدرسة وهما صغار ليس أكثر. ودائماً أقول للمبتدئين في المجال: يمكن أن تكون مبتدئا ولكن قوي ومتمكن وتثبت جدارتك أكثر من شخص آخر يقال إنه ممثل معروف لكن ليس لديه أريحية مع نفسه ونقاط ضعفه وقوته. فهؤلاء بارعون كممثلين لكنهم يجسدون نفس الأدوار. في المقابل هناك أشخاص لا خلفية لديهم في مجال التمثيل، لكن لديهم أريحية في التعامل مع أنفسهم، وهذا هو الإنسان الرائع أمام الكاميرا. وعند مشاركتي في فيلم “بركة يقابل بركة” لم يكن لدي أي خلفية في التمثيل، لكني كنت عفوية، وهو ما أحاول أنا أحافظ عليه حتى يومنا هذا.ما جديدك خلال الفترة القادمة؟ أنتظر عرض فيلم “سكة طويلة” في دور العرض السينمائية، وهو من إنتاج MBC Studios وإيمج نيشن، وقد عُرض الفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، كما تم عرضه ضمن برنامج ليالي السينما السعودية الذي أقامه مهرجان البحر الأحمر في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) بمدينة الظهران يوم 15 مارس الماضي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version