تُعد عناصر الأمان في السيارة أحد أهم الميزات التي يبحث عنها مشترو السيارات عند التفكير في شراء سيارة جديدة، إذ ترتبط بشكلٍ مباشر بسلامتهم وحياتهم.

فوفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، يلقى نحو 1.9 مليون شخص حتفهم سنوياً حول العالم بسبب حوادث الطرق، بينما يتعرض ما بين 20 و50 مليون شخص لإصابات تتفاوت بين البسيطة والمسببة للإعاقة جراء تلك الحوادث.

وبحسب التقرير، تُعد الحوادث المرورية السبب الأول للوفاة بين الأطفال والشباب من عمر 5 أعوام حتى 29 عاماً.

خسائر اقتصادية وبشرية

عادة ما تتسبب الحوادث المرورية في خسائر مادية هائلة، ليس على مستوى الأفراد والعائلات فحسب، بل وعلى مستوى اقتصادات الدول أيضاً نتيجة تكاليف العلاج وضعف الإنتاجية الناجم عن مقتل وإصابة الضحايا.

وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، تخسر دول العالم نحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الحوادث المرورية، على سبيل المثال، تكبدت الولايات المتحدة خسائر تُقدّر بـ340 مليار دولار نتيجة حوادث الطرق عام 2019، بحسب تقرير (إدارة السلامة الوطنية على الطرق السريعة) الصادر عام 2023.

وحددت المنظمة عدداً من الأسباب الأكثر شيوعاً للحوادث، ومن بينها السرعة الزائدة، والقيادة تحت تأثير المواد الكحولية والمخدرة، وضعف البنية التحتية للطرق، وضعف هيكل السيارة، مشيرة إلى أن متانة الهيكل تلعب دوراً أساسياً في تقليل احتمالات الوفاة ودرجة الإصابة عند التصادم.

وشددت المنظمة على ضرورة التزام جميع مصنّعي المركبات باشتراطات الأمان المطلوبة لتخفيف آثار التصادم.

وهناك العديد من الهيئات الحكومية وغير الحكومية التي تم إنشاؤها لاختبار مدى مطابقة المركبات لمعايير السلامة المطلوبة، ومن بينها البرنامج الأوروبي لتقييم السيارات، وإدارة السلامة الوطنية على الطرق السريعة، ومعهد تأمين السلامة على الطرق السريعة بالولايات المتحدة.

تكلفة باهظة.. لكن حياة الركاب أغلى

من جانبها، تحرص شركات السيارات المرموقة على إجراء اختبارات التصادم لسياراتها الجديدة قبل إطلاقها بالأسواق، وتتكبد في سبيل ذلك ملايين الدولارات نتيجة تحطم السيارات المستخدمة في الاختبار بشكلٍ كامل في معظم الأحيان.

وكلما زادت قيمة السيارة زادت التكلفة التي تتكبدها الشركة، لكن هذه التكلفة الباهظة تبدو ضئيلة أمام حماية حياة الركاب والحفاظ على سمعة الشركة المصنّعة.

وإلى جانب اختبارات الشركات، تقوم بعض المنظمات المستقلة بإجراء تقييمات لمعايير السلامة للعلامات المختلفة، ومن بينها (معهد تأمين السلامة على الطرق السريعة) الذي يُجري أربعة اختبارات أساسية لتقييم متانة السيارة، وهي: الاصطدام الأمامي المتوسط، والاصطدام الأمامي البسيط (من ناحية مقعد السائق)، والاصطدام الأمامي البسيط (من ناحية الراكب الأمامي)، والاصطدام الجانبي.

ويُجري المعهد تلك الاختبارات في المنشآت التابعة له ويشتري السيارات المراد تجربتها من ميزانيته الخاصة، لكن إذا تم اختبار إحدى السيارات بناءً على طلب الشركة المصنّعة، فإن الشركة تتحمل تكلفة السيارة التي يتم تحطيمها خلال الاختبار.

اختبارات الاصطدام الأمامي

تُعد التصادمات الأمامية أكبر سبب للوفاة في حوادث السيارات، ووفقاً لخبراء المعهد كانت معظم السيارات تسجّل أداءً ضعيفاً في السابق في اختبارات الاصطدام الأمامي، لكنها تحسنت كثيراً خلال السنوات الأخيرة بفضل تطور اشتراطات السلامة.

فاليوم أصبحت مقصورة الركاب أكثر متانة مما كانت عليه في الماضي، ما يمكّنها من الصمود في حالة الارتطام ويعطي الفرصة للوسائد الهوائية وأحزمة الأمان للقيام بدورها في حماية السائق، كما تمت إضافة تحسينات لزيادة درجة الأمان لركاب المقاعد الخلفية التي لم تكن بالأمان المطلوب في السابق.

وفي هذا النوع من الاختبارات، يتم تسيير السيارة بسرعة 40 ميلاً في الساعة في مواجهة حاجز شبكي مصنوع من الألومنيوم، بشكل يضمن ارتطام 40 في المئة من إجمالي مقدمة السيارة بالحاجز.

في البداية، كان يتم وضع دمية تحاكي السائق في المقعد الأمامي، لكن عام 2002 تمت إضافة دمية جديدة في المقعد الخلفي بحجم يماثل امرأة صغيرة الحجم أو طفلاً في الثانية عشرة من العمر لتقييم تأثير الارتطام على ركاب المقعد الخلفي أيضاً، والذي لم يكن مدرجاً في الاختبارات السابقة.

ويقيّم الخبراء درجة أمان كل سيارة بناءً على ثلاثة عوامل هي: درجة اقتحام الحاجز للمقصورة، ومدى إصابة الركاب (والتي يتم قياسها عبر المجسات المدمجة في دمى الاختبار)، ودرجة اندفاع الدمى أثناء الارتطام.

اختبارات الاصطدام الجانبي

الاصطدامات الجانبية مسؤولة عن نحو ربع وفيات الركاب في حوادث الطرق بالولايات المتحدة الأميركية، وتُعد حماية الركاب من هذا النوع من الارتطام أكثر صعوبة نظراً لأن جوانب السيارة تكون أقل سمكاً من مقدمتها، وبالتالي لا توفّر مساحة كافية لامتصاص الصدمة وحماية الركاب داخل المقصورة.

وحتى وقت قريب، كانت (إدارة السلامة الوطنية على الطرق السريعة) بالولايات المتحدة تجري اختبارات الاصطدام الجانبي باستخدام حواجز الاختبار المصممة بناءً على مواصفات سيارات الثمانينيات.

لذلك قرر (معهد تأمين السلامة على الطرق السريعة) عام 2021 تطوير هذا الاختبار ليشمل حواجز أكثر واقعية تتناسب مع تصميم سيارات اليوم من حيث الوزن والارتفاع وغيرهما من المواصفات الحديثة، وذلك لتقديم محاكاة أدق لآثار التدمير الواقعية التي يُمكن إلحاقها بالمركبة نتيجة الارتطام.

وفي هذا الاختبار، يتم تسيير مركبة مزودة بحاجز معدني بوزن 4200 رطل بسرعة 37 ميلاً في الساعة تجاه السيارة المراد اختبارها، ويتناسب الحاجز الجديد بشكلٍ أكبر مع ارتفاع وتصميم السيارات الحديثة ويوفر طاقة ارتطام أقوى بنسبة 82 في المئة مقارنة بالاختبار القديم.

بعد ذلك، يقيّم الخبراء درجة أمان كل سيارة فيما يتعلق بالتصادمات الجانبية بناءً على ثلاثة عوامل هي: درجة إصابة السائق والركاب، ومستوى حماية الرأس، ومدى تحمل هيكل السيارة.

السيارات الأكثر أماناً

يكشف (معهد تأمين السلامة على الطرق السريعة) كل عام عن قائمة بالسيارات الأكثر أماناً بناءً على أداء كل سيارة في هذه الاختبارات.

وفي عام 2023، تصدرت هوندا سيفيك هاتشباك قائمة المركبات الأكثر أماناً في فئة السيارات الصغيرة، تليها هوندا سيفيك سيدان ومازدا 3 هاتشباك، ومازدا 3 سيدان، وسوبارو كروستريك واجون، وتويوتا كورولا هاتشباك، وتويوتا كورولا سيدان.

وبشكلٍ عام، توفر المركبات الأكبر حجماً والأثقل وزناً حماية أفضل للركاب مقارنة بنظيراتها الأصغر، لأن مقدمة السيارة الأطول تمتص قوة الصدمة، وبالتالي يقل تأثيرها على السائق والركاب، كما أن المركبات الأثقل عادةً ما تواصل التحرك للأمام بعد الاصطدام، ما يخفف تأثير الصدمة على الركاب أيضاً.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version